ظهر الرئيس المصري الجديد عبدالفتاح السيسي، أمس، في أول تحرك له عقب توليه السلطة، بزيارة ضحية «التحرش» في ميدان التحرير، مقدماً إليها اعتذار الدولة المصرية، في مشهد نادر الحدوث، ملمحاً بإجراءات مشددة لاستعادة الأمن والأمان في الشارع.

Ad

زار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس ضحية واقعة التحرش التي وقعت في ميدان التحرير الأحد الماضي، بالتزامن مع احتفال الدولة بتسلمه السلطة، واطمأن السيسي على صحة السيدة مقدماً إليها اعتذار الدولة المصرية، في أول تحرك ميداني للسيسي، الذي تولى السلطة مطلع الأسبوع الماضي، وقال إن "استعادة الأمن في الشارع المصري على رأس أولوياته".

السيسي اعتذر إلى السيدة المصرية، خلال زيارته لها في مستشفى "الحلمية" العسكري شرق القاهرة، مقدماً إليها باقة ورد، قائلاً: "إحنا آسفين"، مضيفاً: "بعتذر لك... وجاي أقولك ولكل ست مصرية أنا آسف، بعتذرلكم كلكم"، قبل أن يكلف الأجهزة الأمنية المعنية خلال الزيارة التي بث التليفزيون المصري أجزاء منها ببذل العناية الواجبة للحيلولة دون تكرار مثل هذه الحوادث والقضاء على الظاهرة "الدخيلة على المجتمع".

ووجه السيسي حديثه إلى "كل جندي وضابط شرطة أو جيش وكل مواطن شبَّ على قيم الشهامة والمروءة أن يتصدى لهذه الظاهرة"، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن يستمر هذا الأمر في مصر، مطالباً مؤسسات الدول، ممثلة في القضاء والشرطة والإعلام، بالتصدي لهذه الظاهرة، مؤكداً أن الدولة ستكون في منتهى الحسم.

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة إيهاب بدوي إن "الرئيس السيسي كلف رئيس الحكومة إبراهيم محلب تشكيل لجنة وزارية يشارك فيها الأزهر والكنيسة للوقوف على أسباب انتشار ظاهرة التحرش وتحديد استراتيجية وطنية لمواجهتها، تساهم فيها المؤسسات التعليمية والدينية والإعلامية والأمنية؛ فضلاً عن المجتمع المدني".

وبينما منح السيسي "عمرة" لزيارة الأراضي المقدسة، لضحية التحرش ووالدتها، أعلن وزير الصحة والسكان عادل عدوي، فتح تحقيق موسع لرفض استقبال عدة مستشفيات بالقاهرة للسيدة المتحرش بها، على الرغم من خطورة حالتها.

إلى ذلك، واصل رئيس الحكومة أمس مشاورات تشكيل حكومته الجديدة، وقالت مصادر حكومية لـ"الجريدة" إن "محلب ربما ينتهي من تشكيل حكومته اليوم، أو بحد أقصى السبت المقبل، على أن تحلف الحكومة بكل تشكيلها منتصف الأسبوع المقبل"، مشيرة إلى أن الوزارات السيادية لن يحسمها إلا الرئيس السيسي، مع التأكيد على بقاء وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي في منصبه.

أميركا تهنئ

السيسي الذي بدأ تولي منصبه رسمياً الأحد الماضي، تلقى اتصالاً من نظيره الأميركي باراك أوباما، مساء أمس الأول، لتهنئته على توليه رئاسة مصر، مشدداً على التزام الإدارة الأميركية بالعمل مع النظام المصري الجديد "لتعزيز المصالح المشتركة للبلدين"، مؤكداً استمرار دعم واشنطن "للطموحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولاحترام الحقوق العالمية للشعب المصري".

الاتصال بين الرئيسين المصري والأميركي لم ينف حالة التوتر بين الدولتين، على خلفية تحفظ واشنطن عن الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي، والذي تمثل في تعليق جزئي للمساعدات الأميركية المقدمة لمصر، منذ أغسطس الماضي، وهو قرار لم تتراجع عنه إدارة أوباما حتى أمس، بل إنها لم تفرج بعد عن 10 حوامات من طراز "الأباتشي"، رغم تصريحات من مسؤولين أميركيين في أبريل الماضي بالإفراج عنها.

في الأثناء، تلقت السفارة المصرية في أنقرة رسالة تهنئة من الرئيس التركي عبدالله غول موجهة إلى الرئيس المصري بمناسبة توليه مهام منصبه، وأعرب غول في الرسالة عن سعادته بأن ينقل إلى السيسي "أفضل التمنيات بالسلام والاستقرار والرفاهية لشعب مصر الصديق والشقيق"، مؤكداً "ثقته بأن العلاقات العريقة التي تمتد عبر قرون طويلة بين شعبي مصر وتركيا سوف تستمر في جميع الأوقات".

ولا يخفى توتر العلاقات بين القاهرة وأنقرة، منذ احتجاجات 30 يونيو التي أطاحت بنظام جماعة "الإخوان"، التي اعتبرتها حكومة رجب طيب أردوغان "انقلاباً غير مبرر".

أحكام قضائية

وفي الوقت الذي توقع أغلب المراقبين إصدار الرئيس السيسي قراراً بالعفو عن جميع النشطاء المحبوسين بموجب قانون "التظاهر" المثير للجدل، أصدرت محكمة جنايات القاهرة، أمس حكمًا غيابيًا بمعاقبة الناشط السياسي علاء عبدالفتاح، و24 متهماً آخرين، بالسجن المشدد 15 عامًا، وتغريم كل منهم 100 ألف جنيه، ووضعهم تحت المراقبة 5 سنوات من تاريخ صدور الحكم، إثر إدانتهم بالتظاهر أمام مقر البرلمان بوسط القاهرة، 26 نوفمبر الماضي.

الحكم أثار موجة استياء بين صفوف الناشطين السياسيين والحقوقيين، خاصة بعدما قالت منى سيف، شقيقة علاء، إن أخاها وعددا من زملائه محبوسون حالياً بمعهد أمناء الشرطة بطرة، محل انعقاد المحاكمة، ولم يتم إبلاغ القاضي بوجودهم، مشيرة إلى أن هذا الإجراء تم لمنع شقيقها من المطالبة بإعادة إجراءات المحاكمة والإفراج عنه فوراً، فضلأً عن تشديد العقوبة ضده بحجة تغيبه عن جلسة النطق بالحكم.

من جهة أخرى، قررت محكمة جنايات القاهرة أمس، تأجيل محاكمة مرسي و14 إخوانياً، في قضية اتهامهم بارتكاب جرائم القتل والتحريض على قتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية مطلع ديسمبر 2012 إلى جلسة 22 الجاري، لاستكمال الاستماع إلى أقوال الشهود.