«حكومة الأوقاف الكويتية»... خطوة غير موفقة وجهود عبثية
قرار «حكومة الأوقاف الكويتية»، بتوزيع أشرطة تؤكد فيها إنسانية وتسامح الدين الإسلامي للجموع التي ستحتشد للاستمتاع ببطولة كأس العالم لكرة القدم في البرازيل، هو اجتهاد غير موفق، لأن دعاية كهذه غير مقبولة أصلاً، ومرفوضة في أي نشاط رياضي عالمي، حتى لو كانت غايتها نبيلة.بل إن هذه الخطوة تنم عن غباء في فهم طبيعة الأنشطة الرياضية نحن بغنى عنه، كي يضيف مأساة جديدة إلى مآسينا الكثيرة في عالمنا المتخلف في كل مجالات الحياة.
هل يعتقد القائمون على هذا المشروع أنه سيكون له تأثير في الرأي العام العالمي، وهو يرى ويسمع كل يوم أخبارنا التي تتصدر كل الوسائل الإعلامية في العالم، من تفجيرات تودي بحياة الأطفال والنساء والأبرياء في دور عبادتهم وأسواقهم ومراكز لعب أولادهم، ومن إعدامات بالجملة من دون محاكمة عادلة يقوم بها أطفال بنادقهم أكبر حجماً منهم؟!«حكومة الأوقاف الكويتية» المكلفة من قِبل الدولة بنشر الوسطية الإسلامية في العالم- بعد أن قررت أن تكون هي عاصمة الخلافة الإسلامية الجديدة متبنية الوسطية- أوكلت هذه المهمة لوزارة الأوقاف، وهذه الوزارة، كما هو معروف، دولة خاصة لتحالف الإخوان المسلمين والسلف، بعد أن استطاع السلف اختراق أسوارها، ليحصلوا على حصتهم من الدجاجة التي تبيض ذهباً عبر نشاطاتها المختلفة، من لجان محلية وعالمية، ومشاريع تجارية مربحة، مكّنت هذه الأحزاب السياسية الدينية من ضخ ملايين الدولارات لدعم الأنشطة الحزبية التابعة لها في كل بقاع العالم.أليس لافتاً للنظر الصمت المطبق لهذه الأحزاب أمام ما يُرتكب باسم الإسلام من أفعال بشعة لا يقرّها الشرع؟تستنكر تلك الأفعال في الغرف المغلقة، لكنها تمتنع عن إدانتها في العلن! المطلوب أن ترتفع أصواتها عالية، ودائماً، إن كانت فعلاً تؤمن بالوسطية. في سلسلة مراصد للدراسات العلمية رقم (11) الصادرة عن مكتبة الإسكندرية، يذكر الباحث سامح عيد، أن الحركات الإسلامية في العالم انبثقت من حزب الإخوان المسلمين، وهو يعد الأب الروحي لجميع الأحزاب الدينية، على الرغم من تعدد مسمياتها ونشاطاتها، لأنها نشأت في أحضانه.المطلوب منكم يا سادة أن تبشروا بالوسطية التي تدعون لجماعاتكم، وتهدونهم إلى الصراط المستقيم، بدلاً من أن تضيعوا أوقاتكم وأموالنا على مجهود لا طائل منه لإقناع الآخرين بتناسي أخطائنا.هذا لا يعني أبداً أن عالمنا مسالم يحب العدل والإنصاف وخالٍ من الشرور والآثام، بل على العكس، نحن نعيش في عالم يتحكم فيه الطغاة والحرامية وأعداء الحرية والديمقراطية، ومصاصو دماء الضعفاء، ودعاة التفرقة والعنصرية، فالجهد المطلوب ينبغي أن ينصبّ على تلاحم جهود الخيرين في العالم، لإيجاد ثقافة عالمية جديدة تحترم الإنسان وحقوقه الأساسية وتحفظ كرامته، ثقافة تنقذ البشرية من حروب عبثية أهلكت الملايين ودمَّرت المدن والمنشآت الصناعية وغيرها، وتم إهدار الأموال الضخمة لشنها ولصناعة آلات الدمار، بدلاً من صرفها على حل المعضلات الأساسية التي يعانيها البشر.هذه هي مهمة الأجيال الشبابية وربيعها العالمي، الذي لا أشك مطلقاً في قدرته على تحقيق هذا الحلم، على الرغم من كل الصعاب التي نشاهدها، والتي جعلت البعض يكفر بالربيع العالمي، فهؤلاء يعتقدون أن هذا الحلم الجميل سيتحقق بين عشية وضحاها.كيف يمكن لموروث عمره آلاف السنين وجذوره ممتدة في أعماقنا منذ بدء الخليقة أن يتبخر في لحظة؟!هذا من سابع المستحيلات، لابد من الصبر والمثابرة وتحمّل آلام المخاض والولادة الصعبة، فالمولود القادم يستحق كل هذا العناء.