تماس بيروقراطي
تهيمن البيروقراطية أحياناً على الجهود المبذولة الخاصة في إنجاح وتطبيق الخطط الاستراتيجية والتنموية، فتصبح كفيله بإعادتنا إلى المربع الأول، أقول ذلك بعدما استعراضنا نتائج مؤتمرات الشباب والتنمية خلال الأعوام القليلة الماضية، فأعادتنا العراقيل البيروقراطية إلى تساؤلات عدة، وقد اخترنا منها القليل.• في شأن جهود حماية الثوابت الوطنية التي تصدرت توصيات مؤتمرات شتى هل استطاع الكادر التعليمي أن ينتج لنا مناهج متجددة للتربية الوطنية أم استراتيجية إعلامية توثق للشعب الكويتي أدواراً لا تنسى في حماية الثوابت الوطنية على مدى الزمن؟ البيروقراطية وحدها كانت كفيلة باختزال الجهود بلوحات غنائية لوزارة التربية وورش عمل لم يؤخذ بتوصياتها.
• في شأن البيروقراطية والشباب، يبدو أن ابتعاد القطاع الخاص عن التكدس الإداري سبب رئيسي في نحاج جهود إعلامه في البرامج الشبابية، فقد نجحت القنوات الخاصة في تكريس ساعات معينة لعرض المشاريع الشبابية والطاقات المبدعة بشكل جاذب، ورسالة صريحة معبرة عن معوقات إنجاز المشاريع الخاصة. • أما العلاقة بين السلطتين فقد تأرجحت بينهما، وانتقلت من هيمنة كتلة برلمانية واحدة في الماضي نجحت في إنشاء لجان للتحقيق رغم استهداف البعض الإخلال بالتوازن الحكومي وبنكهة بيروقراطية إلى كتل غير معلنة نشهد فيها إعادة "فلترة" الاستجوابات بغرض الحفاظ على استمرارية المجلس وإبعاد شبح الحل.• في مكافحة الفساد تأتي ورقة د. عبدالملك التميمي المتميزة حول الفساد في الكويت لتستهدف البيروقراطية أيضاً في مكامن كثيرة منها الجسم التعليمي، وقد أصاب الحقيقة فيما تناوله حول إقبال من هم في سن التقاعد على الدراسات العليا؛ لذلك على جامعة الكويت التقاط هذا المؤشر وفتح برامج للدراسات العليا (الدكتوراه) في المجالات الإدارية والتنموية والتربية والتعليم، الذي أصبح يحمل اسم القيادة والتعليم في الدول التي سبقتنا في السلم التنموي، والتي أيضا طبقت نظرية تمكين المرأة، ولم تخصص للنساء مقاعد برلمانية فحسب إنما أكاديمية للمتقاعدات اللاتي لهن رغبة في نيل درجة الدكتوراه.• وأخيراً جاء في تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في سياق التعليم والتنمية البشرية قائمة بالمبادرات التعليمية "غير التقليدية" والبعيدة عن البيروقراطية في دول التعاون الخليجي، فتصدرتها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا في المملكة العربية السعودية التي قدمت للخريجين رجالا ونساء منحاً دراسية لإجراء بحوث علمية، والإمارات أيضاً عبر مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم التي تقدم الدعم والمساندة مستهدفة المستوى المعرفي والقدرات التقنية، وفي الكويت والبحرين يأتي مشروع الجامعة العربية المفتوحة تحت مظلة الأمم المتحدة، ويرأسها الأمير طلال بن عبدالعزيز، وتعمل بنظام التعلم عن بعد في بعض الدول العربية ونظام التعليم المسائي في دول أخرى كالكويت؛ لذا فقد استطاعت قبول عدد كبير من الطلبة بسبب مرونة وقت المحاضرات، وهي مبادرات مهمة لتعزيز العملية التعليمية، ونموذج التعليم "غير التقليدي" الذي يوفر اختيار "التعليم عن بعد" بعيداً عن البيروقراطية أيضاً.