تحدٍّ جديد للعلاقات بين الولايات المتحدة والبحرين
في 20 يوليو رفعت وزارة العدل البحرينية دعوى قضائية لوقف نشاط «جمعية الوفاق»- مجموعة المعارضة الشيعية الرئيسة في البلاد- وذلك في الأشهر الثلاثة المقبلة؛ وبالطبع يعتمد نجاح هذه الدعوى على مصادقة المحكمة المحلية عليها، وكانت الحجة المطروحة للقيام بالدعوى هي ضرورة قيام «الوفاق» بـ»تصحيح وضعها القانوني» خلال المدة المذكورة، في إشارة إلى الانتهاكات المزعومة للقانون البحريني الذي يحصر إقامة «جمعيات سياسية» بفئةٍ معينة، إذ لا يسمح تقنياً بتأسيس مثل هذه الأحزاب السياسية، كما أن الحكومة البحرينية قلقة بشأن «رجل دين» معيّن داخل الجماعة، ومع أنّه لم يكشف عن اسم الرجل هذا، إلا أنه من السهل التعرف عليه فهو الشيخ عيسى أحمد قاسم، الذي يرأس لجنة تتمتع بسلطة تخولها رفض المرشحين لمنصب الأمين العام، وهو أعلى منصب داخلي في «الجمعية».تأتي خطوة الحكومة البحرينية هذه على خلفية استياء البحرين المستمر من الزيارة التي قام بها مساعد وزير الخارجية الأميركي توم مالينوفسكي إلى الجزيرة في الشهر الماضي، وكان مالينوفسكي التقط صورا مع الأمين العام لـ»جمعية الوفاق» ورجل الدين الشيعي الشيخ علي سلمان أثناء اجتماعه بهما، ورداً على التصرف الأميركي، طردت المنامة مالينوفسكي، لخرقه العرف الدبلوماسي باجتماعه مع ممثلي المعارضة قبل لقائه مع ممثلي الحكومة، متذرعة بأنّ المسؤولين الأميركيين تجاهلوا الشرط الذي وضعته البحرين بأن يكون مسؤول بحريني حاضراً في أي اجتماعات تعقدها السفارة مع «جمعية الوفاق»، ومذاك بدأت الحكومة باتخاذ إجراءات قانونية ضد الشيخ علي ومسؤول آخر في «الوفاق».
يعتبر وقف النشاط المحتمل لمدة ثلاثة أشهر أمراً محرجاً للدبلوماسية الأميركية، إذ- ولو افترضنا دخوله حيز التنفيذ بسرعة- من المرجّح أن ينتهي قبل موعد انتخابات الجمعية الوطنية في البحرين، المقرر إجراؤها في أكتوبر أو نوفمبر، وكان المسؤولون الأميركيون وغيرهم في الدول الغربية يدعمون العملية السياسية التي تسير بخطى بطيئة وتهدف إلى إعادة «الوفاق» إلى الاتجاه الرئيس، وما زالوا يدعمون هذا التوجه. وكان أعضاء الجماعة في البرلمان قد استقالوا في عام 2011 بعد أعمال شغب مناهضة للحكومة، وعلى الرغم من أن هناك أغلبية شيعية في البحرين، فإن «جمعية الوفاق» وحلفاءها لم يفوزوا بأغلبية في الجمعية الوطنية المكونة من أربعين مقعداً.وما زال الموقف الرسمي لـ»جمعية الوفاق»، التي فوجئت على ما يبدو بخطوة الحكومة الأخيرة، يتمثل برفضها المشاركة في الانتخابات إلى أن يتم تنفيذ الإصلاحات، بما في ذلك تقسيم الدوائر وزيادة سلطة الجمعية الوطنية، وخاصةً قدرتها على الموافقة على أعضاء الحكومة. وعلى قادة الجماعة والمسؤولين الأميركيين أن يقرروا هنا عما إذا كان يجب دفع «الوفاق» للمشاركة في الانتخابات وفقاً لشروط الحكومة أو عما إذا كان ينبغي اعتماد التهميش. ولا شكّ أنّ الأولوية الدبلوماسية المركزة حالياً على القتال الدائر بين إسرائيل و«حماس» في غزة خفّفت من قدرة واشنطن على الرد فوراً على خطوة البحرين، وفي العشرين من يوليو، ومن باب المصادفة كما يبدو، استضافت البحرين مؤتمراً للسفراء الفلسطينيين المعتمدين في الدول العربية، وعشية هذا الحدث زار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المنامة لإجراء محادثات مع الملك حمد، حضرها أيضاً رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان والإصلاحي ولي العهد ونجل العاهل البحريني الأمير سلمان بن حمد، وفي تصريحات حازت تغطيةً إخبارية واسعة، عبّر الملك حمد عن المزاج العام في العالم العربي من خلال انتقاده إسرائيل ومطالبته المجتمع الدولي بوقف إراقة الدماء.ولطالما شابت سياسة الولايات المتحدة تجاه البحرين التوترات التي تراوحت بين تشجيع الإصلاح السياسي والحفاظ على علاقات ثنائية عسكرية ممتازة، تسمح للولايات المتحدة بالحفاظ على مقر الأسطول الأميركي الخامس ومنشآت كبيرة للقاعدة العسكرية في الجزيرة، وجميعها حيوية لردع إيران عبر الخليج. ومع الرحيل الوشيك للسفير الأميركي الحالي- الذي تم انتقاده في واشنطن لعلاقاته المعقدة مع الحكومة البحرينية- وترشيح بديل له الأسبوع الماضي، كان ينبغي أن يكون للولايات المتحدة نقطة انطلاق للبدء بحوار جديد والنأي عن حادث مالينوفسكي، وتشكل الإجراءات القانونية التي اتخذتها البحرين ضد جماعة المعارضة الرئيسة اختباراً مبكراً لهذا الاقتراح، وموضوعاً محتملاً للنقاش في جلسات لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي حول الموافقة على المبعوث الأميركي الجديد.سايمون هندرسون | Simon Henderson