بالسحر النيجيري... الاقتصاد يرتفع متصدراً قارة إفريقيا

نشر في 19-04-2014
آخر تحديث 19-04-2014 | 00:01
No Image Caption
قد تكون البلاد عملاقة لكنها لا تزال فقيرة: وتحتل نيجيريا المركز 153 من أصل 187 دولة على مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة. وعلى الرغم من النمو السريع الذي تحقق في السنوات الأخيرة تظل معدلات البطالة عالية وعدد الفقراء في ازدياد.
 إيكونوميست فجأة ودون مقدمات، أعلنت نيجيريا في ما يشبه السحر أنها أكبر اقتصاد في إفريقيا، وبين عشية وضحاها ومع حركة من صولجان إحصائي أضافت 89 في المئة إلى ناتجها المحلي الاجمالي الذي يساوي اليوم 510 مليارات دولار، متجاوزة الدولة الرائدة السابقة جنوب إفريقيا التي يبلغ ناتجها المحلي الاجمالي 370 مليار دولار. لم يتغير شيء في الاقتصاد الحقيقي النيجيري سوى طريقة قياسه... لكن للسحر أهميته.

مراجعة الناتج المحلي الإجمالي ليست مجرد خداع، فهي توفر صورة أصدق لحجم نيجيريا من خلال إعطاء ما يستحقه اقتصادها من ثقل في ميادين مثل الاتصالات والمصارف وصناعة الأفلام "نوليوود" التي شهدت نمواً سريعاً في السنوات الأخيرة. وقد حققت دول أخرى سحراً إحصائياً مماثلاً- كما هو الحال في غانا على سبيل المثال التي أضافت 60 في المئة إلى اقتصادها في سنة 2010 على الرغم من أن قلة من الدول تنتظر عقدين من الزمن لتحديث حساباتها الوطنية، كما كان الحال مع نيجيريا التي تؤكد أرقامها الجديدة أنها بحق الأضخم في القارة الإفريقية.

نمو اقتصادي متواصل

استمر نمو الاقتصاد النيجيري بمعدل وسطي بلغ حوالي 7 في المئة سنوياً خلال العقد المنصرم، وهي غنية بالموارد خصوصاً النفط. كما أن لديها متعهدين ومبادرين يتسمون بالحيوية والنشاط وتطلعات لأن تصبح محور التقنية في إفريقيا من خلال شركات حديثة العهد مثل "كونغا" و"جاميا"- براعم "علي بابا" نيجيرية تحاكي نظيرتها الصينية. ولديها في صناعات أخرى أيضاً شركات عملاقة مثل "أسمنت دانغوت"، التي تخطط لإدراج أسهمها في لندن- كما فعلت شركة النفط الضخمة "سبلات" في الأسبوع الماضي- ومن المحتمل أن تصبح جزءاً من  محفظة العديد من صناديق التقاعد. وتوجد أعداد متزايدة من الأجانب الراغبين في الاستثمار في الصعود الإفريقي وشراء أسهم نيجيرية. كما أن لاغوس تحل بعد جوهانسبرغ كثاني أكبر أسواق المنطقة وأكثرها سيولة. وفوق كل شيء تتمتع نيجيريا بعدد ضخم من السكان يتجاوز الـ 170 مليون نسمة. كما أن واحداً من كل خمسة أشخاص في إفريقيا شبه الصحراوية نيجيري، وبحلول سنة 2050 تتوقع الأمم المتحدة وصول عدد النيجيريين إلى 440 مليون نسمة، ما يتجاوز عندئذ عدد الأميركيين الذي قد يبلغ 400 مليون شخص.  لكن الأرقام الجديدة للناتج المحلي الاجمالي توفر تذكيراً مفيداً إزاء ما يتعين تغييره. وتمثل جنوب إفريقيا الراضية الدرس الأكثر جلاء وقد اعتبرت منذ وقت طويل وضعها كعملاق القارة من الأمور المسلم بها. وبعد وفاة نلسون مانديلا تبدو دولة أقل تنوعاً كما أن الفساد يشوه صورة حزب المؤتمر الوطني الحاكم: ويحاول الرئيس جاكوب زوما تفسير كيفية انفاق الدولة 24 مليون دولار على منزله الخاص، ومن دون إصلاحات اقتصادية وسياسية سوف تنجرف البلاد نحو مزيد من المتاعب- لكن لدى نيجيريا أيضاً الكثير للقيام به.

الحجم ليس كل شيء

قد تكون البلاد عملاقة ولكنها لا تزال فقيرة: وتحتل نيجيريا المركز 153 من أصل 187 دولة على مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة. وعلى الرغم من النمو السريع الذي تحقق في السنوات الأخيرة تظل معدلات البطالة عالية وعدد الفقراء في ازدياد. وحتى مع الأرقام المنقحة يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي 2700 دولار، وفي المقابل يصل مستوى الثراء في جنوب إفريقيا أكثر من الضعف. وبينما تتمتع أجزاء واسعة من جنوب إفريقيا ببنية تحتية من مستوى دولة غنية، فإن نيجيريا تعاني من ازدحام في السير وانقطاعات مزمنة في الطاقة الكهربائية. ويسهم نقص التنمية في توليد تمرد في المناطق الشمالية ذات الأكثرية المسلمة واذكاء العنف في مناطق اخرى تحرم الأجانب من دخولها. كما أن الأرقام تظهر أيضاً هبوطاً في معدلات النمو- ربما إلى 6.5 في المئة هذه السنة. ومن أجل استيعاب الملايين من الشبان الذين يدخلون سوق العمل، فإن نيجيريا في حاجة إلى نمو مستدام ثنائي الرقم على غرار ما حققته الصين من قبل.

وبغية تحقيق ذلك سوف تحتاج إلى إصلاحات من النوع الذي أخفق في انجازه الرئيس غودلك جوناثان باستثناء خصخصة الكهرباء، وكان عليه مهاجمة الفساد: وبدلاً من ذلك طرد حاكم  المصرف المركزي الذي أثار قضية اختفاء مليارات الدولارات من عوائد النفط من خزائن الدولة. كما أن تحصيل الضرائب ليس كافياً بصورة سيئة، وتظهر أرقام الناتج المحلي الإجمالي أن عوائد الضرائب أقل كحصة من الاقتصاد وبقدر يفوق ما كان يعتقد في السابق. واضافة الى ذلك فإن الحواجز أمام تحقيق عمليات تجارية هائلة وتشمل البيروقراطية والكسب غير المشروع والتأخير في الموانئ وحقوق الأراضي الضبابية. وقد أظهرت شركات أجنبية صمدت في نيجيريا- مثل متاجر "شوبرايت" و"نستله" للأغذية و"ساب ميلر- قدرة واضحة على الازدهار. لكن نيجيريا ليست المكان الملائم لأصحاب القلوب الضعيفة.

لندع نيجيريا تحتفل بوضعها الجديد الآن، ثم عليها المضي نحو الهدف المتمثل في الارتقاء الى ما تصبو اليه كدولة في المرتبة الأولى في إفريقيا.

back to top