عندما تباهى أحد مديري شركة وال مارت في مؤتمر غولدمان ساكس للمستثمرين في شهر سبتمبر الماضي بأن كل موظف من بين 475 ألف موظف في متاجر الشركة في الولايات المتحدة يحقق دخلا سنويا يزيد عن 25000 دولار، فان ذلك يعني أن شريحة واسعة من عمالها البالغ عددهم داخل الولايات المتحدة 1.4 مليون يحققون مبلغاً أقل، وأدى ذلك الى تفجر جدال كان يعتمل منذ زمن طويل حول الأجور التي تدفعها الشركة. وفي الأسبوع الماضي أفضى احتجاج واسع خارج متجر وال مارت في ولاية كاليفورنيا الى اعتقال 50 متظاهراً.

Ad

ويقدر موقع «بيسكيل» لمعلومات الرواتب أن راتب الرئيس التنفيذي لشركة وال مارت مايك ديوك في سنة 2012 والبالغ 23.2 مليون دولار يعادل 1034 مرة أكثر من أي عامل عادي في الشركة. وقد وصفت وال مارت الرقم بالمضخم.  كم يتعين على وال مارت أن تدفع لموظفيها؟ من أجل معالجة هذا السؤال المحير، درست حفنة من الأرقام وخلصت الى هذه النتيجة: يجب أن يحصل عمال وال – مارت على زيادة قدرها 50 في المئة. ويتعين على الشركة ألا تخيب آمال وول ستريت لتحقيق ذلك. وسأشرح العملية الحسابية بالتفصيل هنا:

يوجد عدد من الطرق للرد على السؤال المتعلق بما يتعين على وال مارت دفعه الى موظفيها. وتتمثل احدى الإمكانيات في الأجر الأدنى الذي تستطيع الشركة دفعه – وقد تكون الوسيلة التي ربما يتبعها العديد من أرباب العمل، ولكنها تبعد كثيراً عن الرد الاقتصادي الأفضل. والموظفون الذين يتلقون أجوراً أفضل ربما يعملون بجهد أكبر ويواصلون العمل في الشركة لفترة أطول. واذا حقق الموظف المزيد من الدخل سوف يتوافر لديه المزيد لإنفاقه في وال مارت.

يجادل العديد من النقاد بالقول إن تحقيق وال مارت لـ17 مليار دولار على شكل أرباح في السنة الماضية يعني أنها تستطيع أن تتحمل دفع المزيد من الأجور، وعليها واجب للقيام بذلك. وهذا سخيف أيضاً. اذ يتعين على الشركات العامة تحقيق ما يكفي من الأرباح لإرضاء المساهمين، والا فإن أسهمهم سوف تتعثر ويتعرض المديرون للطرد.

لقد توصلت أنا الى ما أشعر انه طريقة أفضل وعلمية بقدر أكبر لتحديد الجواب. ثم دعوت اثنين من الاقتصاديين البارعين حقاً لمراجعتها. وقال سندهيل موليناثان الذي يدرس في معهد ماساشوستس للتقنية والذي حصل على منحة ماك آرثر لعمله في مجال سلوكيات الاقتصاد قبل عدة سنوات إنه توصل الى استنتاج مماثل لما خلصت أنا اليه. ويقول إن لدى الشركات درجة أكبر من حرية التصرف والاستنساب ازاء تحديد الأجور تفوق ما تعلن عنه. ويضيف «إن السؤال ليس ما اذا كان هذا ممكناً بل لماذا لا يعمد البعض من الشركات الى القيام به بذلك. وقد امتنعت وال مارت على طلبي منها التعليق على هذه المسألة.

ومن دون مزيد من الضجة، هذه هي طريقتي: لنبدأ بمبيعات وال مارت، ثم نقوم بطرح ما يتعين عليها دفعه الى موردي السلع التي تملأ رفوف متاجرها – وقد وصل الرقم في الربع الماضي الى 28.7 مليار دولار.

ما تبقى هو ربح اجمالي. ويتعين على شركة وال مارت، مثل كل الشركات، تقسيم ذلك على 3 فئات: حملة السندات، وحملة الأسهم والموظفين. كم يتعين أن يكون نصيب كل فئة؟ الأمر بالنسبة الى حملة السندات سهل، فقد وافقوا سلفاً على معدل فائدة. وفي الربع الماضي بلغت دفعات الفائدة من وال مارت 553 مليون دولار. ويترك هذا لدينا 28.2 مليار دولار، وفقاً للربع الماضي، أو 112.8 مليار دولار سنوياً.

عائدات الأسهم المقياس

كم يجب أن تدفع الى المساهمين؟ مسألة محيرة بقدر أكبر قليلاً، ولكنك تستطيع معرفة ذلك عن طريق النظر الى السوق، وهنا يأتي دور حساباتي. تميل تقييمات سوق الأسهم وعائدات الأسهم الى المضي جنباً الى جنب. وعائدات الأسهم هي المقياس الذي يحدد معدل دخل الشركة مقارنة مع قيمتها الصافية، وهي في بعض الأحيان تدعي حصة المساهم. وقد أجرى تشارلز لي الاقتصادي الثاني الذي شارك في المراجعة وهو بروفيسور شؤون مالية في جامعة ستانفورد الكثير من الأبحاث التي تظهر أن المستثمرين يرغبون بدفع المزيد الى شركات تستطيع تحقيق عوائد أعلى على أسهم المساهمين.  ولكن في وسعك أيضاً استخدام بحث تشارلز لي لمعرفة ما يتطلع اليه مستثمرو وال مارت من عوائد. المعدل الوسطي لعائدات أسهم باعة التجزئة في اس أند بي 500

(اس بي اكس) هو 16.95 في المئة. ويتم تداول أسهمهم عند نسبة السعر الى القيمة الدفترية عند 2.9 وتلك النسبة لدى وال مارت عند 3.5 وهي أعلى بنحو 20 في المئة بالنسبة لهذه الفئة، وهو ما يعني أن المستثمرين، وفقاً لسعر السهم الحالي في وال مارت أي 79 دولاراً، يتوقعون أن ينتج عائدات أسهم أعلى من المعدل.

كم أعلى؟ يقول تشارلز لي إن العلاقة ليست متساوية، أو واحد مقابل واحد. ولنقل 18 في المئة، وذلك يعني، على أساس السعر الحالي لسهم وال مارت ان المستثمرين يتطلعون الى عائد يبلغ 20 في المئة. وعلينا أن نتذكر أن وال مارت لا تدفع فعلياً أموالاً الى المستثمرين، لأن معظم تلك الأموال يعاد استثمارها في أعمال الشركة. ولكنها توزع بعضا من المال على شكل أرباح، كما أن لديها أعلى معدل توزيع للأرباح من بقية باعة التجزئة في مؤشر اس أند بي 500 بما يعادل 2.4 في المئة مقابل 1.3 في المئة. واذا قمنا بتعديل ذلك مع تقييم وال مارت مقابل شركات التجزئة الاخرى فإن ذلك يعني أن 4.6 في المئة من العوائد التي يتطلع اليها المساهمون تأتي من توزيعات أرباح وال مارت الكبيرة. وذلك يعني أيضاً أن عائدات الأسهم التي تدفعها لإرضاء المستثمرين بعد الأرباح تصل الى 15.4 في المئة، وعائدات وال مارت الفعلية الحالية هي 21 في المئة. ويقول تشارلز لي «ان ذلك يفيد بأن مستثمر وال مارت يعتقد أيضا ان على الشركة أن تدفع المزيد من المال الى موظفيها، أو انه يتوقع انها سوف تقوم بذلك».

2.2 مليون موظف

كم هي الزيادة؟ لدى وال مارت قيمة دفترية تبلغ 76.7 مليار دولار. واذا طرحنا 15.4 في المئة منها فإن ذلك سوف يعني تطلع المستثمرين الى دفعات بقيمة 11.8 مليار دولار في السنة، وذلك يترك 101 مليار دولار للدفع الى الموظفين.

لقد دفعت وال مارت في السنة الماضية 66.7 مليون دولار الى كبار المديرين التنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة. ويتعين توزيع بقية الأموال بين بقية الموظفين الذين يبلغ عددهم بشكل تقريبي 2.2 مليون شخص. ومن بينهم يوجد حوالي 1.4 مليون يعملون في الولايات المتحدة. ومع افتراض أن وال مارت تدفع نحو ثلثي رواتبها لموظفيها في الولايات المتحدة، لأن الرواتب هنا أعلى بصورة عامة، فإن ذلك يترك 66.6 مليار دولار للعمال في الولايات المتحدة، أي 47593 دولار. ويقدر مكتب احصاء العمل أن 30 في المئة من اجمالي تعويضات العمال الأميركيين العاديين تنفق على المعونات.

وذلك يعني أن راتب موظف وال مارت الوسطي يجب أن تكون 33315 دولار

ولكن وال مارت لا تعلن عن متوسط الراتب الفعلي، وحسب تقديرات «بيسكيل» فإنه من المفترض أن يصل الى أكثر من 22000 دولار في نهاية السنة الماضية.

وتقول الحكمة طبعاً إن تقديم وال مارت لزيادات في الأجور سوف يفضي الى تراجع في أسعار أسهمها. وذلك ليس صحيحاً، لأن شركة غوغل عندما أعلنت عن زيادة الأجور بنسبة 10 في المئة لموظفيها قبل ثلاث سنوات تراجع سعر سهمها قليلاً، ولكنه تعافى في الغالب خلال سنة، كما أن سعر سهم غوغل اليوم أعلى بنسبة 60 في المئة عما كان قبل تلك الزيادة.             

* (مجلة فورتشن)