بدل بطالة ومراكز توظيف
جميع البيانات والإحصاءات الرسمية تبين أن البطالة بشكل عام وبين الخريجين بشكل خاص في تزايد مستمر (25 ألف خريج سنوياً سيرتفع العدد في عام 2030 إلى 74 ألفاً سنوياً)، ومن الواضح أنه ليس باستطاعة سوق العمل في وضعه المزري الحالي استيعابهم.فالجهاز الحكومي المترهل الذي يعاني بطالة مقنعة لم يعد قادراً على استيعاب المزيد من الموظفين، أما القطاع الخاص، على الجانب الآخر، فحدّث ولا حرج، فعلى الرغم من الدعم الحكومي السخي (تدفع الحكومة 70% من رواتب موظفيه الكويتيين)، وعلى الرغم من التوظيف الوهمي (التزوير في المستندات الرسمية) من أجل الحصول على مناقصات وتسهيلات حكومية، وعلى الرغم أيضاً من أن ما سُمّى "خطة التنمية" كانت "تُبشّر" بتوفير 14 ألف فرصة وظيفية سنوياً في القطاع الخاص، فإن نسبة العمالة الوطنية فيه لا تتعدى 5% من مجموع العاملين، حيث يعتمد بشكل شبه كامل على العمالة الوافدة لأسباب كثيرة ليس هنا مجال بحثها.
وبشكل عام، فإن نسبة العمالة الوطنية من إجمالي قوة العمل تعتبر متدنية (بحدود 20%)، وهو خلل هيكلي كبير يعانيه الاقتصاد الكويتي.حل مشكلة البطالة بشكل جذري لن يتحقق ما لم يتم إصلاح المنظومة السياسية والقضاء على الفساد المؤسسي وإصلاح الإدارة العامة، ومنها بالطبع جهاز "برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة"، الذي يحتاج هو ذاته إلى تقييم موضوعي وإعادة هيكلة جديّة قد يترتب عليها إلغاؤه نهائياً. ومع أخذ ما سبق بعين الاعتبار، فإنه يجب العمل أيضاً على إيجاد حلول جزئية وعملية حتى لو كانت مؤقتة من أجل التخفيف من آثار المشكلة من جانب، ولأن تراكم الحلول الجزئية يساعد مع الوقت على تحقيق الحل الجذري من جانب آخر.ومن ضمن الحلول الجزئية التي تخفف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لمشكلة البطالة هو صرف الحكومة ما يسمى "بدل بطالة" لمن لم يجد وظيفة، وهو يختلف عن "تأمين البطالة" المطروح من الحكومة، والذي لا ينطبق إلا على العاملين الذين فقدوا وظائفهم بعد عملهم لمدة لا تقل عن ستة أشهر.أضف إلى ذلك أنه من المفترض أن تُفتح مراكز توظيف في المحافظات (ممكن تُمول من الجمعيات التعاونية) بحيث تتولى توفير معلومات حديثة حول الوظائف المتوافرة في القطاعين العام والخاص، وتقوم بترتيب دورات تدريبية قصيرة فضلاً عن تسهيل عملية التواصل مع الباحثين عن عمل.وفي السياق عينه، من الأهمية بمكان تحرك الشباب الخريجين أنفسهم من أجل الضغط على الحكومة لإيجاد حلول عملية وسريعة لمشكلة البطالة، حيث بإمكانهم تكوين "جماعة ضغط" لمتابعة كل ما يتعلق بهذه المشكلة.فهل يتحرك الشباب أم ينتظرون تحرك الحكومة، وهو تحرك بطيء للغاية وغير فاعل في أغلب الأحيان؟!