بدأت القوات العراقية أمس هجوماً مضاداً على المسلحين، الذين سيطروا في الأيام القليلة الماضية على مناطق واسعة شمال ووسط البلاد، وهددوا بمواصلة الزحف على العاصمة بغداد لـ"تصفية الحساب" مع حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي.

Ad

وحصل المالكي أمس من حكومته على "صلاحيات غير محدودة"، وذلك بعد أن فشل البرلمان في الالتئام لفرض حال الطوارئ.

وتمكنت القوات العراقية أمس من استعادة ثلاث نواحٍ في محافظة صلاح الدين (وسط) هي الإسحاقي والمعتصم والضلوعية، كما نجحت في صد زحف المسلحين في محافظة ديالى (شمال شرق) المجاورة.

وشهدت محافظتا صلاح الدين وديالى معارك عنيفة أسفرت عن سقوط عشرات المسلحين، بحسب بيانات الجيش العراقي، إلى جانب سقوط عدد غير محدد من عناصر الجيش والمتطوعين الذين يقاتلون إلى جانبه.

وعاد شبح الحرب الطائفية ليطل برأسه بقوة أمس، بعد إعلان مقتل 7 عناصر من ميليشيا "عصائب أهل الحق" الشيعية في ديالى، بينما أبدت عدة ميليشيات شيعية استعدادها لقتال المسلحين ضمن "الجيش الرديف" الذي دعا المالكي إلى تشكيله، في وقت تواصل أمس تدفق آلاف المتطوعين لحمل السلاح، تلبية لنداء المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني أمس الأول.

وبدا أن اختيار مدينة سامراء، ذات الأغلبية السُّنية والتي تضم مرقدي الإمامين العسكريين، كـ"نقطة تجمع وانطلاق" للهجوم المضاد للجيش العراقي، يحمل دلالات تنذر بحرب طائفية جديدة، حيث كان تفجير مرقدي العسكريين عام 2006 مقدمة لاندلاع حرب طائفية شعواء استمرت زهاء عامين.

وكان المالكي زار سامراء مساء أمس الأول وأعلن انطلاق عملية "تطهير المدن" من المسلحين، مؤكداً أن "سامراء لن تكون آخر خط دفاع، ولكن نقطة تجمع وانطلاق".

وبدا أن رئيس الحكومة العراقية يراهن على المتطوعين، معلناً أنهم سيصلون خلال ساعات إلى الجبهة، وسيتمكنون من دحر تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش).

وتراجع أمس الحديث عن "داعش"، حيث انبرت شخصيات سياسية ودينية عراقية للتبرؤ منه، وفي الوقت نفسه الدفاع عما جرى في محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى، واعتباره "ثورة سنية" ضد المالكي.

وفي هذا السياق، شدد الرئيس باراك أوباما أمس الأول على أن إدارته لن تقوم بأي تدخل عسكري إذا لم تحصل على ضمانات سياسية من بغداد، وبعد توصل العراقيين إلى "حلول توافقية" بشأن الأزمة السياسية التي يعيشها العراق، والتي تتخذ طابعاً طائفياً.

ومن جهته، أعلن وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل أمس أنه أمر حاملة طائرات أميركية بالتوجه إلى مياه الخليج تحسباً لأي تطورات عسكرية في العراق.

وقال هيغل إن تحريك حاملة الطائرات يوفر "مزيداً من المرونة" في حالة اللجوء لخيارت عسكرية "لحماية أرواح أميركيين ومواطنين ومصالح في العراق".

وفي حين أدى دخول طهران بقوة إلى الساحة إلى تزايد المشاعر الطائفية، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس استعداد بلاده لمساعدة العراق في "الحرب على الإرهاب" إذا طلبت "الحكومة العراقية الشرعية" منه ذلك، وعرض تعاوناً أمنياً مع واشنطن.

ونفى مساعد وزير الخارجية الإيراني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حسين أمير عبداللهيان أمس دخول فرق إيرانية إلى العراق، في حين نقلت شبكة "سي أن أن" الأميركية عن مصدر أميركي، لم تسمه، تأكيدَه قيام الجنرال قاسم سليماني قائد "قوة القدس" التابعة للحرس الثوري والمخصصة للمهام الخارجية، بزيارة للعراق الأسبوع الجاري.

وفي مؤشر على خطورة الموقف ظهر رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم وهو يرتدي الزي العسكري تلبيةً لنداء وفتوى السيستاني.

وبعد بيان السيستاني الذي دعا العراقيين إلى حمل السلاح وقتال "داعش" والدفاع عن المقدسات، أصدرت جماعة "علماء العراق" أمس فتوى تدعو فيها المواطنين إلى "حمل السلاح ضد داعش والمرتزقة المأجورين".

وكانت "هيئة علماء المسلمين في العراق" أصدرت بياناً دافعت فيه عن المسلحين، ووصفتهم بـ"ثوار العراق"، متهمةً وسائل الإعلام بـ"شيطنة الثورة وتشويه صورتها".

وكان مفتي الديار العراقية للسُّنة العلامة رافع الرافعي أبدى استغرابه "اتهام الثوار الأحرار" بانتمائهم إلى "تنظيم داعش الإرهابي"، بهدف "الإيقاع بين الثوار وأبناء المدن التي يحررونها".

ووصف المفتي ما يجري في العراق بأنه "عملية تحرير للشعب العراقي خاصة السُّنة، ورفع الظلم الذي لَحِق بهم من جيش المالكي".

(بغداد، واشنطن، طهران ــ أ ف ب، رويترز، د ب أ)