شدد رئيس اللجنة الثقافية لمجلس الشورى الإسلامي الإيراني د. غلام حداد على ضرورة نزع الجرثومة الطائفية، التي تحصد أرواح الأبرياء في البلدان الإسلامية، مبينا ان "الخلاف أمر علمي يستند إلى الاستدلال العقلي بمعزل عن التحقير والإساءة إلى الآخر، فنحن دعاة توحد وننبذ الفرقة"، منتقدا القنوات التلفزيونية التي تثير الفتنة بين الشيعة والسنة من خلال الإساءة لبعض الشخصيات التاريخية الإسلامية.

Ad

جاء ذلك ضمن اللقاء المفتوح الذي نظمته رابطة الأدباء الكويتيين مساء أمس الأول لحداد وجمع من الأدباء والمثقفين للحديث عن قضايا متنوعة.

وأكد حداد عمق العلاقات الإيرانية الكويتية المتسمة بالإخوة والودية، مشيرا إلى أن البلدين شهدا تطورا كبيرا في التواصل منذ انتصار الثورة الإسلامية في طهران، وتقلدها زمام الأمور وبلوغ رموزها سدة الحكم منذ نحو 35 عاما.

وأضاف: "منذ مئات السنين يحترم الإيرانيون الكويت الجارة المطمئنة، واتساقا مع هذه المفاهيم الراسخة في وجدان الإيرانيين تشكلت حدود علاقة وثيقة تمثلت في ما بعد واقعا ملموسا أثناء الغزو العراقي للكويت، إذ لم تتردد طهران في إعلان إدانتها للاجتياح الصدامي وتقديم المساعدة للكويتيين".

وفي ما يتعلق بعلاقات إيران مع جيرانها، أبدى حداد أسفه لفتور العلاقة خاصة مع الكويت، مضيفا: "أصبحنا كالغرباء في العالم الإسلامي، وكأننا نشاهد عرضا مسرحيا، وأرخت علينا العتمة أستارها بينما نلمح نورا على خشبة المسرح لو انتبهنا له فسيتكفل بتبديد الظلام، لكن الكل منشغل عن الضوء بمغريات الحضارة الغربية، وأهمل إرثه ومصدر نوره، وبتنا لا نعمل على توثيق أواصر الصلات بيننا، بل نهرول نحو واشنطن ونيويورك".

واستشهد ببيت شعر فارسي ومعناه بالعربية: "انظروا إلى هذه الغربة فأنا وصديقي مثل عينين لكننا لم نر بيوتنا"، مضيفا: "لا أفهم أسباب سيطرة شعور الانغلاق في التعامل بين الدول الإسلامية، إذ يتخيل البعض أن أبواب التبادل الثقافي موصدة، بينما البوابة الاميركية والأوروبية مواربة وتجذبهم بقوة نحوها".

ربيع الموسوعات

وعن الموسوعة الإسلامية، التي بصدد تنفيذها، ذكر حداد ان إيران تعيش ربيع كتابة الموسوعات راهنا، إذ يوجد فيها نحو 200 موسوعة قيد التنفيذ، وتركز موسوعته على عناصر التوافق وتتجنب تناول الموضوعات الجدلية التي تشعل فتيل الخلاف.

وحول الهوية الثقافية، حذّر حداد من الحرب التي تشنها بعض القوى الكبيرة في البلدان الإسلامية لإلغاء وجودها الثقافي، معتبرا أن العدو غرس هذه الحشرة مستخدما نفوذه لكي تنخر الجسد الثقافي الإسلامي.

وامتدح الأجواء الديمقراطية التي تنعم بها الكويت، وحرية التعبير عن الرأي ضمن الديوانيات التي حرص على زيارتها خلال حضوره إلى الكويت، متمنيا أن يساهم اللقاء في رابطة الأدباء في إزالة سوء الفهم الذي تكوّن بسبب بعض الظروف التي يمر بها العالم راهنا، "لأني أعوّل كثيراً على التبادل الثقافي بين المشهدين الإيراني والكويتي".

واستدرك: "لدينا اهتمام بتفعيل أواصر التبادل الثقافي والأدبي بيننا، ونتجنب المفردة التي تفرقنا، معتقدين ان الخلاف أمر علمي ويحتاج إلى الاستدلال العقلي، ونناقش موضوعاتنا بشفافية بلا تحقير أو إساءة، ونحرص على أن الصوت الوحدوي هو الذي يخرج من حناجرنا لأننا لسنا دعاة للفرقة".

أوجه التوافق

ثم فتح باب النقاش، وشدد د. سليمان الشطي على "توافر أوجه التوافق في الإرث الإسلامي بين العرب والفرس، لكن للأسف لا نأخذ من التراث إلا ما يفرقنا"، متسائلا: "هل ثقافتنا الواحدة عنصر تفريق أم تجميع؟"، مستفسرا عن سبل القضاء على ما يشاع، ويحرص على نشره أيضاً من عناصر تكرس الفرقة بين الشعوب وفي الواقع لا قيمة لها بالتاريخ.

وثمن الأمين العام لرابطة الأدباء طلال الرميضي دور المؤسسات الثقافية والتعليمية الإيرانية في تفعيل حركة ترجمة عيون الأدب العربي إلى اللغة الفارسية. من جانبه، لفت رئيس جمعية تنمية الديمقراطية ناصر العبدلي إلى المساهمة الثرية لأبناء بلاد فارس في رفد الحضارة الإسلامية وتطوير العلوم والفنون.

وأشار الرميضي إلى تقصير المبدعين الإيرانيين في الأدب والاقتصاد بشأن ضعف تفاعلهم مع نظرائهم في البلدان المجاورة، لاسيما ان الكويت تعد بوابة الخليج العربي، داعيا إلى الالتفات إلى الإرث الثقافي المشترك وتقويض الفرص على قضايا التناحر السياسي.

وتمحور سؤال عبدالحسين سلطان حول رؤية الضيف بشأن معالجة الخلافات المذهبية والتناول الطائفي التي فرضت واقع الانشقاق وتمزيق الامة الإسلامية إلى فرق وفئات.

أما الكاتب سامي خليفة فاعتبر أن ابهار المنتج الثقافي الغربي يفوق قدرة الإيرانيين على التسويق لبضاعتهم بالطريقة ذاتها، لاسيما ان الدول المتطورة استثمرت التكنولوجيا في هذا المضمار.

وبشأن الهوية الثقافية، شددت د. خديجة المحميد على ضرورة الحفاظ على الهوية الثقافية ضد الحرب الناعمة التي تستهدف البنى الثقافية.

يذكر أن الكاتب فيصل العنزي أدار اللقاء الذي اقيم على هامش فعاليات القرين الثقافي الـ20.