بعد صراع استمر أسابيع بين النظام السوري والائتلاف المعارض بشأن أولوية بند مكافحة الإرهاب أم بند تشكيل هيئة انتقالية خلال مفاوضات «جنيف 2»، قدمت المعارضة أمس وثيقة للحل أربكت النظام مقترحة تشكيل هيئة انتقالية تشرف على وقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة.

Ad

قدم وفد المعارضة السورية المفاوض في «جنيف 2» أمس مبادرة لحل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، واضعا وفد نظام الرئيس السوري بشار الأسد في موقف حرج ومربك.

وتضمنت الوثيقة التي قدمتها المعارضة عدة نقاط أبرزها اعتبار الهيئة الانتقالية هي الهيئة الشرعية الوحيدة التي تمثل سورية، وانسحاب جميع الجهات العسكرية الخارجية المقاتلة، وإشراف الهيئة الانتقالية على تنفيذ اتفاق وقف العنف بمشاركة الأمم المتحدة، وأن يعتبر المقترح برمته إعلانا دستوريا مؤقتا.

وتنص الوثيقة على تأليف لجنة تأسيسية تشرف على دستور جديد يتم طرحه في استفتاء عام تليه انتخابات «حرة و نزيهة»، وتأسيس آليات لمساءلة المسؤولين عن جميع الانتهاكات لحقوق الانسان، وتحقيق المصالحة بين جميع أطياف الشعب السوري. ولم تذكر الوثيقة مصير الرئيس السوري بشار الأسد، لكن مصادر الائتلاف السوري المعارض أشارت الى أن ذلك كان متعمدا لتوضيح أنه لن يكون له دور.

وجاء في الوثيقة المكونة من خمس صفحات: «هيئة الحكم الانتقالي سوف تنفذ وتوجه وتشرف على اتفاق وقف العنف بكافة اشكاله، وذلك من خلال اتخاذ خطوات فورية لإيقاف العنف المسلح بهدف حماية المدنيين وتحقيق استقرار البلاد وبوجود مراقبين دوليين من قبل الأمم المتحدة».  وتدعو الوثيقة كل الاطراف إلى أن «تتعاون مع هيئة الحكم الانتقالي في وقف أعمال العنف بصورة دائمة، ويشمل ذلك اكمال عملية الانسحاب، وتناول مسألة نزع سلاح المجموعات المسلحة وتسريح افرادها أو ادماجهم في الجيش والقوات المسلحة أو في قطاعات الخدمات العامة والمدنية».

وقال المتحدث باسم «الائتلاف الوطني السوري المعارض» لؤي الصافي من جنيف: «قدمنا وثيقة من 22 بنداً نأمل أن يتعامل معها الطرف الآخر بجدية»، وطالب النظام السوري بوقف أعمال القتل، مشددا على أن «الهيئة الانتقالية يجب أن تضم شخصيات تنال رضى الطرفين»، وستتشكل من «شخصيات وطنية وتخلو ممن شارك في الجرائم». وذكر أن «لا استجابة من الوفد الحكومي حتى الآن بشأن الهيئة الانتقالية».

النظام

في المقابل، ساد ارتباك ملحوظ في معسكر النظام، فقد نقل التلفزيون السوري الرسمي أن وفد النظام شدد على أن المفاوضات يجب أن تركز أولاً على محاربة الإرهاب قبل بحث أي قضية أخرى، وأضاف أن الوفد رفض أيضا إجراء محادثات موازية تسمح بإجراء مناقشات متزامنة لقضية تشكيل حكومة انتقالية، وهو الأمر الذي تمنحه المعارضة الأولوية، واصفا هذا الاقتراح بأنه فكرة غير مجدية.

اما نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد فقد امتنع عن التطرق الى وثيقة المعارضة مكررا الاتهامات السابقة للمعارضة بالارهاب وتضييع الوقت، إلا أنه أبلغ «رويترز» في وقت لاحق أن النظام مستعد لمناقشة «اقتراح المعارضة بطرد المقاتلين الأجانب من البلاد» على حد قوله.

فيتو روسي

الى ذلك، اجرى  نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أمس مباحثات مع الممثل الدولي والعربي المشترك الى سورية الأخضر الإبراهيمي في محاولة لدفع عملية التفاوض بين وفدي الحكومة والمعارضة السورية، وذلك عشية اجتماع بين الإبراهيمي مع ممثلين عن موسكو وواشنطن.

وكان غاتيلوف هدد أمس بأن بلاده تعتزم استخدام حق النقض (فيتو) ضد مشروع قرار أعدته دول غربية وعربية حول الوضع الانساني في سورية بمجلس الامن الدولي.

وقال غاتيلوف: «إذا بقي مشروع القرار على شكله الحالي فإن روسيا ستستخدم ضده حق النقض»، واصفاً مشروع القرار بأنه «مسيس جداً»، مشيراً الى «أن اعتماد هذا القرار يفتح الطريق امام استخدام القوة ضد دمشق».

يبرود

ميدانياً، وبعد أسابيع من التجييش الإعلامي في وسائل إعلام لبنانية موالية لنظام الأسد، أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان أمس بأن اشتباكات عنيفة تدور منذ ليل الثلاثاء ـ الاربعاء في محيط  مدينة يبرود القريبة مع لبنان.

وذكر المرصد أن تلك الاشتباكات دارت بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني ومقاتلي «حزب الله» اللبناني من جهة ومقاتلي «الجيش الحر» والكتائب المقاتلة المعارضة الاخرى ومن بينها تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» (داعش) و»جبهة النصرة» من جهة اخرى في منطقة مزارع ريما قرب مدينة يبرود شمال العاصمة دمشق.

وأضاف ان الطيران الحربي نفذ منذ صباح أمس 15 غارة جوية على مناطق في مدينة يبرود ومنطقة ريما مما أدى الى سقوط جرحى وسط استمرار الاشتباكات العنيفة في منطقة ريما ومزارع بلدة رنكوس. والهجوم هو أحدث خطوة في حملة الأسد وحزب الله لتأمين المنطقة الحدودية بين لبنان وسورية وتحصين سيطرة الأسد على وسط سورية من العاصمة دمشق إلى معقله على الساحل. وستعيد معركة يبرود الاهتمام بتورط حزب الله في الحرب السورية، خصوصاً أن الحزب يعتبر أن المعركة هناك حيوية لإحكام سيطرته على الحدود اللبنانية ومنع السيارات المفخخة التي تستهدف مناطق نفوذه رداً على مشاركته في القتال الى جانب قوات الأسد.

(جنيف، دمشق ـــ أ ف ب، رويترز، د ب أ، يو بي آي، كونا)

«داعش» يدمر الكنوز الأثرية

ذكرت صحيفة «اندبندانت» أمس أن الكنوز الأثرية في سورية تواجه التهديد سواء من الجماعات الإسلامية المتطرفة المسلحة، أو اللصوص الذين يستغلون فوضى الحرب المخيمة على البلاد.

وقالت الصحيفة إن المتطرفين الإسلاميين في سورية بدأوا يدمرون كنوزها الأثرية، مثل الفسيفساء البيزنطية والتماثيل اليونانية والرومانية، لأنها تجسد البشر، بشكل يتعارض مع معتقداتهم الدينية وفي أسوأ كارثة تطال الآثار القديمة منذ قيام حركة «طالبان» بتدمير الآثار القديمة بالديناميت في افغانستان، مثل تمثال بوذا العملاق عام 2001 لأسباب ايديولوجية مماثلة.

ولفتت الى أن تنظيم «دولة الاسلام في العراق والشام» (داعش) المسيطر على جزء كبير من شمال سورية، قام بتدمير وتفجير فسيفساء بيزنطية من القرن السادس بالقرب من مدينة الرقة في منتصف يناير الماضي.

وقالت إن الجماعات الاسلامية المتطرفة دمّرت أيضاً منحوتات ومقبرة رومانية في محافظة حلب، واستهدفت عمداً بالرصاص تماثيل أثرية وحطمت بعضها.

ونقلت الصحيفة عن مدير عام الآثار والمتاحف بوزارة الثقافة السورية، مأمون عبدالكريم، ان الجماعات الاسلامية المتطرفة «تمثل خطراً على العديد من الآثار في البلاد، وفي حال استمرت الأزمة فستشهد سورية تدميراً كاملاً لجميع الصلبان والفسيفساء القديمة وآلاف التماثيل الأسطورية اليونانية والرومانية».