صناعة النفط الليبية لا تزال عرضة للاحتجاجات
تأمل صناعة النفط الليبية في عودة الأمور إلى طبيعتها الآن بعد انحسار موجة احتجاجات لكن تعزيز الانتاج سيستغرق شهورا ومن المحتمل تجدد الاضطرابات مع انتشار الفوضى السياسية في البلد العضو في أوبك.
وفي الأسبوع الماضي وافقت مجموعة من المسلحين في شرق البلاد على إعادة فتح مينائين رئيسيين سيطرت عليهما منذ عام تقريبا في محاولة للحصول على حكم ذاتي.ومع انتهاء حصار حقل الشرارة الجنوبي قد يعزز استئناف العمل في الموانيء صادرات النفط بنحو 650 ألف برميل يوميا خلال الأسابيع القليلة المقبلة ما يساعد في استعادة معظم الانتاج الليبي الذي كان يبلغ 1.4 مليون برميل يوميا قبل أن تصيب الاحتجاجات القطاع بالشلل.ووافق المسلحون على إنهاء حصارهم بعد أن صوت الليبيون لانتخاب برلمان جديد الشهر الماضي. أظهرت النتائج الأولية أن المرشحين الذين قامت حملاتهم الانتخابية على الدعوة إلى دولة اتحادية تتقاسم فيها كافة المناطق الثروة النفطية حققوا نتائج طيبة في شرق البلاد الذي يعاني من الاهمال.لكن احتجاجات جديد قد تتفجر في أي وقت مع عجز الحكومة عن السيطرة على الميليشيات التي ساعدت في الاطاحة بمعمر القذافي عام 2011 والتي بوسعها السيطرة على المنشآت النفطية متى أرادت سعيا للحصول على النفوذ السياسي والعائدات النفطية.وتضمن الاتفاق على إعادة فتح الموانيء الشرقية حصول المسلحين على مرتبات من الحكومة الأمر الذي قد يشجع ميليشيات أخرى للسيطرة على بنية تحتية نفطية لاغتنام مكاسب مماثلة.وقال جيفري هوارد المحلل لدى كونترول ريسك ومقرها لندن والذي عاد لتوه من رحلة إلى ليبيا "ستظل أصول الطاقة ورقة مساومة رئيسية في يد المجموعات الراغبة في الضغط على الساسة على المستوى الوطني."من المرجح أن يستمر اغلاق المنشآت النفطية خلال العام المقبل على الأقل..العودة إلى مستويات التصدير الكاملة أمر مستبعد إلى حد كبير."وقال حسني بي رئيس واحدة من أكبر الشركات الخاصة في ليبيا إن فرصة الابتزاز المحتملة تتمثل في زيادة مرتبات عمال النفط بنسبة 70 في المئة وهو ما وافقت عليه الحكومة في الخريف الماضي في محاولة فاشلة للسيطرة على الاحتجاجات.وحذر مصرف ليبيا المركزي من المضي قدما في رفع الأجور نظرا لأنه قد يدمر المالية العامة التي تعاني بشدة بالفعل بعد عام من الاحتجاجات التي عصفت بقطاع النفط.زيادة الأجور لكن في مؤشر على أن الحكومة قد ترضخ للضغوط قالت حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته عبد الله الثني إن لديها "تحفظات" على تجميد الزيادات في الرواتب.في الوقت نفسه قالت الحكومة إنها قد تضطر إلى بيع صكوك اسلامية لتمويل الميزانية البالغ حجمها 47 مليار دولار في خطوة غير معتادة بالنسبة للبلد المنتج للنفط الذي كان يفيض عادة بالسيولة النقدية.ومن بين المشكلات الرئيسية أن الانتاج النفطي سيزيد تدريجيا مما سيجبر البنك المركزي على استهلاك المزيد من الاحتياطيات الأجنبية التي تراجعت إلى 109 مليارات دولار من نحو 130 مليار قبل عام.وباستطاعة ليبيا أن تبيع سريعا 7.5 مليون برميل من النفط المخزن في مرفأي راس لانوف والسدر اللذين أعيد فتحهما مؤخرا. لكن الأمر قد يستغرق بعض الوقت لاستئناف ربط الحقول بخطوط الأنابيب التي توقفت عن العمل لفترة أطول من الثمانية شهور التي توقفتها خلال الانتفاضة التي أطاحت بالقذافي عام 2011.وذكرت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أن حقل الشرارة خسر 20 مضخة على الأقل بسبب الاغلاقات المتكررة ويحتاج اصلاحها عدة شهور كي يتسنى استئناف طاقة الانتاج بالكامل البالغة 340 ألف برميل يوميا.وبينما يبذل مهندسو النفط ما بوسعهم لاستعادة الانتاج تواجه طرابلس مأزقا يتمثل في عدم قدرتها على خفض الميزانية التي تنفق نحو 70 في المئة منها على القطاع العام ودعم الوقود والغذاء وعلى الميليشيات في محاول لابقاء الاحباط الشعبي تحت السيطرة.ولم يجرؤ حكام ليبيا الجدد في ظل ضعف الجيش والشرطة على الاقتراب من أي نظام ينتمي لعهد القذافي الذي كان يمنح المرتبات الحكومية أو البدلات السخية كوسيلة لشراء الولاء.والأسبوع الماضي قال الصديق عمر الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي إن الدولة خسرت 40 مليار دولار من العائدات النفطية بسبب الاحتجاجات.وذكر بي أنه حتى مع ارتفاع صادرات النفط إلى مليون برميل يوميا بنهاية سبتمبر أيلول سيبقى العجز في الميزانية عند مستوى 50 في المئة.وانتهت الاحتجاجات في المنشآت النفطية بعد أن قدمت السلطات موعد الانتخابات إلى 25 يونيو حزيران لتتخلص من المؤتمر الوطني العام القديم (البرلمان) الذي يحمله كثيرون مسؤولية الصراع السياسي الذي تعاني منه ليبيا منذ سقوط القذافي.ومن غير المتوقع أن تعلن النتائج النهائية قبل الأسبوع القادم لكن عمليات الفرز الجزئية تظهر تقدما كبيرا للمرشحين الاتحاديين في الشرق الذين يؤيدون أجندة ابراهيم الجضران زعيم الاحتجاجات في المرافيء النفطية.لكن تظل التساؤلات حول شكل النظام السياسي الذي ستتبناه ليبيا في نهاية المطاف إذ لم تنته هيئة خاصة موكلة بوضع مسودة لدستور البلاد من عملها بعد.