بسطاء مصر يحلمون: «كيلو اللحمة بقى بجنيه»

ينتظر المواطن المصري الخمسيني العم محمود، عودة نجله يومياً إلى منزله في حي "ميت عقبة" الشعبي بمحافظة الجيزة، ليحمل له النبأ اليقين، من المحل الصغير المخصص لتوزيع السلع التموينية، بعد أن دغدغت تصريحات وزير التموين، خالد حنفي، مشاعر بسطاء المصريين، بحديثه عن توفير سلع مدعمة بأسعار رخيصة جداً، يصل فيها سعر الدجاجة إلى 75 قرشاً، (الجنيه مئة قرش)، وكيلوغرام اللحم إلى جنيه واحد.

العم محمود، الذي اعتاد أن يحصل على حصته من الزيت والسكر والأرز بأسعار مدعمة مطلع كل شهر، يحصد الإحباط يومياً، لأن البائع أخبر نجله أن السلع المدعمة لم تصل بعد، رغم مرور ثلاثة أسابيع على الموعد المفترض لعملية الصرف، بالتزامن مع حلول شهر رمضان الذي يشهد عادة زيادة في الاستهلاك، لكن حجة بائع السلع المدعمة أنه ينتظر المنظومة الجديدة التي أقرها وزير التموين.

المنظومة الجديدة التي يروج لها وزير التموين تعتمد توفير العديد من السلع المدعومة للمواطنين بأسعار رمزية، مع تغيير منظومة بطاقات التموين، باستبدال الدعم العيني على ثلاث سلع فقط، لدعم نقدي على 20 سلعة تتيح للمواطن حق الاختيار من بينها بواقع 15 جنيها (أقل من دولارين أميركيين) تصرف شهرياً لكل فرد في الأسرة.

وكان الوزير قال إن الدجاجة ستصرف للمواطن بقيمة 75 قرشاً، على أن يخصم ثمنها من قيمة الدعم المخصص للأسرة في البطاقة، وهو 15 جنيهاً لكل فرد، ووفقاً لهذا النظام سيكون سعر كيلو اللحمة المجمدة بجنيه واحد، على أن تخصم تكلفته الفعلية (29 جنيهاً)، من قيمة البطاقة التموينية.

تصريحات وردية يتمنى "العم محمود" تحققها على أرض الواقع، لرفع معاناة زيادة المصاريف عن كاهله، بعد ارتفاع الأسعار بشكل جنوني منذ تخفيض دعم الوقود في 5 يوليو الماضي، لتستعيد الذاكرة بصورة مغايرة هتاف المصريين في "انتفاضة الخبز" 18 و19 يناير 1977: "سيد مرعي يا سيد بيه، كيلو اللحمة بقى بجنيه"، فالمصريون الذين انتفضوا على ارتفاع الأسعار في السبعينيات، عادوا ليتمنوا الآن وصول الأسعار إلى المعدل السبعيني.

خبراء الاقتصاد حذروا من مخاطر تصريحات وزير التموين، حيث استنكرت رئيسة قسم الاقتصاد في الجامعة الأميركية، بسنت فهمي، تصريحات الوزير، مؤكدة لـ"الجريدة" أنها "كلام فارغ" لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، لأن حديث الوزير يعني إمكانية ذهاب دعم أسرة بالكامل لشراء دجاجة واحدة في الشهر.