«التخطيط»: الاستجوابات الخاطئة سبب تعثر الاستقرار السياسي

نشر في 07-12-2013 | 00:01
آخر تحديث 07-12-2013 | 00:01
No Image Caption
• هناك إساءة في استعمال أدوات الرقابة والمساءلة تمس مكانة الدستور ولا تخدم المصلحة الوطنية
• أنصبة التكتلات في مجالس الأمة الأخيرة أظهرت ارتفاع حساب مؤشر التنافر السياسي في البلاد
حمّل تقرير حديث صادر عن المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية مسؤولية جزء كبير من الشعور بعدم الاستقرار السياسي في البلاد إلى «الاستجوابات النيابية الخاطئة»، وإساءة استعمال ادوات الرقابة والمساءلة وفق الضوابط والشروط التي حددتها أحكام الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الأمة وقرارات المحكمة الدستورية التفسيرية.

وأشار التقرير إلى أن بعض الممارسات أدت إلى تعثر مسيرة العمل الوطني وتعذر الإنجاز المنشود، وقد تمثلت هذه السلبيات في الاستجوابات والتفرغ للمساجلات والمشاحنات وتسجيل المواقف السياسية بأي أمر، وهو أمر كان ولا يزال محل استياء شعبي شامل، علما أن ما يحدث يشكل «تجاوزا وخلطا يمس مكانة الدستور ويبعثر الإمكانات والجهود ولا يخدم المصلحة الوطنية».

يشير تقرير المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية إلى أن القلق البالغ الذي يجمع عليه المسؤولون حول تماسك المجتمع وتنميته يظهر بوضوح ان ثمة صلة وثيقة بين السلوك غير المسؤول، خصوصا بواسطة القيادات التنفيذية والسياسية، وبين الثقة في المستقبل فما يترتب على عدم التعاون بين السلطات الرسمية من عدم استقرار سياسي يهز ثقة الأفراد العاديين في المستقبل، كما ينعكس عدم الثقة سلبا على مختلف مناحي الحياة العادية لمختلف قطاعات المجتمع ويؤثر بطريقة ملموسة على سلوك الافراد ويدفعهم الى تفضيل السلوك غير الرشيد الذي لا يترتب عليه زيادة وتيرة الفساد فقط، وانما ايضا ظهور انماط سلوك اكثر تدميرا خصوصا في اوساط الفئات الشابة من المجتمع.

مؤشرات الحكم الصالح

ويكشف التقرير عن وجود شواهد تؤكد القلق على التماسك الاجتماعي في المجتمع  الكويتي، وذلك من مكوني السلوك المسؤول بواسطة الافراد والمجموعات والثقة بالمستقبل، مضيفا انه يمكن تناول القضايا المتعلقة بكيفية ممارسة السلطة في اي مجتمع في اطار الاتفاق العام الذي تبلور في العالم حول فهم الحوكمة على انها تعني الحكم الصالح، وعلى انها تشتمل على التقاليد والمؤسسات السائدة في الدولة حول كيفية ممارسة السلطة، هذا وتطور اتفاق ايضا على النظر الى مؤشرات الحوكمة التي تم تطويرها على انها مؤشرات للتركيبة المؤسسية للدولة ولأغراض التحليل والقياس او مؤشرات الحكم الصالح على انها تشتمل على ثلاثة محاور رئيسية على النحو التالي.

أ- عملية اختيار الحكومة ومراقبتها وتغييرها، ويشتمل هذا المحور على مكونين هما مكون التعبير والمساءلة الذي يعكس مدركات المدى الذي يشارك فيه مواطنو البلد في اختيار حكومتهم ومدى توافر حريات التعبير والتنظيم ووسائل الاعلام ومكون الاستقرار السياسي وغياب العنف والارهاب الذي يعنى بعكس مدركات احتمال زعزعة الحكومة او اسقاطها بطريقة غير دستورية او سوائل عنيفة بما في ذلك العنف المسلح والارهاب السياسي.

ب - مقدرة الحكومة على صياغة سياسات صائبة وتنفيذها بطريقة فعالة ويشتمل هذا المحور على مكونين هما مكون فعالية الحكومة الذي يعكس مدركات حول نوعية الخدمات العامة ونوعية جهاز الخدمة المدنية ودرجة استقلاله عن الضغوط السياسية ونوعية صياغة السياسات وتنفيذها ومصداقية الحكومة في التزامها بالسياسات التي تمت صياغتها. اما المكون الثاني فهو مستوى ونوعية الرقابة الحكومية الذي يعكس مدركات عدم تدخل الحكومة في النشاط الاقتصادي ووضعها لضوابط تفسح المجال اما تطور القطاع الخاص وتحفزه.

ج - احترام المواطنين والسلطة للمؤسسات التي تحتكم للتفاعل السياسي والاجتماعي في ما بينهم، ويشتمل هذا المحور على مكونين هما مكون حكم القانون الذي يعكس مدركات الحد الذي يثق فيه افراد ومختلف تكوينات المجتمع بالقوانين والالتزام بها، وفي ما يتعلق باحترام تنفيذ التعاقدات واحترام حقوق الملكية وقبول احكام المحاكم اضافة الى عكس مدركات احتمال تفشي حدوث الجريمة والعنف، اما المكون الثاني فهو الحد من الفساد الذي يعكس مدركات المجتمع الذي تستخدم فيه السلطة العامة لتحقيق منافع شخصية بما في ذلك كل انواع الفساد وكذلك حالات اختطاف الدولة بوساطة النخب السياسية والمصالح الخاصة.

 على اساس هذا الاطار التحليلي العام يتناول هذا الفصل التطورات حديثة العهد في مختلف مكونات الحكم الصالح (الحوكمة) واعادة النظر في الانجازات في مجال التنمية البشرية بعد توسيع قياسها ليشتمل على مكونات الحوكمة.

هذا ويمكن تمثيل الوضع الراهن بالشكل حيث يمثل الاطار الخارجي محيط الهيكل المؤسسي للدولة الذي تتفاعل فيه مكونات الحكومة (الحكم الصالح) التي تستند الى الشرعية الدستورية والشعبية لنظام الحكم الذي ترتب عليه مكون الانتخابات الحرة والنزيهة لاختيار ومساءلة الحكومة ومكون حكم القانون هذا وتمثل الدوائر داخل الاطار بقية مكونات الحوكمة المتفاعلة ذات العلاقة بالشعور العام بعدم الاستقرار الساسي، وبحسب الشكل تتفاعل هذه المكونات بطريقة مستمرة.

تطورات مفصلية

خلال الفترة منذ عام 1999 هيمنت التطورات السياسية على مشهد الحوكمة في الكويت خصوصا في ما يتعلق بالعلاقة بين السلطة التشريعية كما يمثلها مجلس الامة بالبرلمان المنتخب والسلطة التنفيذية كما يمثلها مجلس الامة (البرلمان المنتخب) والسلطة التنفيذية كما تمثلها الحكومة وترصد الوثائق الرسمية ووسائل الاعلام المختلفة اهم هذه التطورات حول امر الحوكمة.

وعن التطورات في مجال عملية اختيار الحكومة ومحاسبتها وتغييرها  قال التقرير، شهدت الفترة قيد الدراسة حل مجلس الامة حلا دستوريا اربع مرات، وذلك للفصول التشريعية، العاشر حيث تم الحل بمرسوم اميري في 21/5/2006 والحادي عشر 19/3/2008 والثاني عشر 18/3/2009 والثالث عشر 6/12/2011 حسبما هو منصوص عليه في المادة (107) من الدستور واجريت الانتخابات العامة بطريقة دورية في ميعاد لم يتجاوز شهرين من تاريخ الحل الدستوري في كل مرة. ومهما يكن من امر تفاصيل الاحداث التي ادت الى حل مجلس الامة خلال الفترة قيد الدراسة وهي تفاصيل تتعلق بتقاطع عدم التعاون بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية يمكن ملاحظة التطورات الاتية على الساحة السياسية.

- الفصل، لأول مرة، بين رئاسة مجلس الوزراء وولاية العهد الذي تم في 12/6/2003 حيث كان العرف يجري  حتى ذلك التاريخ على ان يتولى ولي العهد رئاسة مجلس الوزراء.

- موافقة مجلس الامة في 16/5/2005 على منح المرأة الكويتية حقوقها السياسية كاملة وذلك من خلال تعديل قانون الانتخابات وصدر هذا الانجاز التاريخي في القانون رقم (17) لسنة 2005.

- صدور القانون رقم 42 لسنة 2006 القاضي بتحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الامة بخمس دوائر عوضا عن خمس وعشرين دائرة في 17/7/2006.

- خوض المرأة الكويتية للانتخابات في عام 2006 لاول مرة في تاريخ الكويت بعدد 37 مرشحة ثم انتخابات عام 2008 بعدد 27 مرشحة حيث لم تفز اي من المرشحات بمقعد في مجلس الأمة الحادي عشر والثاني عشر وفي انتخابات عام 2009 تقلص عدد المرشحات من النساء الى 16 مرشحة فازت 4 منهن بمقاعد في مجلس الامة الثالث عشر.

- وفي مجال عملية اختيار الحكومة ومحاسبتها وتغييرها في اطار الحكم الديمقراطي الذي تتمتع به الكويت وفي ظل الانتخابات الدورية التي تعهدها التي تتمتع بحرية وشفافية ونزاهة بحسب القوانين والضوابط المرعية في مثل هذه العمليات الانتخابية، لعله من المهم ملاحظة عدم وجود احزاب سياسية معترف بها، وخلال الفترة قيد الدراسة احتفظت العملية الديمقراطية الكويتية بتكتلات برلمانية اختلفت في تسمياتها ما بين تيارات وقوى وجماعات سياسية.

هذا ويرصد انصبة تلك التكتلات في مقاعد مجلس الأمة عن انتخابات عام 2000، كما افرزتها انتخابات عام 1999 وانتخابات فبراير عام 2012 وحساب مؤشر التنافر السياسي وهو عدد المقاعد البرلمانية التي حصدتها تلك التكتلات ونسبتها الى الاجمالي التي ستستخدم لحساب مؤشر التنافر السياسي.

وقال يتضح من نتائج حساب مؤشر التنافر السياسي خلال الفترة قيد الدراسة ان الساحة السياسية شهدت زيادة في التنافر السياسي من 0.656 في انتخابات فبراير الى 0.748 في انتخابات 1999، مما يعني ازدياد ظاهرة عدم الاستقرار السياسي وهي ظاهرة عبر عنها كثير من المراقبين السياسيين.

وفي مجال التعبير والمساءلة وبحسب المعيار الدولي المستخدم ان الكويت سجلت في مجال حرية التعبير والتنظيم  مستوى اقل من المتوسط الدولي ولو بطريقة هامشية عام 2000، في حين تمتعت بمستوى من الاستقرار السياسي وتجنب العنف يفوق المتوسط الدولي عام 2000، وسجل هذا الاستقرار السياسي اتجاها للانخفاض خلال الفترة قيد الدراسة الا ان الدولة ظلت محافظة على هذه الصفة بمستوى يفوق المتوسط الدولي بحلول عام 2010 حتى الان.

back to top