يحكى أن أحد الملوك الذي كان شعبه يحبه حباً جماً، وكانت جماهير هذا الشعب تقف بالساعات تنتظر خروجه إلى شرفة قصره لتحييه وتهتف بحياته، اختار أحد أفراد حاشيته وأقربهم إليه، ليقف إلى جانبه في شرفة القصر وفي مواكبه الرسمية والشعبية، ليقول له «لا تنس أيها الملك أنك بشر».

Ad

ما أحوجنا اليوم إلى أن نستعيد هذه القصة، وما أحوج الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس مصر القادم الحاصل على 23.381.262 صوتا بأغلبية 92.4% من أصوات الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في مصر والخارج، في الوقت الذي لم يحصل فيه منافسه في السباق الرئاسي إلا على 735.285 صوتا بنسبة 3.5% بعد استبعاد الأصوات الباطلة التي بلغت 1.780.49 صوتا بنسبة 4.1%، ما أحوج الرئيس السيسي إلى أن يختار من يقف بجانبه ليقول له «لا تنس أيها الرئيس أنك بشر».

رجل حقق عظمته في لحظة فارقة

فالدلالة الأولى لهذه الأرقام هي الشعبية الجارفة لهذا الرجل في ضمير ووجدان شعبه، وهي الشعبية التي حالت بين اثني عشر مرشحاً في انتخابات الرئاسة عام 2012، وبين التقدم لترشيح أنفسهم في سباق رئاسي مع المشير عبدالفتاح السيسي، فلم يجرؤ أحد منهم على ترشيح نفسه، أمام شعبية هذا الرجل الذي اكتسبها في بضعة شهور، بعد انحيازه وجيش مصر الوطني إلى ثورة 30 يونيو التي صححت مسار ثورة 25 يناير، فهو في قلوب الجميع من مواطنيه وناخبيه، من صوتوا له ومن صوتوا لحمدين صباحي، ومن أحجموا عن المشاركة في الانتخابات، وأغلبهم يعلمون أن النتيجة محسومه لمصلحة السيسي، وبعضهم لا يرى في منافسه بأسا.

وأستعيد في هذا مقولة لشكسبير في أسباب العظمة، يقول فيها إن بعض الناس يولد عظيما، وبعضهم يحقق العظمة، أما بعضهم فإنه يجد العظمة تلقى على كتفيه.

وأعترف للسيسي بأنه حقق عظمته في بيانه الذي وجهه إلى الرئيس المخلوع وإلى كل القوى السياسية، للالتقاء على نقطة سواء، بعد أن أعلن 22 مليون مصري وقعوا على استمارات تمرد التي طالبت الرئيس المخلوع بانتخابات رئاسية مبكرة وأنها ستخرج في 30 يونيو للمطالبة برحيل الرئيس المخلوع.

ولما لم يستجب لنداء شعبه، كان انحياز الفريق أول عبدالفتاح السيسي بجيش مصر الوطني إلى الشعب، وإلى الأمة مصدر السلطات جميعاً.

وفاء الشعب

إن اكتساح السيسي للانتخابات بهذه النسبة الكبيرة، التي لم يحققها مرسي في انتخابات 2012، بالرغم من الإقبال الشديد على تلك الانتخابات من قوى الثورة والنخب السياسية التي سوقت لها جماعة الإخوان، وبأن في نجاح الفريق أحمد شفيق عودة نظام مبارك، وجماهير من الشعب المصري التي لم تنطل عليها هذه الخديعة، فصوتت للفريق أحمد شفيق، وقد رأت الخطر الداهم القادم مع تولي جماعة الإخوان حكم مصر.

إن الاكتساح هو اعتراف من هذا الشعب العظيم شعب مصر ومن هذه الملايين التي صوتت للسيد عبدالفتاح السيسي فضربت أروع الأمثلة للوفاء، بهذا الرجل الذي انحاز إلى الشعب بجيش مصر الوطني في 3 يوليو مع هدير الملايين التي خرجت إلى الشوارع، ورفضت تغيير هوية شعب وركوع وطن لنظام في الحكم يحكم مصر بأوامر تأتيه من الخارج، ويمارس بسلطة الحكم إرهاباً في الداخل للقضاء على مؤسسات الدولة (العميقة!) بدءا بالقضاء الذي مارس النظام الحاكم عدواناً عليه لم يكن لمصر سابق عهد به، من فصل لأكثر من ثلث قضاة المحكمة الدستورية بنص في الدستور، وكان الباقون وعلى رأسهم عدلي منصور سيلقون المصير ذاته بقانون يحفظ سن التقاعد، فضلاً عن 3500 مستشار في القضاء العادي ومجلس الدولة كانوا سوف يخضعون لهذا القانون، فضلاً عن إلغاء أحكام القضاء والامتناع عن تنفيذها، وحصارها وحرق دورها، وخروج أنصار نظام الرئيس المخلوع ينددون بأحكامه، والعفو عن قادة الإرهابيين الذين ارتكبوا جرائم قتل وتكدير للأمن العام، ليعودوا لتنظيم صفوفهم مرة أخرى، للقضاء على جيش مصر الوطني، من خلال فتح أبواب سيناء لاستقبال الإرهابيين من كل أنحاء العالم، لقتل العشرات من المجندين والضباط غيلة وغدراً، واستنزاف قوى الجيش في حربه ضد إرهاب، يؤيده ويدعمه الرئيس المخلوع الذي ألمح في جمع من قادة الإرهاب، الذين تسابقوا إلى إلقاء الخطب في المحفل الماسوني لنصرة سورية، الذي حضره الرئيس المخلوع، واستمع فيه إلى خطبهم التي كانت تهدد كل المعارضين لنظام حكمه بالقتل والسحل، وفي هذا المحفل الماسوني أعلن الرئيس المخلوع أنه سوف يفتح أبواب مراكز الشباب في كل محافظات مصر لاستقبال مليون شاب لتدريبهم على حكم البلاد.

وهو مخطط وضعه التنظيم الدولي لجماعة الإخوان، لمشروع إسلامي، يتفق والمخطط الغربي، بل هو جزء من هذا المخطط، الذي لا يرى بأساً من قيام دولة إسلامية، طالما أنه يعترف بدولة يهودية، يدعهما بالمال والعتاد والفيتو في مجلس الأمن، فالدولة الإسلامية لا خوف على الغرب وإسرائيل منها، فهي سوف تنشأ في أحضانهما والصراع داخلها قادم وحتمي والحروب الأهلية وشيكة، لينعم الشعب اليهودي والغرب بالراحة وهناء البال.

شعب مصر العين الساهرة

إن الملايين التي صوتت للسيد عبدالفتاح السيسي، قد صوتت للرجل الذي أنقذ مصر والعالم العربي والإسلامي من هذا المخطط.

وعلى الشعب الذي صوت بالملايين لهذا الرجل، أن يكون العين الساهرة لحمايته من نفسه، التي سوف يحيط بها من احترفوا صناعة الفرعون في كل عهد، ومن امتهنوا صناعة الآلهة في مختلف الأزمنة.

إنهم السياسيون والإعلاميون الذين احترفوا وامتهنوا الصناعتين، يزينون للرجل تحت وسام الدولة ما يفعل، ولو كان خطأ جسيماً، فهو القائد الملهم وهو العبقري الفذ، وهو من يصنع المعجزات، وأن من يعارضه خائن أو عميل أو فلول.

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.