نمت مبيعات سيارات الركاب في الصين 10 في المئة تقريبا خلال الشهر الماضي عن سنة خلت على الرغم من تصاعد القلق إزاء التباطؤ الإجمالي في تجارة السيارات والاقتصاد الصيني بصورة عامة في الوقت ذاته. ومع جهود مبيعات السيارات في البرازيل وروسيا والهند لبلوغ مستويات "بريكس" التي كانت عليها قبل عدة سنوات تظل الأسواق الصينية الرهان الأفضل بالنسبة إلى صناعة السيارات العالمية في ما يتعلق بالنمو المستدام، ولكن ثمة مشكلة واحدة في هذا السياق وهي الحكومة الصينية، وتشير موجة من عمليات التدخل الأخيرة إلى أن الأوقات الجيدة بالنسبة إلى شركات صناعة السيارات في العالم قد تحققت بشكل متزايد على حساب أهداف الصين الاستراتيجية في صناعة السيارات.

Ad

ومنذ أن فتحت الصين أسواقها أمام شركات صناعة السيارات الخارجية سعت إلى بناء موديلاتها القيادية من خلال مطالبة الشركات الأجنبية بالدخول في شراكة مع شركات صنع السيارات الوطنية في الإنتاج المحلي. ومع عدد قليل من الاستثناءات تبخر الأمل في إمكانية تجاوز مبيعات الماركات الصينية للمنتجات الأجنبية الشريكة لأن الشراكات المفروضة أخفقت في إنتاج نوعية مبتكرة حقيقية. كما أن حصول الماركات الصينية على 34.6 في المئة فقط من سوق سيارات الركاب حتى شهر يوليو الماضي وتمتع شركات صناعة السيارات العالمية بأرباح ضخمة في الصين، يظهر أن تلك الدولة قد أدركت أن شركاتها لن تتمكن على الأرجح من المواكبة من دون مساعدة إضافية.

حماية صناعة السيارات

ونتيجة لذلك، يبدو أن الجهات التنظيمية اتجهت نحو اتخاذ المزيد من الخطوات بغية حماية صناعة السيارات الصينية عن طريق إجراء تحقيقات حول الشركات الأجنبية المنافسة، وفي ضوء التحقيقات التي أجريت من قبل لجنة التطوير والإصلاح الوطنية في الصين أعلنت شركات أودي وبي أم دبليو ومرسيدس – بنز في الآونة الخيرة عن تخفيضات في أسعار قطع الغيار. وتصر الحكومة الصينية على أنها "لا تستهدف بشكل محدد الشركات الأجنبية متعددة الجنسية" بل إنها تسعى وراء الأرباح الزائدة في تجارة السيارات الفاخرة للشركات الأجنبية التي تبدو راغبة تماماً في خفض هوامشها من أجل الحفاظ على وصولها إلى الأسواق الصينية.

تكتيكات الترهيب

وعلى الرغم من ذلك نشرت غرفة التجارة في الاتحاد الأوروبي بياناً يوم الأربعاء الماضي يشير إلى أن المحققين استخدموا تكتيكات ترهيب مع ملاحظة أنه "فيما تدرك الغرفة الأوروبية أن عدداً من الشركات الصينية جرى التحقيق معها بتهمة انتهاك قانون محاربة الاحتكار، فإن مجتمع الأعمال الأوروبي يدرس بصورة متزايدة مسألة ما إذا كانت الشركات الأجنبية، قد استهدفت بشكل غير متناسب في تلك التحقيقات".

وإضافة إلى ذلك يبدو أن المسؤولين الصينيين يستعدون لمعالجة الحجم الضخم من المخزون الذي يهدد وكلاء السيارات، والذي لم يتراجع بصورة تامة في العامين منذ أن تساءلت وكالة أنباء شينخوا الرسمية ما إذا كان ذلك المخزون قد بلغ "منطقة خطرة". وربما يفضي أسلوب الصين في التعامل مع قطاع التجزئة للسيارات في نهاية المطاف الى تحرير الوكلاء من الشهادات المتعلقة بمصنعي المعدات الأصليين، بحسب تحليل مهني، وينهي نظرياً قدرة الشركات الصانعة على فرض مخزون زائد على الوكلاء، وعلى الرغم من أنه من غير الواضح كيف قد تغير تلك الأنظمة العلاقة بين الوكلاء وشركات صناعة السيارات فإن التحرك في هذا الاتجاه يبدو مثل فرصة نحو مزيد من الخطوات الاستراتيجية في الصناعة على شكل إصلاح يركز على المستهلك.

تعزيز صناعة السيارات

سعت الحكومة المركزية في الصين منذ زمن طويل إلى تعزيز صناعة السيارات المحلية وتقويتها لكنها حققت نجاحاً طفيفاً فقط في إبعاد اللاعبين الهامشيين، ولأن الوكلاء يشعرون بأعباء ضعف المنافسة قبل أن تشعر شركات صناعة السيارات بها فإن حكومة بكين قد تمضي نحو تمكين الوكلاء من جعل الشركات تعاني القدر ذاته من المصاعب.

وعلى الرغم من أن التدخل الحكومي الجديد يتم وفقاً لتنظيم يهدف إلى حماية المستهلك ومحاربة الاحتكار فإن توافقه مع أهداف السياسة السائدة يجعل من الواضح أن الغاية الحقيقية هي إقامة صناعة سيارات صينية ذات تنافسية عالمية، ومن خلال الضغط على الشركات الأجنبية العملاقة والشركات المحلية الهامشية قد تكافئ الإصلاحات في الصين شركات صنع السيارات القابلة للحياة بتوفيرها أفضل فرصة لها من أجل الانضمام إلى النخبة العالمية.

وتعتبر الحكومة الصينية مسؤولة عن قدر كبير من التكلفة العالية للسيارات في أسواقها والتي تنبع بشكل جزئي من الضرائب التي تمنع الشركات من إبراز السعر النهائي للمبيعات، وما لم تتسم الحكومة بمزيد من الشفافية إزاء تأثيرها في أسعار السيارات الجديدة فقد يكون من الحماقة النظر إلى حملتها الهادفة إلى حماية المستهلك عبر قيمتها الظاهرية.