كوريا الجنوبية دولة مولعة جدا بشرب القهوة، وتتمتع بواحد من أعلى معدلات استهلاكها في العالم، وبواحد من أعلى معدلات عدد المقاهي لكل فرد، نحو 15000 مقهى لعدد سكان يقارب 50 مليون نسمة، وتركز واحدة من أكثر سلاسل المقاهي الناجحة في كوريا الجنوبية الآن اهتمامها على سوق جديد هو الولايات المتحدة، بلد ستاربكس.
ومن خلال استخدام مزيج من عروض قوائم طعام أوسع مما تقدمه ستاربكس مع خدمة عملاء أفضل مما تقدمه دانكن دوناتس، تراهن كوريا الجنوبية على أن الأميركيين كلهم، وليس الوافدين الكوريين فقط، سيرون أشياء مغرية في عروضها لا تتوافر في السلاسل المحلية.لكن هل تستطيع حقاً أن تنافس الشركة التي ألهمت العنوان القائل "مسلية لأنها حقيقة"؟لقد شرعت ثلاث من أكبر شركات المقاهي في كوريا الجنوبية وهي "باريس باغيت" و"كافيه بين" و"توم ان تومز" بالتوسع في الأسواق الأميركية خلال السنوات العديدة الماضية، وهي عازمة على المضي في هذا المسار. وتقلل شركتا "بين" و"باريس باغيت" بشكل خاص من أهمية دورهما الكوري، وتخططان لمزيد من التوسع في السوق الأميركي خلال العامين المقبلين.زبائن منتصف اليوموفي مثال بارز حول عولمة القرن الحادي والعشرين تقدم الشركتان خدمات عملاء على الطريقة الكورية الجنوبية في الولايات المتحدة – باستثناء تقديمهما معجنات وشطائر على الطراز الفرنسي والايطالي بدلاً من الطعام الكوري، وتطرح الشركات الثلاث صورة مماثلة لستاربكس أو "بانيرا" في مواقعها في مانهاتن لخدمة موظفي المكاتب وطلبة الجامعات، بحثا عن زبائن منتصف اليوم. ويتمثل الشبه الوحيد مع الأصول الكورية في قلة من المواد التي تقدم مثل مشروبات "بين".ولدى "كافيه بين" التي افتتحت في سنة 2012 في الولايات المتحدة 945 فرعا كوريا، ولديها الآن أكثر من 80 موقعا أميركيا. وقالت جاسمين يانغ، وهي مديرة عمليات "كافيه بين"، في حديث الى "فاست كومباني"، إن "الشركة تركز في الولايات المتحدة بقدر أكبر على الجيلاتي والكعك والقهوة. ونظراً لأن السوق الأميركي أكثر تنوعاً من الوجهتين العرقية والثقافية من السوق الكوري الجنوبي فإن الشركة تلمس أيضاً فرصة لإضافة مواد غير كورية مثل السنجري والشاي المثلج على الطريقة التايلندية".وبالمثل تشدد "باريس باغيت" على أن اختلافها عن الشركات المنافسة الأميركية مثل ستاربكس ودونت دانكن أو "بانيرا" يكمن في التشكيلة الواسعة التي تقدمها. وتقول جيسي سو، وهي مديرة تسويق "باريس باغيت"، إن مواقع الشركة الـ35 في أميركا تركز على تقديم تشكيلة واسعة من المواد مع التركيز على المعجنات والشطائر. وتشمل قائمة الطعام لديها الخبز المحلى المحشو بالتفاح والجبن القشدي، والنسخة المحلية من الكرونت والبيتزا حسب الطلب. وتستهدف "باريس باغيت" و"كافيه بين" سوق المطاعم السريعة وهو ميدان بانيرا وتشيبولتس.وتتوسع الشركتان أيضا في الولايات المتحدة كجزء من توجه دولي أوسع، كما ان لدى "كافيه بين" مواقع في 12 دولة بما في ذلك أكثر من 200 فرع صيني و4 مقاه في السعودية، كما أن لدى "باريس باغيت" فروعا في الصين وفيتنام وسنغافورة، الى جانب مطاعمها الأميركية.مقاومة التوسعوعندما تحدثت مع ممثلي الشركتين (لدى توم ان تومز فرع أصغر يتركز بشكل رئيسي في لوس أنجلس) شددت "كافيه بين" و"باريس باغيت" على ضخامة السوق الأميركي. ومجرد عدد شاربي القهوة، كما يرون، يجعل من غير الممكن مقاومة فكرة التوسع في الولايات المتحدة.وبدأت كافيه بين وباريس باغيت عملياتهما الأميركية في مدينة نيويورك، وكانت البداية عبر مواقع في مناطق ذات تركيزات عالية من الكوريين الأميركيين، مثل شمال نيو جيرزي وجنوب كاليفورنيا. وتخطط الشركتان للتوسع الوطني خلال العامين المقبلين –مع نشر كافيه بين لاعلانات في صحيفة نيويورك تايمز سعياً وراء امتيازات تستهدف البلاد كلها.كما أن باريس باغيت –التي يملك مواقعها راهنا قسمان من الشركة الكورية الأم– تستعد للشروع في الأعمال في وقت متأخر من هذه السنة. وتسعى بين وغيرها من اللاعبين في هذا الميدان، بما في ذلك توم ان تومز، الى الحصول على شريحة من السوق الأميركي للقهوة والمجزي جدا. وقد حققت ستاربكس عوائد صافية بلغت 3.87 مليارات دولار في الربع الأول من هذه السنة، كما أن دانكن دونتس، التي تتركز في الشمال الشرقي، والتي تتسم بهامش أرباح أقل في طعامها من ستاربكس، حققت عوائد صافية في الفترة ذاتها بلغت 172 مليون دولار.وبينما تعرف كوريا الجنوبية بأنها ليست الدولة الأجنبية الوحيدة التي تتسم بتقاليد قوية من ثقافة المقاهي وسلسلة المطاعم فهي بين أولى الدول التي حققت مقاهيها تقدما لافتا وقويا في أوساط العملاء الأميركيين. وفي حين تمكنت شركات مقاهي أجنبية اخرى من تحقيق موطئ قدم في الولايات المتحدة –خاصة "ايلي كافيه" الايطالية و"أروما اسبرسو بار" الاسرائيلية- فقد كانت المقاهي الكورية أول الشركات الناجحة في العمل على نطاق واسع في الولايات المتحدة.ونظرا لأن تجربة المقاهي متشابهة الى حد كبير على صعيد العالم، بفضل التأثير الثقافي الايطالي والفرنسي بقدر كبير، فإن ما يتوقعه العملاء لا يختلف كثيرا سواء في سيول أو نيويورك. وهذا يعني أن في وسع مطاعم كوريا الجنوبية تحقيق اختراقات جيدة عن طريق تصدير نموذجها التجاري فيما تقدم أيضاً أطعمة مألوفة تماماً الى المستهلك الأميركي.ويتعين علينا الانتظار لمعرفة ما اذا كان في وسع أي شركة أن تتفوق على ستاربكس.* (فاست كومباني)
اقتصاد
قهوة كوريا الجنوبية تهدد «ستاربكس» في عقر دارها
28-06-2014