في يوم الخميس الماضي كنت في السيارة مع عائلتي على الدائري الخامس والنافذة الجانبية مفتوحة للاستمتاع بالجو الجميل، لكن ما إن دخلت شارع التعاون عن طريق "دوار البدع" حتى ألقيت علينا عدة بالونات ماء عن طريق النافذة من بعض الشباب المستهتر الواقف على الشارع إلى جانب العديد من الشباب والأطفال الذين كانون يزعجون مرتادي الطريق برش الماء، و(الشرهه) طبعاً على أهالي الأطفال للسماح لهم بممارسة هذه العادة المتخلفة.
توقفت فوراً لأنهر الشباب على فعلتهم تلك، وذهبت إلى خيمة الشرطة عند محطة النقل العام في منطقة الرميثية لحثهم على وقف هذه الممارسات لخطورتها، وإذا بالشرطة جالسين يتابعون هواتفهم، وقال لي أحدهم بأن ذلك الموقع غير تابع لهم، وأنه يجب عليّ الذهاب إلى النقطة الأمنية في الجهة المقابلة، وكأن المسافة بين موقع رش الماء ونقطتهم هي نفس المسافة بين الوفرة والعبدلي!المهم ذهبت إلى النقطة الأمنية المقابلة (أمام فندق موفينبيك)، وللأمانة وجدت الشرطة هناك واقفين يتابعون الأمور، لكن أيضا قالوا لي بأن موقع رش الماء الذي اشتكيت لهم منه غير تابع لهم، وبأنه يتوجب علي الذهاب للنقطة الأمنية عند "دوار البدع". ذهبت هناك وإذا بأكثر من 10 أفراد من الرتب المختلفة جالسين في الخيمة ما بين متابع لهاتفه النقال وآخرين يتبادلون أطراف الحديث، واشتكيت لأحدهم من الوضع، لكن أيضاً قال لي بأن ذلك الموقع غير تابع له! ولكن عندما قلت له بأن النقطة الأمنية السابقة قالت لي بأن أتجه إلى نقطة "دوار البدع"، قال لي الضابط: خلاص راح نبعث قوة لاستطلاع الوضع، لكن لا أعتقد أنه حرك ساكناً لأن الطريقة التي تكلم فيها لم تنم عن جدية وكان واضحاً بأنه كان يريد "تصريفي"! من هذا المشهد أطرح على وزارة الداخلية عدة أسئلة: أولها، ماذا لو فقد أي سائق آخر السيطرة على سيارته في مثل هذه الحالة وصعد الرصيف وتسبب في مقتل طفل أو عدة أطفال من الذين يقفون عند حافة الرصيف ليرشوا الماء على مرتادي الطريق، فمن سيكون المسؤول عن هكذا كارثة؟ وهل وزارة الداخلية بحاجة إلى حدوث مثل هذه المأساة حتى تمنع رش الماء بالشوارع؟!وثاني الأسئلة: ألا يدل إلقاء كل نقطة أمنية المسؤولية على النقطة الأمنية الأخرى (حيال التحرك لمنع بعض المستهترين) على فقدان كثير من أفراد الشرطة لروح المسؤولية، وأن وجودهم في الشوارع هو فقط من باب تسجيل حضورهم للعمل بدليل انشغال أغلبهم بهواتفهم والسوالف، خصوصاً أنه لم تفصل كل نقطة أمنية عن الموقع الذي اشتكيت منه سوى مسافة قصيرة جدا؟!وثالث الأسئلة: أليس من مسؤولية وزارة الداخلية منع المظاهر غير الحضارية في الاحتفال بالأعياد بدلاً من تنظيمها وشرعنتها مثل ظاهرة رش الماء، والتي عوضاً عن إزعاجها لمرتادي الطريق واحتمال تسببها في حوادث فإنها تساهم في زيادة هدر الماء في بلد يبلغ فيه معدل استهلاك الفرد للمياه 500 لتر يومياً في تجاوز صارخ للمعدل العالمي البالغ 100- 200 لتر فقط للفرد يومياً، كما صرح د. خالد البراك مدير دائرة علوم المياه في معهد الكويت للأبحاث العلمية؟!إن هذه التجربة التي مررت بها قد تختصر كثيراً من المشهد العام في البلد، حيث مظاهر التخلف في ازدياد، وبدلاً من أن تقوم الدولة بمحاربة هذه الظواهر، نراها تقوم بمباركتها وشرعنتها، ثم نتساءل بعدها: لماذا يسير البلد من سيئ إلى أسوأ؟!
مقالات
تجربتي مع «مظاهر الفرح» وتقاعس «الداخلية»!
06-03-2014