تقطع مصر اليوم خطوة كبيرة إلى الأمام على طريق بناء نظام سياسي جديد بتسلم الرئيس المؤقت عدلي منصور مشروع الدستور من عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين التي انتهت منه مساء أمس الأول بعد أن أدخلت في اللحظة الأخيرة تعديلات على صياغته فتحت الباب لإمكانية تبكير موعد الانتخابات الرئاسية، وزادت من التكهنات بقرب إعلان وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي ترشحه.

Ad

الدستور الجديد جاء منحازاً لقيم ثورتي 25 يناير و30 يونيو بصورة واضحة فنص للمرة الأولى في مقدمته على أن مصر "دولة ديمقراطية حديثة حكومتها مدنية" كما حظر قيام الأحزاب على أساس ديني وألغى الصلاحيات الواسعة للأزهر التي كانت موجودة في الدستور السابق، وحذف المادة التي كانت تتوسع في مفهوم مبادئ الشريعة الإسلامية التي استمرت المصدر الأساسي للتشريع، وتوسع في الحقوق والحريات الشخصية بينما ضّيق الحالات التي يجوز فيها محاكمة المدنيين عسكرياً، وتبنى ضرورة فرض ضرائب تصاعدية لتحقيق العدالة الاجتماعية، وترك المجال لتحديد حصة لكل الفئات المهمشة وبينهم الأقباط والعمال والفلاحون في البرلمان المقبل. 

ومن المقرر أن يدعو الرئيس منصور الناخبين للاستفتاء على الدستور الجديد خلال شهر، ليتم بذلك الاستحقاق الأول من خريطة المستقبل التي تم التوافق عليها عقب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في الثالث من يوليو. ويراهن قادة الدولة على أن تمرير الدستور الجديد بأغلبية كبيرة سيعني تقويض حجج أنصار جماعة "الإخوان" الذين يعتبرون أن مرسي مازال يحظى بالشرعية حيث إن موافقة أغلبية كبيرة في الاستفتاء - الذي سيتم تحت مراقبة دولية - تمنح عملية عزل مرسي مشروعية قانونية وسياسية لا يمكن التشكيك فيها. 

ويأمل مؤيدو الدستور أن يزيد عدد الموافقين على رقم العشرة ملايين ناخب الذين وافقوا على دستور "الإخوان" العام الماضي. 

وأدخلت لجنة الخمسين عدة تعديلات على الصياغات التي كانت مطروحة للتصويت فلم تحدد نظاماً انتخابياً تاركة للقانون تحديده، كما فتحت الباب أمام تعديل الترتيب الزمني لبقية خطوات المرحلة الانتقالية حيث فوضت الرئيس في الدعوة للانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية أو التمسك بالترتيب المتفق عليه. 

وزادت النقطة الأخيرة من التكهنات باحتمال تراجع الرجل القوي في البلاد الفريق السيسي عن موقفه الرافض للترشح إلى الرئاسة، خاصة أن تعديلاً آخر تم إدخاله صار بموجبه من حق الرئيس عزل وزير الدفاع، بينما استمر اختيار الوزير الجديد يتطلب موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. 

ورأى مراقبون أن السيسي - الذي يحظى بشعبية هائلة في الشارع المصري منذ مساندته للجماهير ودعمه الإطاحة بالرئيس الإخواني - لو كان يعتزم الاستمرار في موقعه الحالي لتمسك بتحصين المنصب.