بدأت كتابة هذا المقال يوم الأحد قبل حكم المحكمة الدستورية بيوم واحد فقط بقصد رصد الآراء للأطراف المعنية (حكومة، نواب المجلس الحالي، المعارضة) حيث تباينت ردود الأفعال بين متذمر ومتحفز ومتوقع، فالحكومة أخذت بالجانب الاحترازي من خلال وضع استقالة الوزراء تحت تصرف رئيس الحكومة، أما النواب الحاليون فهم من فئة المتذمر، والمعارضة تدخل في فئة المتحفز.

Ad

سيذكر أهل الكويت هذا التاريخ جيداً لما له من تبعات كبرى على مسيرة الديمقراطية، حيث تم إبطال آخر مجلسين من قبل المحكمة الدستورية بسبب إجراءات الدعوة للانتخابات، حيث شكلت هذه الأحكام أحداثاً تاريخية حملت معها الكثير من الاستفسارات على الرغم من احترام الشعب الكويتي والقوى الفاعلة سواء من كان مع أو ضد مرسوم "الصوت الواحد" أو إجراءات الحل التي صاحبت مجلس 2009.  

الخطورة لم تكن يوماً تتحدث عن حكم المحكمة الدستورية، ولكن عن حالة الإحباط التي يعيشها الناخب الكويتي بعد أن وصلت إلى مراحل غير مسبوقة من التذمر رفعت الخطاب السياسي إلى درجات عالية جداً لم يعتدها الشارع الكويتي، خصوصاً مع وجود ثورات الربيع العربي التي يستغلها أعداء الكويت بتصويرها على أنها جزء من تلك الثورات.

قد لا نملك كل الديمقراطية، وهذا واقع علينا الاعتراف به، لكننا في المقابل نتمتع بسقف من الحرية لا يوجد في أي نظام عربي. ورغم وجود بعض الانتهاكات فإننا أفضل حالاً من غيرنا، ومع هذا مازال أمامنا الكثير من العمل الجاد لإعادة الثقة المفقودة سواء من ناحية الممارسة الديمقراطية أو برامج التنمية الإصلاحية.

دول حولنا لا تتمتع بأي حرية مع سقف متدن من المشاركة الشعبية وتشابه في مؤشرات الفساد ومع ذلك هناك إنجازات على مستوى الخدمات، وبرامج عمل تنموية واقتصادية ترى النور على أرض الواقع وبتكاليف تقل عنا بالكثير وهي حقاً معادلة غريبة!

إيمان الشعب الكويتي بالديمقراطية لا تحده حدود رغم المطبات الكثيرة التي مر بها خلال السنوات الأخيرة، فالتمسك بالدستور والإيمان به عنوانان رئيسيان للكويتيين رغم محاولة البعض السعي إلى وأد الدستور وإيهام الشارع بأنه العقبة وراء تأخر

 التنمية.   

***

أما اليوم فهو صبيحة الاثنين حيث جاء حكم المحكمة الدستورية برفض الدعوى المقدمة من النائب السابق صالح الملا حول حق سمو الأمير في الانفراد بمرسوم "الصوت الواحد" ورفض الطعون المقدمة، والتأكيد على سلامة إجراءات الحكومة بالدعوة للانتخابات الأخيرة.

هذه الأحكام أعادت خريطة العمل السياسي إلى مساره، وهي فرصة للكل، ومن ضمنهم المعارضة، للمراجعة والتعامل مع الواقع بطريقة حضارية، وهي فرصة للمجلس الحالي بالعمل دون ضغوط الحل، كما هي فرصة ذهبية قد لا تتكرر للحكومة ولرئيس الحكومة بالتحديد، لمراجعة شاملة لآليات التعاون نحو إنجاز ينتشل البلد من حالة الركود والتخبط بما يعوض الكويت عن السنوات العجاف. ودمتم سالمين.