هوشة في الديوانية

نشر في 03-06-2014
آخر تحديث 03-06-2014 | 00:01
 يوسف عبدالله العنيزي الدواوين نظام كويتي فريد من نوعه ليس له مثيل في أي دولة ولا حتى في دول مجلس التعاون الخليجي، فيمكن وصف الديوان بمجلس اقتصادي، سياسي، اجتماعي، أدبي "تحلطمي... مشتقة من تحلطم"، والأهم لقاء إخوة تجمعهم المودة والمحبة.

في الديوانية يدور الحديث عن كل شيء بلا استثناء بشفافية مطلقة دون خوف أو رعب من زوار الفجر أو الظهر أو المساء، ولعل بدايات الديمقراطية الكويتية انطلقت من تلك الدواوين والتي تعتبر رافدا أساسيا لاستقرار النظام السياسي الديمقراطي البرلماني، فمن خلالها يمكن تفريغ الشحنات السلبية المتراكمة من التحلطم وعما يدور في البلاد، وإن كان للأسف يطغى عليها الجانب السلبي، إضافة لذلك فالديوانية تعتبر منبرا ديمقراطيا يستخدمه المترشحون لمجالس الأمة أو البلدي أو الجمعيات التعاونية.

في الأسبوع الماضي، وعند زيارتي لأحد الدواوين التي أتردد عليها، اقترحت على الحضور الكريم أن نأخذ النصف ساعة الأولى من الوقت "بدون تحلطم"، لنتحدث عن السفر عن بلاد الدنيا، عن الحداق، عن الفن... وغير ذلك من أمور بعيدا عن الإحباط والتحلطم، واجه اقتراحي معارضة البعض وموافقة الأغلبية، وبناء على ذلك بدأنا حديثا منوعا، لكن أصدقكم القول إنه كان حديثا مملا مفتعلا وفيه تصنع... فلا أحد يستمع إليه، حتى المتحدث لا يعرف عما يتحدث، حتى جاء الدور في الحديث للعم بوعبدالله، وهو الخبير بالسمك وأنواعه وأسعاره وأوقات تكاثره، وفجأة انتقل في حديثه قائلا: "أتصدقون يا جماعة أنني قضيت أكثر من ساعة ونصف من بيتنا الى سوق السمك بشرق، مع أن المسافة لا تستغرق أكثر من عشرين دقيقة، بس كانت الطرق كلها مزدحمة بشكل غير معقول مع شوارع محفرة وجسور متهالكة وصخور متطايرة وشباب مستهتر و... و..."، وقاطعته: بوعبدالله النصف ساعة بعد ما خلصت.

صاح بوجهي "يا عمي فكنا... والله الواحد انبطت جبده واحنا نشوف ديرتنا صارت جذيه، لا شوارع مثل الناس، لا جامعات، لا مستشفيات سنعة، لا مطار مثل بقية الدول ومجلس أمة يتهاوش أعضاؤه... أنت بجيت... لا والله ما بجيت وكل يوم الحكومة طايحتله تخرع فينا "العجز قادم... العجز قادم" انزين احنا شنسوي، تبون تخصمون من رواتبنا عليكم بالعافية، حاسدينا على هالراتب الناس تاخذ الملايين ومحد يقول لهم شيء". وأخذ الحديث أحد الإخوة محملا جزءا من المسؤولية على المواطن الذي أصبح اتكاليا بكل شيء على الحكومة، فالراتب يدخل حسابه بدون حساب ولا حتى أحيانا "دوام"، قاطعه أحد الإخوة أنا مستعد أداوم طول اليوم بس قول لي شنهو اسوي غير شرب الشاي والقهوة، فالحل والربط بيد القيادات المسؤولة، تقدر تقول لي شنهو اللي صار في مشروع خور الديرة، ومشروع جسر جابر والمطار الدولي، ومدينة الحرير، وجزيرة فيلكا، وبرج مبارك، وجون الكويت، ومترو الأنفاق،... و... و...

استمر الحوار على هذا المنوال، فالمواطن يحمل الحكومة المسؤولية، والتي تحمل مجلس الأمة المسوؤلية في عدم التعاون، ومجلس الأمة بدوره يحمل الحكومة المسؤولية، ويضيع الوطن وأهله... ونقول لك الله يا وطن لك الله يا كويت... اشتد النقاش وحمي الوطيس، وهنا أعلن أحد الإخوة بقرب رفع الأذان، عندها انفض الجمع، وتفرق "الإخوان"... هذه الكويت وهؤلاء أهلها يشتد نقدهم لها، لكن حبهم وعشقهم لها يسكن وجدانهم.

حفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.

back to top