ليت كل القوى السياسية والطوائف والفئات العراقية تنتبه لما يحاك للعراق ولا تصغي للآخرين الأصدقاء والأشقاء والأعداء على السواء، وليحكّموا العقل والحكمة واستحضار تجارب الأمم المشابهة قبل أن يغرقوا في بحور الدم فيفقدوا وطنهم.

Ad

إن مشعلي نيران الحروب، سواء من المنظمات الإرهابية أو الطوائف المتنازعة أو الطامعين بثروات العراق، لن يكفوا عن خلق كل الظروف لتمزيق العراق، وإذا لم ينتبه العراقيون فإن العراق سيتحول إلى قضية دولية يجلس، نيابة عن شعبها، أصحاب المصالح لتقسيم الكعكة بينهم، ولن يطول السنّة والشيعة إلا القتل والدمار، الآن ولعشرات السنين حتى بعد أن يقسم العراق.

ومن الواضح أن أطرافاً صهيونية تتلاعب بمشاعر الطائفتين الرئيسيتين لخلق المزيد من الفرقة، سواء بإدخال المنظمات الإرهابية المرتزقة وقيادات صدام حسين أو إدخال أطراف عربية وغير عربية لتزيد من تأجيج الحرب بين أبناء الشعب الواحد.

يقول صديق عزيز إن جهلنا وتعصبنا هما وقود هذه الحروب الداخلية، وأتفق معه لكن هناك من لا يكلّ ولا يملّ من إشعال الفتن، وهناك أجهزة مخابرات تعمل ليلاً ونهاراً لإذكاء نيران الطائفية والعصبية القبلية والعرقية، ويستغلون جهلنا للنجاح في مخططاتهم.

إذا لم يتنبه العراقيون ومن يهمهم أمر العراق ووحدة أراضيه فإن سيناريو الأرض المحروقة سيستمر، وسيبدأ الكرّ والفرّ وعيون الطامعين تنتظر الوقت المناسب للتدخل لتقسيم العراق بعد أن تصل الحرب بين أبناء الشعب الواحد إلى مرحلة يتمنى كل طرف تدخل الأمم المتحدة أو الدول الصديقة أو الدول العظمى لإيجاد مخرج لكل الأطراف. وبعد أن تتحدد أهداف الطامعين بثروات العراق، وتنتهي أي فرصة لعودة عراق قوي، سيقسم العراق إلى ثلاث أو أربع دول أو ولايات أو سمها ما أردت، المهم أن يكون النفط في مأمن وفي متناول أصحاب اليد الطولى بعد أن تكون قوة العراق قد تحطمت نهائياً، فلا يكون لها أي دور في محيطها العربي أو الإسلامي.

ستعود السيناريوهات المعتادة لتنفيذ مخططات خارجية رأيناها في مشاكل عديدة في العالم، حيث اليوم هو دور مخطط تقسيم العراق، وسنرى الاصطفافات مع هذا الطرف أو ذاك، وسنرى الكرّ والفرّ بين المتقاتلين على المناطق واكتساب مواقع إلى أن تتدخل الأمم المتحدة والدول الكبرى التي تذرف الدمع على الدماء والدمار؛ لتتقدم في النهاية بخطة تقسيم تستفيد منها شركات النفط والدول المالكة لها والقوى التي تفتح لها الأبواب للاستفادة من ثروات العراق.

ستتكرر التمثيلية أمامنا وسيرغموننا على الاقتناع أنه لا حل لوقف والدمار إلا بالتقسيم على أن يكون النفط بيد من يقبل بمشاركة الدول العظمى في نفط العراق، والذي يعتقد أن إثارة التعصب الطائفي وتأجيجه عمل فردي، أو الذي يعتقد أن سحب الجيش العراقي انهيار أو خطأ غير مقصود، أو الذي لا يرى شيئاً في ظهور قيادات صدام في هذا الوقت بالذات فإنه لم يحضر أحداثاً مماثلة ولا عاش هذه السيناريوهات.

سنشاهد ناساً تموت من كل الأطراف بينما هناك من يتابع الأحداث ويراقب مدى التدهور حتى يصل إلى مرحلة بدء الدعوات للعالم للتدخل لوقف الاقتتال، فيتأكد المراقب أن القوات في المواقع المرسومة لها، وأنها استهلكت وعلى استعداد لأي حل.

ليت العراقيين ينتبهون للعبة الكبرى وما يراد بهم، إن الطامعين في نفط العراق وموقعه المميز لن يهمهم لو قتل كل الشيعة وكل السنّة، بل إنهم سيغذون الحرب حتى آخر نقطة دم عراقية، وما فشلوا في تنفيذه في مصر يريدون النجاح به في العراق، وأنتم يا شعب العراق أحق ببلدكم من أي طرف آخر وبإمكانكم دحر هذا المخطط.