هيغل يبيعنا الوهم!
من قلب الولايات المتحدة الأميركية في واشنطن وجه الثلاثاء الماضي وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إدانة مبطنة إلى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وحملها ضمنا مسؤولية آلاف الضحايا السوريين، عندما قال: "نأسف لتراجع الإدارة الأميركية عن توجيه ضربات عسكرية للنظام السوري في الخريف الماضي على أثر استخدام – النظام- للأسلحة الكيماوية، ونعتقد أنها كانت ستغير كثيراً من الأمور على مستويات عدة، إلا أن هذا واقع قد حصل ولن نعيد صنع التاريخ" - انتهى. باريس تحاول بشكل غير مباشر فضح الاتفاق الذي تعارضه بين واشنطن ولندن وموسكو مع طهران بشأن إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وتحديداً المشرق العربي وتسليم إيران الهيمنة عليه، ولذلك فإن مسرحية مجلس العموم البريطاني في أغسطس الماضي بعد الاستخدام المفرط من نظام الأسد للسلاح الكيماوي برفض اشتراك لندن في جهد دولي لمعاقبة النظام السوري وحلفائه، وكذلك تهديدات أوباما في حينه كانت مناورات كاذبة ولعباً على أشلاء ودماء الشعب السوري هدفها ألا يفسد التحالف الأميركي الإيراني الوليد والاتفاقات التي تمت بموجبه.***
وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل أتى قبل أيام ليجتمع مع نظرائه الخليجيين لبحث العلاقات وسبل التعاون الدفاعي العسكري، تزامناً مع صياغة زملائه لمسودة الاتفاق النووي النهائي مع طهران والأثمان التي ستقدم نتيجة له، هيغل لم يقدم أو يقل شيئاً جديداً بل حث الخليجيين على شراء مزيد من الأسلحة الأميركية ومنظومات صاروخية مكلفة وباهظة الثمن بينما إيران تحشد قواتها بالقرب من الحدود العراقية -كما تشير تقارير دولية- لنجدة نظام المالكي لو تعرض لتحدٍ جدي أو حاول أحد إسقاطه، وفي خضم حرب واشنطن الفوضوية في اليمن ضد "القاعدة" التي توفر لطهران أفضل بيئة ممكنة للتحرك في اليمن مع الحوثيين، ويأتي كذلك على وقع إعلان مستشار المرشد الفريق صفوي أن حدود إيران امتدت حتى جنوب لبنان، في ما التطهير العرقي اكتمل في حمص والبقاع الشرقي، في حين تفرض واشنطن فيتو على تقديم السلاح المتراكم في مخازن دول الخليج للثوار السوريين! ما جاء به هيغل إلى الخليج هو الوهم ليبيعه لنا كي نهدأ ونستكين حتى تكتمل فصول الصفقات بين واشنطن وطهران دون أن يستجد شيء مفاجئ يعكر صفوها ومراحل تنفيذها.***منذ أيام حلت ذكرى النكبة الفلسطينية وما رافقها من عمليات تهجير وإعادة توطين للفلسطينيين، وهو ما يترافق تقريباً مع ما يحدث في عدة مدن سورية بتهجير وإعادة توطين لأهلها، لاسيما ما حدث في حمص مؤخراً، وهذه الأحداث تذكرنا بأسى بالمرات العديدة التي استغلت فيها القضية الفلسطينية، والمتاجرة فيها من ديكتاتوريين للبقاء في السلطة، ومن أقليات للسيطرة على الحكم وبيع أوطانهم للمشاريع الأجنبية كما يحدث في سورية، وآخرها الاستخدام الذكي والمخطط بدهاء من طهران لاستغلال القضية الفلسطينية واللعب بجميع أطرافها بحنكة وذكاء حتى وصلت إلى مرادها بفرض مشروعها القومي دون أن تفقد إيرانياً واحداً على جبهات القتال مع إسرائيل، أما قضية حزب الله وجنوب لبنان وإسرائيل فهو ثمن كان لا بد أن يدفعه حلفاء إيران اللبنانيون لإثبات الواقع الجديد للقوى على الأرض هناك، وهو فصل قد انتهى وما علينا سوى تذكر وثيقة بوغدانوف التي تتضمن وقائع اجتماع بين نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد ونظيره الروسي ميخائيل بوغدانوف في مايو 2013، والتي جاء فيها: "نقل مقداد خلاله تأكيدات نصر الله إلى إسرائيل". وقال نصر الله بحسب الوثيقة: "بامكانكم أن تقولوا للإسرائيليين إن حدود لبنان الجنوبية آمن مكان في العالم لأن اهتمامنا كله منصب على ما يجري في سورية" مؤكداً أن حزب الله "لا يضمر أي نية للقيام بأي عمل ضد إسرائيل"، كما نُقل عن بوغدانوف (عن جريدة إيلاف الإلكترونية).