وودي آلن... نجم الفكاهة الذكي
قبل أن يعِدّ وودي آلن الأفلام (Magic in the Moonlight فيلمه الرابع والأربعون خلال عمله كمخرج طوال 48 سنة)، عمل كاتب نكات، ثم كاتباً تلفزيونياً وفكاهياً يقدّم عروضاً قصيرة. هنا لمحة عن بعض إنجازاته.
في مقال من عمود Tower Ticker في عدد 31 يوليو 1963 من صحيفة Chicago Tribune، كتب الصحافي هيرب ليون: {يُعتبر برنامج مطعم Mister Kelly اليوم مع نجم الفكاهة الشاب الصاعد وودي آلن ومرددة الأغاني الشعبية نانسي ويلسون، مميزاً بالفعل. وهكذا يجب أن تكون الأعمال الكبيرة. إنه متقن. أما دعابة الأسبوع، فهي بالتأكيد نوم وودي الذكي عميقاً وسط أحد البرامج الحوارية التلفزيونية في تلك الليلة}. هيرب كان يعتبر الممثلات كسلع لا مؤديات وأعتاد أن يعتبر المغنيات مجرد «مرددات لأغنيات شعبية».في المرة الوحيدة التي التقيت فيها نجم الفكاهة الصاعد آنذاك، كنا في غرفة الحمام وراء الصالة الرئيسة لمطعم «مومي» في هايد بارك في وسط المدينة. رحت أتأمل أعلى رأس وودي الرمادي المشعث، فيما أخذ هو يقرأ قصاصة من صحيفة.راح آلن، البالغ من العمر اليوم 78 سنة، يتكلم بهدوء وروية، وفي عباراته ما زال يطل أحياناً ذلك الفكاهي: «نعم، هذا صحيح. ما زلت أذكر. كان برنامج أورف كوبسينيه. أغمضت عيني، وأعتقدت أن هذه حركة تدل على النوم. أعتقد أنني كنت متعباً من الحياة الليلية. عندما أتيت إلى شيكاغو، عشت حياة ليلية صاخبة لأنني كان لديّ أصدقاء هنا. بعد برنامجي المتأخر في Mister Kelly، كانوا يصطحبونني لتناول الضلوع في مكان ما، ثم نقصد منزلاً ما حيث نتسامر مع رجال ونساء عالم التسلية والترفيه حتى الرابعة صباحاً. بعد ذلك كنت أعود إلى المنزل في أستور تاور حيث أقيم. ما كان اسم الفندق المجاور لأستور تاور؟}.أخبار سيئةيُعتبر Magic in the Moonlight آخر مشاريع آلن، فيلم فكاهي يتناول عصر الجاز خلال حقبة الريفييرا الفرنسية المشهورة. تدور أحداث الفيلم حول مؤدٍّ يعمل في مجال السحر (كولين فيرث) يسعى إلى فضح وسيطة روحانية (إيما ستون). وسيحضر آلن إلى شيكاغو في خطوة نادرة بهدف الترويج للفيلم. ويعود ذلك إلى أن المستثمر الأساسي في Magic and the Moonlight، رونالد ل. تشيز من شركة Merriman Capital.Inc. يقيم هناك. أخبرني تشيز أنه استثمر نحو تسعة ملايين دولار في الفيلم، أي نصف ميزانيته تقريباً. كذلك خصص أكثر من عشرين مليون دولار لمشاريع آلن الثلاثة المقبلة. ينصحني تشيز: {اكتب أموراً جيدة عن وودي، فهو رجل لطيف}. يلمح تشيز إلى أخبار سيئة مست آلن أخيراً. ففي مطلع هذه السنة، اتهمت ديلان فارو، ابنة ميا فارو المتبناة، آلن بالتحرش بها عندما كانت في السابعة من عمرها، حين كانت علاقة تجمع آلن بفارو. فرد آلن على التهم في مقال نُشر في صحيفة {نيويورك تايمز}، مؤكداً براءته ومنهياً هذه المسألة، منذ عام 1997، عندما تزوج آلن سون-وي بريفين، ابنة متبناة أخرى لميا فارو من علاقتها مع أندريه بريفين.يجيب آلن بكل بساطة كل مَن يسأله عن تهم ديلان فارو: {ابحثوا عنها على غوغل، فهذه مسألة منتهية بالنسبة إلي}.لا شك في أنك ستقع عند البحث عنها على غوغل على مجموعة متضاربة من الآراء حول وودي آلن وحياته بعيداً عن الشاشة. يقول: {لا أعلم أي شيء عن هذه المسألة. فلم يسبق أن بحثت عن أي تفصيل عن حياتي على غوغل. لا أهوى التكنولوجيا. لا أملك كمبيوتراً، بل أستخدم آلة كاتبة. لا ألجأ إلى غوغل. لا أستخدم الرسائل النصية، ولا أعرف عالم التكنولوجيا هذا البتة. لكني واثق من أنني قلت كل ما أود ذكره عن هذه المسألة. ويمكنك قراءته في مكان ما}.متحفظ وذكياعتاد آلن أخيراً إعداد فيلم كل سنة، مصوراً أعماله خارج نيويورك خلال الصيف، لتتمكن زوجته وولداه من مرافقته إلى باريس (Midnight in Paris)، روما (To Rome With Love)، أو سان فرانسيسكو (Blue Jasmine). كذلك صور الجزء الأكبر من Magic in the Moonlight في جنوب فرنسا الصيف الماضي.يصف الممثل سيمون ماكبورني آلن بأنه {متحفظ جداً جداً، إلا أنه ذكي جداً جداً أيضاً. كان المطر ينهمر ذات يوم في موقع التصوير. فسألته: {وودي، ما العمل؟}، فأجابني: {لا أملك أدنى فكرة! لا أملك أدنى فكرة! أحاول دوماً استباق الأمور، أشبه الرجل الذي يذهب لصيد السمك، إلا أنه لا يعرف ماذا اصطاد إلا عندما يعود إلى المنزل}. يكشف وودي وجهاً إضافياً في شخصيته في كل عمل جديد له. وهنا تكمن أهمية الفنان. تشكل أعماق شخصيتك مخزونك الذي لا ينضب}.تذكر إيلان أتكنز، التي أدت دور عمة شخصية فيرث، أنها تعتبر آلن {مذهلاً جداً}. وتضيف: {لم أتوقع ذلك مطلقاً. إنه الشخص الوحيد الذي استمتعت بأعماله طوال حياته. لا شك في أن بعض إنجازاته جاء أكثر إتقاناً من غيره. لكنك تقول عنها كلها إنها ممتازة بالتأكيد}.السحر، الخداع، والحيل محور طويل الأمد قدمه آلن، سواء على المسرح (The Floating Light Bulb) أو في أعمال عدة على الشاشة. عندما كان آلن طفلاً في بروكلين، لم يعمل {كساحر، بل لاعب خفة}. يوضح: {كانت الخدع باهظة جداً بالنسبة إلي ولم أستطع تحمل كلفتها. لكنني اشتريت بعض الحيل لقاء خمسة أو عشرة دولارات: حيلة أباريق الحليب، الحلقات المتداخلة، وغيرهما. لم أستطع شراء مقصلة أو أدوات قطع امرأة إلى نصفين. فكانت هذه الخدع تكلف نحو 150 دولاراً. لذلك صببت اهتمامي على ألعاب الخفة. اعتدت شراء الكثير من الكتب، وأحببت العمل بورق اللعب، المناديل الحريرية، طابات البليارد، السجائر، والقطع النقدية. كنت أضع ثلاث مرايا متواجهة وأتمرن بدأب وحدي دوماً. ويبدو أن بعض هذه الأمور تعلق بشخصيتك ولا تتخلص منها مطلقاً}.