مرافعة: عندما يكون القانون شرطياً بيد الدولة!

نشر في 08-07-2014 | 00:01
آخر تحديث 08-07-2014 | 00:01
عندما يفتقد الإنسان الشعور بتطبيق القانون على الجميع  ويتولد لديه الشعور بتطبيقه عليه بانتقائية دون البعض الآخر حتما سيثور داخليا ولن يتقبل بالتأكيد تطبيقه عليه لأنه باختصار توقف عن التطبيق بحق الآخرين!

وعندما تردد مؤسسات الدولة ضرورة تطبيق القانون على الكبير قبل الصغير ولا تجد نصوصه حيزا أو مكانا حقيقيا للتطبيق إلا على الصغير دون الكبير حتما سيكون القانون طريقا وعرا على الضعيف وطريقا سهلا ومنيرا أمام الكبير!

هي أزمة حقيقية نعيشها يا سادة بان القواعد القانونية انسلخت عن مفهومها الحقيقي فهي ليست بالقواعد العامة وليست بالقواعد المجردة بل هي قواعد خاصة قواعد تطبق على سين وتترك صاد تعرف طريقها نحو التطبيق على من تريد ولا تسلك طريق التطبيق على كل من يقع في محظوراتها وهي برأيي السبب الرئيسي في تخلفنا القانوني!

نملك المئات من القوانين ولا نملك مسؤولا واحدا يعمل على تطبيقها ونملك العشرات من المؤسسات القانونية ولا نملك الحريص على تطبيق القانون فيها ونملك رجال قانون ولا نملك منفذا لها هذه هي الحقيقة!

نملك دستورا نتفاخر بوجوده ينص على الحقوق ويكفل الحريات ويكرس الضمانات ويطلق رقابة الرأي العام وفي المقابل نحرص على أن تكون تلك المبادئ حبيسة الدستور ذاته، ولا نملك إلا أن نردد نصوصها لأنه الأمر الوحيد الذي نملك!

 عندما يتحقق تطبيق القانون على الجميع سيتولد الشعور العام بالعدالة نحوه، ثم يتولد الشعور بضبط النظام ثم يتقبل الأفراد بما لهم وما عليهم من حقوق وواجبات وعندها يكون القانون قد حقق الغاية من وجوده!

فيما نعيش اليوم أزمة حقيقية في ترسيخ مفهوم الدولة القانونية في نفوس المسؤولين قبل المواطنين والمقيمين ومتى ما تكرست تلك المفاهيم لديهم وعملوا على تطبيق القوانين بعمومية وتجريد نكون قد نجحنا في ضبط إيقاع القانون في نفوس الناس جميعا كبير وصغير!

عندما يردد البعض بان الأمم تقاس بقضائها أقول دائما بأن القضاء لن يكفي لتحقيق ذلك لان هناك الكثيرين لن يقدموا امامه لكي ينالوا جزاءهم، وبالتالي أرى بأن الأمم تقاس بتطبيق قوانينها أولا ثم بقضائها ثانيا حتى تتشكل دائرة العدالة الحقيقية.

ولذلك عندما يرفض الكثيرين اليوم مبدأ تطبيق القانون بحقهم وحتى صدور الأحكام  بشأنهم هو أمر ليس سببه عدم رغبتهم في تطبيق القانون بل لشعورهم التام أن القانون لم يطبق إلا عليهم وعجز عن التطبيق بحق الآخرين ومثل هذا الشعور يجب على دولة المؤسسات القانونية أن تعمل على إنهائه وإلا أصبح القانون سيفا يحارب به البعض دون أن يطبق على كل الجماعة وهو أمر يهدر قيمته الأساسية ويجعل منه شرطيا توجهه الدولة في ضبط من تراه مخالفا!

back to top