ندوة «أزمة التطور الحضاري» تحدد أسباب التخلف السياسي والفكري

نشر في 16-01-2014 | 00:02
آخر تحديث 16-01-2014 | 00:02
No Image Caption
اعتبرت أن تأخر التنمية والتضييق على الحريات أبرز المشكلات

ركزت الندوة الفكرية «أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي- إعادة تفكير»، على التخلفين الفكري والسياسي وأبعادهما الحضارية.
حدد المشاركون في «أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي- إعادة تفكير» أسباب تأخر الدول العربية عن مثيلاتها في العالم فكرياً وسياسيا، جاء ذلك ضمن الندوة الرئيسية التي ينظمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في مهرجان القرين الثقافي الـ20 بفندق مارينا.

بداية، قسّم الدكتور رضوان السيد ورقته البحثية «التخلف العربي وأبعاده الحضارية» إلى أربعة أقسام، أولا: مسألة الحضارة والحضارة العربية بالذات، في رؤى المفكرين العرب في الأزمنة الحديثة، ثانيا: التطور الجديد للنظر في المسألة خلال العقود الخمسة الماضية، ثالثا: طبائع الدولة والسلطة في العالم العربي في ظروف الحرب الباردة، وتأثيراتها في التعامُل مع المسألة، رابعا: السياقات العالمية لمسألة الثقافة في زمن الحرب الباردة، ثم زمن الهيمنة الأميركية والعولمة.

وشدد السيد على أن التخلف له مستوياتٍ متعددة منها تخلُّف عن المسار العالمي لانتظام المجتمعات والدول والتقدم النوعي وتخلف في مجال إقامة الدول الوطنية الجامعة والدافعة باتجاه قضايا المواطنة والحريات وإنسانية الإنسان، وكذلك تخلُّف فظيع في قضايا التنمية ونوعية العيش.

المثقف العربي

وبشأن الأصوليات الإسلامية، يوضح أنها كانت نتيجة أو نتائج للتخلف المفروض على العرب، وأن هذه الأصوليات تأتي في المنزلة الخامسة أو السادسة في تعداد عوامل التأزُّم الحاصل، مؤكدا أن المثقفين العرب لم يقوموا بواجبهم ويكملوا ما بدأه نظراؤهم في الألفية الماضية لذلك لم يظهر أي مشروع نهضوي، فانصرفت الثقافة  في حقبتي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي إلى نقد الموروث وليس الحاضر، وتماشياً مع هذا الواقع عجز المثقف العربي أمام التأزم الهائل والمذابح والإبادات ومعضلات الحاضر.

ولفت السيد الى أنّ العرب تنقصهم مؤسسة الدولة الوطنية أو القومية وكذلك مؤسسة أو جمهرة علماء تمثل الأمة ومثقفيها تعيش في الحاضر وتفكّر في المستقبل، وغياب هذين العاملين في الأزمنة الحديثة والمعاصرة أدى إلى التدهور والضياع، بل إنّ عسكريي الأمة ومثقفيها اشتغلوا ضدَّها، وحالوا دون تقدمها وانتظامها.

التخلف المعرفي

وبدوره، استعرض د. محمد نور الدين أفايه مظاهر التخلف المعرفي العربي، مبيناً أن الغرب بدأ منذ القرن التاسع عشر إلى إجهاض كل محاولات النهوض العربية الإسلامية إلى الآن، وفي كل مرة يجد الوسائل الملائمة لإدامة التأخر التاريخي العربي، ما أدى إلى ظواهر فكرية وسياسية تمكن الفكر العربي من التقاط بعض أسبابها ومكوناتها بطرق عقلانية، وفلتت منه مستويات متعددة من هذه الظواهر، لاسيما ما يتعلق بالتعبيرات الانفعالية والعاطفية لمختلف الخطابات العربية أو التجليات الرمزية والمتخيلة للصيغ والمواقف التي تتخذها هذه الفئة أو تلك إزاء الوقائع العربية.

وأضاف: «هل الضعف المعرفي الملتصق بالفكر العربي راجع إلى ارتهانه للاعتبارات الايديولوجية مادامت المسألة السياسية طغت على هذا الفكر منذ بداياته النهضوية إلى الآن؟ أم أن الأمر مرتبط في الأساس «الإبيستيمي» المعرفي العميق الذي تتحرك داخله اللغة والأفكار والمفاهيم؟».

التخلف السياسي

تناولت الجلسة الرابعة محور «التخلف السياسي وأبعاده الحضارية» وتحدث فيها كل من د.عبدالله القويز ود. اسماعيل الشطي وأدارها المستشار بالديوان الأميري محمد أبو الحسن، وحرص د. عبدالله القويز على تقديم تعريف التخلف السياسي في مستهل بحثه، ثم انتقل إلى محور آخر يتعلق بالوحدة العربية، وأردف: «ان التحديات الداخلية والخارجية التي يتعين على قيادات الدول العربية التعامل معها بكل جدية، وأول هذه التحديات هو العامل الديموغرافي، فإن على العرب تعزيز ترابطهم الاقتصادي والتفاوض مع الكتل الاقتصادية العالمية كسوق واحد».

وفي ما يتعلق بإعادة كتابة التاريخ، قال لا بد من حشد الجهود لإعادة كتابة تاريخنا بحلوه ومره وتخليصه من تلك الهالة التي تكبل الأحياء، كل أمم الأرض أعادت النظر بتاريخها مهما كان مجيدا تركته يستريح وانطلقت لبناء مستقبلها.

النموذج الغربي

أما د. اسماعيل الشطي حذّر من الاعتماد على النموذج الغربي في قياس الحضارة والتقدم والتخلف، معتبراً أن الصراع كان ولايزال أساس العلاقة بين المخلوقات في التصور الغربي، وكانت الحياة ثمرة القوة، ولذا لا تجد في المنظومة القيمية الغربية أي غضاضة في الانحياز للقوي «الرجل الأبيض» ومنحه جدارة الحياة أو الرفاه على حساب حياة الضعفاء، وقد أفرز هذا التصور حضارة عنصرية منحازة لأعراق من دون أعراق ولديها هوس هستيري في حيازة القوة، وانتهى بنظام رأسمالي يقدس الحرية ما دامت تضمن له النمو على حساب العدالة، وأصبح استنزاف ثروات الكون سمة من سماته البارزة.

وتابع: «لم يشهد منذ بدء الخليقة حضارة وضعت الحياة برمتها تحت تهديد الإبادة والدمار كما تفعل حضارة الغرب اليوم، وأن الوطن العربي لا يمكنه مجاراة الحضارة الغربية بمنجزاتها المادية والمعرفية، ولكنه يستطيع أن يقدم تصورا للحياة يعيد لها طهرها الذي لوثته الحضارة الغربية بأسلحة الدمار الشامل».

back to top