"إما أن نحكمكم... أو نقتلكم"... هذا هو ما يحاول أن يقوله "تنظيم الإخوان" للمصريين الآن.

Ad

يسعى تنظيم "الإخوان" إلى عرقلة التقدم السياسي الذي يحققه المصريون راهناً عبر سلسلة من العمليات الإرهابية والتخريبية التي تستهدف إشاعة الفوضى، وإعطاء الانطباع بعدم الاستقرار، والضغط على أعصاب الجمهور.

التطور الجديد الذي بات ملمحاً أساسياً في أداء "الإخوان" الحركي الآن هو استهدافهم للجمهور غير المؤيد لهم، ومحاولة إفساد حياة أكبر قطاع من المصريين والإضرار بمصالحهم.

يقوم أنصار "الإخوان" وحلفاؤهم بقتل الجنود والضباط والمدنيين في سيناء، في ما يقوم "الإخوان" أنفسهم بالاعتداء البدني على "الأهالي" في الدلتا والوادي، أو الاعتداء المعنوي على المعارضين وغير المؤيدين عبر وسائط التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.

لقد خرج عشرات الملايين من المصريين إلى الشوارع في 30 يونيو الفائت، مطالبين بإطاحة حكم تنظيم "الإخوان"، الذي أثبت عجزه وفشله وفاشيته. وتدخل الجيش دعماً لإرادة الجماهير، فمنع انزلاق البلاد إلى مخاطر الحرب الأهلية.

وفي 3 يوليو الماضي، تم إعلان "خريطة طريق المستقبل"، وهي الخريطة التي تمت صياغتها بتوافق بين الأزهر، والكنيسة، والقوات المسلحة، والشرطة، والقضاء، وجهاز الدولة البيروقراطي، والقوى الثورية، والمعارضة الوطنية المدنية.

تضمنت "خريطة طريق المستقبل" التزامات واضحة وذات توقيتات ملزمة؛ أهمها تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً مؤقتاً للبلاد، وتشكيل حكومة انتقالية، وإصدار إعلان دستوري، وإرساء ثلاثة استحقاقات دستورية؛ تتمثل في تعديل دستور 2012 والاستفتاء عليه، وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مدة سنة.

أعطت "خريطة الطريق" وعداً وأملاً للمصريين بالخروج من النفق المعتم العفن الذي أدخلهم فيه حكم "الإخوان"، وقد استطاع النظام المؤقت المضي قدماً في تلبية استحقاقات تلك الخريطة، وفي منتصف شهر يناير المقبل سيكون المصريون على موعد مع الاستفتاء على التعديلات الدستورية.

تشير التعديلات الدستورية التي أجريت على دستور 2012 إلى تقدم كبير في الإطار التشريعي المصري، خصوصاً في ما يخص الحريات والحقوق الأساسية، ويمكن القول إن إقرار هذا الدستور عبر استفتاء نزيه، سيمنح البلاد أفضل دستور في تاريخها على الإطلاق.

كان المصريون يعانون تحت حكم مرسي انقطاع الكهرباء المتكرر في المناطق كافة، بشكل أضر بكل صور الحياة وعمليات الإنتاج المختلفة. وكانت طوابير السيارات تصطف بالساعات أمام محطات الوقود، في ما الحكومة عاجزة عن ضمان تدفقه بالكميات المناسبة لسد حاجة المركبات المختلفة.

الآن يشعر المصريون بتحسن واضح في كل مناحي الحياة، وتنهض الحكومة الراهنة بمسؤولياتها في ضمان توفير الاحتياجات الضرورية للمواطنين، بحيث لا تظهر أي أزمات في ما يتعلق بالسلع والخدمات الحيوية.

تحسنت علاقات مصر مع الدول العربية، خصوصاً دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بعدما كادت إدارة مرسي، و"إخوانه"، تطيح بتلك العلاقات التاريخية والحيوية.

تلقت مصر أكثر من 12 مليار دولار من المساعدات من السعودية والإمارات والكويت، وقد وعدت تلك الدول بتقديم مساعدات أكبر، في إطار محاولاتها الرامية إلى مساندة مصر في الخروج من أزمتها، وتنفيذ "خريطة طريق المستقبل".

لقد مثلت عملية إدخال التعديلات على دستور 2012 شكلاً من أشكال العمل السياسي والقانوني المدروس والمتوازن والشفاف. وتشهد مصر ورشة سياسية الآن لإرساء قوانين ولوائح تخص العمليات الانتخابية بما يضمن حيدتها ونزاهتها وينظم علاقة السلطات العامة بها على النحو الأمثل.

وتخوض القوى والأطراف السياسية المعنية مفاوضات مكثفة للاستقرار على الخطوة التالية بعد إقرار الدستور. يرى البعض ضرورة التعجيل بالانتخابات الرئاسية، في ما يرى آخرون ضرورة الالتزام بأن تسبق الانتخابات البرلمانية، بداعي أن "لدينا رئيساً"، وأن "ما ينقصنا هو البرلمان".

وعلى الصعيد الاقتصادي، بدأت عجلة الإنتاج تتحرك في أكثر من موقع وقطاع. ورفع عدد من وزارات الخارجية في الدول الأوروبية المصدرة للسياحة في مصر الحظر على زيارة البلاد، وهو الأمر الذي أنعش هذا القطاع بعد الأضرار الحادة التي أصابته في الفترات السابقة.

سيؤدي استكمال العملية السياسية في مصر على نحو نزيه وشفاف إلى كسب ثقة المجتمع الدولي، وتحقيق الاستقرار، والبدء في إنجاز تحول ديمقراطي واثق وحقيقي، وهو أمر سيتزامن بالطبع مع تدفق الاستثمارات الخارجية ودفع عجلة الاقتصاد.

لكن "الإخوان" لا يريدون لهذه العملية أن تتم، ولا يريدون لخريطة الطريق أن تكتمل، ولذلك، فهم يضعون العصي في الدواليب، محاولين جر البلاد إلى الفوضى والعنف.

يركز "الإخوان" استراتيجيتهم الآن على الجامعات، فيسخرون الطالبات والطلاب المنتمين إليهم لتفجير الأوضاع وتنظيم التظاهرات، بعدما فقدوا القدرة على الحشد في الشارع. وفي غضون ذلك، يقوم حلفاؤهم في سيناء بشن هجمات إرهابية على قوى الجيش والشرطة، كما يحاولون القيام بعمليات مماثلة في الوادي.

في الأسبوع الماضي، هاجم متظاهرون "إخوان" في محافظة الدقهلية، بالدلتا، سائقاً كان يحاول العبور خلال تظاهرة غير مرخص لها، فاصطدم بإحدى السيدات، فما كان من المتظاهرين إلا أن  ذبحوه، وحرقوا سيارته. وقبل يومين، شن متظاهرون "إخوان" أيضاً هجمات على أهالي بعض المناطق في محافظتي القاهرة والجيزة، لأنهم لا يناصرونهم، ويحاولون منعهم من التظاهر.

 تقول البروفيسورة "تريش روبرتس ميلر"، الأستاذة في جامعة "تكساس"، "إن إيذاء كل من لا يشاركك الآراء نفسها، لحمله على موافقتك الرأي، هو أبشع أنواع الديماغوغية".

يشن تنظيم "الإخوان" هجمات على المصريين، ويستهدف تكدير حياتهم، وإذلالهم، وحملهم على اليأس، والعودة عن "خريطة الطريق"، والتسليم بالفشل، والمطالبة بعودة مرسي من جديد.

يمارس تنظيم "الإخوان" إرهاباً بحق المصريين، حين يوعز إلى الطالبات والطلاب المنتمين إليه بتعطيل الدراسة في الجامعات، والاعتداء على الأساتذة وطردهم أو محاصرتهم في مكاتبهم، ومنع إقامة الامتحانات، وتدمير المنشآت الجامعية.

يخسر تنظيم "الإخوان" كل يوم جزءاً من شعبيته المتآكلة أصلاً، ويفقد بعضاً من مكانته المتراجعة أساساً، ويجبر بعض قطاعات الجمهور التي تكن احتراماً له على التخلي عن مناصرته. ينظر قطاع كبير من الجمهور المصري إلى السلوك العدواني للتنظيم الآن باعتباره حالة مرضية مستعصية، لكن قطاعاً آخر بدأ يرى "الإخوان" خارج سياق الوطنية المصرية.

لن يستطيع "الإخوان" تفجير الأوضاع في مصر أو إعاقة "خريطة الطريق"، لأن المصريين ببساطة لا يدعمون ذلك السلوك. المصريون جربوا حكم "الإخوان" وعاينوا قدرتهم وسويتهم الأخلاقية جيداً، وهم الآن لديهم مسار مقترح لعملية سياسية منصفة وعادلة، وقد برهنت القيادة المؤقتة على التزامها بها ووفائها لها... لذلك، فهم لن يذهبوا إلى الفوضى أو الفراغ، ويتركوا حلاً مقنعاً ووجيهاً وقادراً على تلبية متطلبات المستقبل ومواجهة تحدياته.

لكن هل يفهم "الإخوان"، أو من يدعمهم ويحركهم، هذا؟

* كاتب مصري