في توطئة كتاب {فاكهة الغفران} بقلم الشاعر حسن ناصر في مقدمة المجموعة، نقرأ: {أعترف بأني والى فترة قريبة جداً لم أكن لأحلم بإصدار مجموعة شعرية.
الأمر مباغت وكما حدث للخواجه حافظ شيرازي الذي نام كهلاً فحلم بولي جليل المقام يطعمه قطعة حلوى لتنفتح قريحته الشعرية في النهار التالي.ظننت في منتصف العشرينات من العمر أني تركت كتابة القصيدة إلى الأبد. سحرتني القصة القصيرة بفنها الدقيق والعميق وفضاءاتها الخصبة. تناسلت التفاصيل التي كنا نشهدها مع اشتداد تراجيديات الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن العشرين وما عاد ليسعها الشعر الذي كان وسيلة الإعلام الحربي لتسويق الموت وعظمة العسكر. بهذا أبرر ميلي الحاسم إلى النصوص السردية القصيرة ومن ثم الرواية متصادية في روحي صرخة ستندال على لسان جوليان سوريل {آه ايها القرن التاسع عشر}.من ناحية أخرى يبدو القول بأني تركت كتابة الشعر مرائياً إلى حد ما لأني لم أتوقف لحظة عن قراءة الشعر وترجمته وكتابته أو التفكير بكتابته. لكني أعتقد أيضاً بأني ربما عنيت بقراري ذاك الإقلاع عن التعامل مع الأحداث والأشياء والأفكار بوصفي شاعراً!علاقتي الملتبسة بالشعر ربما تجلت في ترجماتي لشعراء آخرين وانجلت في كتابته التي جاءت متأخرة هذه المرة ودونما ولي أو قطعة حلوى لكنها من الانقلابات المفاجئة السعيدة في حياتي. كنت كففت مبكراً عن مطاردة الشعر وبعد أن أقنعت نفسي بمكانتي كفلاح يعمل في حقول السرد.لا أدري كيف يمكن تصنيف هذه النصوص وجنسها وهذا في الواقع أمر لا يشغلني قط، إذ أعرف أني كتبتها بصدق أو بالأحرى أنجبتها بفرح كما دب يتناسل في سبات تحت الجليد عند الشفق القطبي. توهمتها حاملات لمشاعري في هذا العالم ورؤاي عن الكون والوجود وأتمنى لها أن تكون كذلك}.زمن الورقاللافت أن دار {مخطوطات} تنشر الكتب الشعرية وتضع نسخاً منها على شبكة الإنترنت لمن يحب أن يقرأها، كأن نشرها ورقياً ليس أكثر من مجرد حنين إلى زمن الورق، أو نوع من وفاء لهذا الزمن الجميل.ولحسن ناصر نتاجات في الرواية والقصة القصيرة والترجمة، وهو من مواليد العمارة جنوب العراق 1960. درس الأدب الفارسي في جامعة بغداد وتخرج عام 1985. نشر روايته الأولى {قلعة محمد الباب} (1993) عن دار الكنوز الأدبية، ودرس الترجمة واللسانيات في جامعة غرب سيدني وحصل على الماجستير على رسالته (ترجمة وليم فولكنر إلى العربية) عام 2005. حصل أيضاً على الدبلوم العالي في الترجمة الشفهية والتحريرية عام 2006، وترجم شعراء أستراليين إلى العربية وكتب في النقد ونقد الترجمة. صدرت ترجمته العربية لكتاب الرحالة الإنكليزي ويلفريد ثيسغر {عرب الأهوار} عن دار {الشؤون الثقافية} قي بغداد، ودار {الجمل} في ألمانيا. صدرت مجموعته السردية {في مرايا حانة} عن دار الفارابي، وترجمته مختارات من بورخيس في كتاب {سداسيات بابل} عن دار الكتاب الجديد المتحدة عام 2013. وعن دار {الغاوون} صدرت روايته {غيوم على الرصيف} عام 2013.
توابل
{فاكهة الغفران}... رؤية عن الكون والوجود
08-01-2014