في دراسة للمحامي حسين العبدالله أكد وجود بعض المثالب القانونية والمخالفات الدستورية لقانون هيئة الاتصالات الذي أقره مجلس الأمة مؤخراً، والذي ألزم الشركات المرخص لها بحجب أي مواقع تخالف القوانين المرعية في البلاد، وكل ما يمس النظام العام والآداب العامة، دون أن يبين المقصود بتلك القوانين، وكذلك إمكانية حرمان المواطن أو المقيم من خدمة الاتصال الهاتفي إذا طلبت إحدى الجهات المختصة، التي قد تكون داخلية أو خارجية أو غيرها، قطع الاتصال.

Ad

رغم نشر قانون إنشاء هيئة تنظيم الاتصالات وتقنية المعلومات، الذي أقره مجلس الأمة مؤخرا، ونشر في الجريدة الرسمية في 18 الجاري، فإن دخول القانون حيز التنفيذ مازال معطلا حتى إصدار مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية له خلال ستة أشهر من صدوره، ويتم التعامل حاليا مع الجرائم التي ترتكب من مستخدمي أجهزة الاتصالات المختلفة وفق القانون رقم 9 لسنة 2001 بشأن إساءة استعمال الهاتف.

ورغم ما يتضمنه القانون من أحكام حديثة على قطاع الاتصالات وتنظيم كامل لها، سواء في القطاعين العام أو الخاص، فإن القانون أفرغ وزارة المواصلات من محتواها، وجردها من الصلاحيات الممنوحة لها، وأسند لـ»الهيئة» أمر متابعة وتنظيم كل ما يتعلق بالاتصالات العامة والخاصة، والتي سمح القانون للهيئة بإسناد أمر تنظيمها للشركات وفق الشروط والضوابط التي تضعها اللائحة التنفيذية للقانون، أو القواعد التي تصدرها الهيئة عبر مجلسها المكون من سبعة أعضاء.

صياغة التشريع

وبقراءة نصوص القانون فإنه وإن كان قد تناول العديد من الجوانب الفنية، إلا أنها كانت على حساب الجوانب القانونية اللازمة لصياغة التشريع، ما انعكس على العديد من نصوصه بالقصور، فضلا عن خلوه من العديد من الأحكام والمبادئ الدستورية والقانونية التي تعتبر من أبجديات القوانين والتشريعات التي أصدرها المشرع الكويتي طوال الـ50 عاما، ورغم ذلك القصور والنقص فإنه بإمكان تناول بعض الجوانب في اللائحة التنفيذية للقانون، بينما لا يمكن تناول البعض الآخر إلا بتدخل تشريعي!

وأولى الملاحظات التي توجه للقانون عدم تحديده الضمانات الخاصة بسرية الاتصالات الهاتفية وعدم انتهاكها، رغم الضمانات الدستورية وفق المادة 39، وذلك القصور سيدخل المحاكم التي ستعمل على تطبيق القانون على الوقائع المنظورة أمامها في استحالة تطبيق أي أحكام تضمنتها قوانين أخرى، خصوصا أنها لم ترد على وجه صريح في تلك القوانين بل بلوائحها التنفيذية.

والمثال على ذلك أن القانون الجديد نص في آخر مادة على إلغاء أي أحكام ترد بقوانين أخرى كقانون إساءة استعمال الهاتف رقم 9 لسنة 2001، الذي نظم أحكاما مماثلة لبعض ما نظمه القانون الحالي، لكن الاول عهد لتنظيم نصوصه إلى اللائحة التنفيدية التي كفلت ضمانات لمستخدمي الاتصالات بعدم إخضاعها للرقابة إلا بعد الحصول على إذن من النيابة العامة، وإن كانت القضية بعهدة الادارة العامة للتحقيقات، فلا يمكنها أن تصدر أمرا بإخضاع أي من الهواتف للرقابة إلا بعد الحصول على إذن من النائب العام أو المحامي العام.

إذن النيابة

أما القانون الحالي، وبتطبيقه على الجرائم الخاصة باساءة استعمال الهاتف، فلم يلزم جهة التحقيق، ممثلة في الإدارة العامة للتحقيقات، أو الموظفين الذين لهم سلطة الضبط القضائي، الحصول على إذن من النيابة العامة لتتبع أو إخضاع أي أجهزة خاصة للرقابة، ما يعني إلغاء الضمانات التي كفلها الدستور بأن يكون إخضاع الأجهزة للرقابة أو التتبع وفق القانون، وبأن يكون ذلك بعد الحصول على إذن من النيابة العامة لأنها إحدى الجهات القضائية التي سبق أن أسندت لها اللائحة التنفيذية من قانون إساءة استعمال الهاتف رقم 9 لسنة 2001 أمر إخضاع مراقبة الاتصالات إلى إذن من النيابة العامة.

وبتطبيق نصوص هذا القانون من دون الاشارة إلى الضمانات ذاتها التي وردت بلائحة قانون إساءة استعمال الهاتف رقم 9 لسنة 2001، والتي كان يجب النص عليها بالقانون الحالي فإن أمر انتهاك سرية الاتصالات التي أحاطها الدستور بالكثير من الضمانات أمر وارد الوقوع في ظل القانون الحالي.

نظر المنازعات

وثاني الملاحظات الواردة على القانون عدم تحديده القضاء الذي ينظر المنازعات التي تقع في حال الخلاف بين المستفيد والشركة أو بين الهيئة والشركة أو بين المستفيدين أنفسهم، ما سيسمح للاجتهاد القضائي بالنظر في المنازعات التي تحصل، فهل يكون القضاء الإداري هو المختص كون القرارات الصادرة من عقوبات أو مخالفات من جهة إدارية أم القضاء المدني كلي حكومة كون القرارات اصدرتها إحدى الجهات الحكومية أم سيترك الأمر للقضاء وحده بعد أن تستقر المبادئ القضائية بذلك؟

كما لم يحدد القانون جهات التحقيق في الجرائم التي تقع من المستخدمين فهل هي الإدارة العامة للتحقيقات أم النيابة العامة أم يترك الاختصاص حسبما يصنف الفعل جناية أو جنحة، خصوصا أن بعض الجرائم عقوبتها تزيد على ثلاث سنوات كجريمة الابتزاز المرتبطة بوقائع الاساءة والنشر والتهديد!

أجهزة الاتصالات

والملاحظة الثالثة عدم تحديد القانون شكلا واضحا لتعريف يبين ماهية أجهزة الاتصالات الخاضعة لتطبيق القانون، فهل هي كل أجهزة الاتصالات بما فيها البرامج المستخدمة ومن بينها برامج التواصل الاجتماعي والمستخدمة في الاجهزة الذكية أم أجهزة الاتصالات التقليدية؟ خصوصا أن النص الحالي المعرف لأجهزة الاتصالات في المادة الأولى من القانون يعرفها بأي أجهزة أو أدوات أو وسائل أو منظومات اتصالات سلكية أو لاسلكية تستخدم أو يقصد استخدامها في أغراض الاتصالات، وتكون جزءا من شبكة اتصالات مرتبطة بها أو ضمن مكوناتها، ويشمل ذلك أجهزة الراديو المحلية والدولية.

ومثل هذا التعريف العام وغير المحدد سيسمح للمحاكم بالتوسع على نحو غير مقبول لتجريم ما يقع من برامج لمجرد أنها استخدمت من وسائل اتصالات دون تحديد لتعريفها أو مضمونها، ما يخالف فلسفة التشريع الجنائي الذي يستلزم الوضوح والتحديد في مقاصد التشريع حتى يتنبه المخاطبون إلى تجريم الأفعال التي يمارسونها حتى يتجنبوها بدلا من وضع نصوص هي أقرب إلى المصيدة الجنائية كالنص الحالي!

تراخيص الشركات

الملاحظة الرابعة هي خلو القانون من تحديد الشروط التي يجب توافرها في الشركات المتقدمة للحصول على تراخيص، أو تحديد رأسمالها، وترك أمر تحديدها للائحة التنفيذية التي أناط لمجلس الوزراء إصدارها، وكذلك للقرارات التي يصدرها مجلس إدارة الهيئة، وهو ما قد يفسر الرغبة في عدم النص على أي شروط إلا باللائحة التنفيذية أو وفق قرارات الهيئة التي تخضع لإشراف الوزير حتى تخضع لتقدير السلطة التنفيذية وحدها!

الملاحظة الاخيرة يمنح القانون الهيئة حجب أي مواقع إلكترونية لمجرد أنها خالفت أي قانون أو النظام العام أو الآداب العامة دون أن يبين المقصود بتلك القوانين التي يتعين تجنبها، وهو الأمر الذي سيسمح للسلطة التنفيذية إغلاق أي من المواقع الالكترونية تحت ذريعة القانون، في حين كان الأولى أن يعطى لجهات التحقيق أن تطلب من القضاء أمر حجب الموقع وبمناسبة إحدى القضايا المقامة ضده أسوة بتطبيق قانون المطبوعات والنشر.

ومثل هذه الصلاحية ستسمح للسلطة التنفيذية، ممثلة في الحكومة، حجب مواقع الصحف الالكترونية المناوئة لها، بعيدا عن رقابة القضاء خصوصا أن قانون المطبوعات والنشر لم ينظم سوى الصحف الورقية لا الإلكترونية، وهو أمر يعيب القانون لما يمثله من تهديد على حريات الرأي والتعبير والفكر والصحافة الالكترونية!

نصوص القانون

وبعد تناول الملاحظات العامة على القانون فإن هناك العديد من الملاحظات التي وردت بنصوصه، وهي:

أولا: ورد في التعريفات في المادة الأولى من القانون تعريف للاتصالات دون تحديد أو تفصيل لماهيتها، حيث ورد بالتعريف أن الاتصالات كل إرسال أو نقل أو بث أو استقبال للعلامات أو الإشارات أو المكتوبات أو الصور أو الافلام او الاصوات أو المعلومات أيا كانت طبيعتها بواسطة الوسائل السلكية أو الراديو أو بأي وسيلة أخرى من الانظمة الالكترونية دون أن يحدد الانظمة الالكترونية من بين التعريفات ولم يورد لها أي تعريف في القانون.

ثانيا: تكرر ذات الابهام في تلك المادة إلى تعريف أجهزة الاتصالات، والتي اختزل تعريفها بأي أجهزة أو أدوات أو وسائل أو منظومات اتصالات سلكية أو لاسلكية تستخدم أو يقصد استخدامها في أغراض الاتصالات وتكون جزءا من شبكة اتصالات مرتبطة بها أو ضمن مكوناتها، ويشمل ذلك أجهزة الاتصالات والراديو المحلية أو الدولية دون أن يشير لنوعية تلك الأجهزة تحديدا، مكتفيا بعبارات غامضة كعبارة تستخدم أو يقصد استخدامها في أغراض الاتصالات!

في المادتين الثانية والثالثة من القانون أعطيت الهيئة مسؤولية قطاع الاتصالات العام والخاص بشكل عام، ومن بينها قطاع الاتصالات على الهواتف الارضية، بذكرها في الفقرة الثانية من المادة الثانية «وينقل إلى الهيئة الاجهزة العاملة في المجالات التي تحتاجها من وزارة المواصلات والتي يصدر قرار من وزير المواصلات بشأنها، مع الاحتفاظ لهم بكافة حقوقهم ومخصصاتهم».

حماية المستخدمين

كما تنص الفقرة الأولى من المادة الثالثة «تتولى الهيئة تنظيم قطاع الاتصالات والاشراف عليه ورقابته بهدف الارتقاء به في دولة الكويت وحماية مصالح المستخدمين ولها في سبيل ذلك: أ- تنظيم خدمات شبكات جميع الاتصالات في دولة الكويت وفقا للسياسة العامة المقررة لضمان تطوير ونشر تلك الخدمات بمختلف أنواعها وتقديمها للمستخدمين بكفاءة واسعار مناسبة وبما يحقق الاداء الامثل لقطاع الاتصالات».

ومنح القانون وفق الفقرة «ص» من المادة الثالثة منه لصلاحيات الهيئة أن تتولى أمر فض المنازعات بين مزودي الخدمات أو أطراف النزاعات، ما سيفتح للهيئة إنشاء أحد أقسام التحكيم الاختياري في حال وجود خلاف بين الشركات العاملة في مجالات الاتصالات والانترنت، لفض المنازعات التي تحدث رغبة من المشرع لحسم أي خلافات داخل الهيئة كتشجيع لعدم حل تلك الخلافات عن طريق القضاء.

كما منح القانون في الفقرة «ق» للهيئة حق تخصيص وتنظيم وإدارة أي برامج لكي تكون نافذة وظاهرة إلى شبكة المعلومات العالمية الانترنت، كما تسمح الفقرة «ش» من المادة الثالثة بحجب أي مواقع أيا ما كانت، بإلزام الشركات المرخص لها بحجب أي مواقع تخالف القوانين المرعية في البلاد، وكل ما يمس النظام العام والآداب العامة، دون أن يحدد القانون القوانين التي يجب على أصحاب المواقع أو المدونات التي يتطلب تجنبها واكتفى بذكر مخالفة القوانين المرعية في البلاد وكل ما يمس النظام العام أو الآداب العامة، وهو الأمر الذي سيجعل أمر إغلاق أي من المواقع الالكترونية في الكويت خاضعا لقرار إلزامي من الهيئة للشركة مزودة الخدمة أيا ما كانت بحجب تلك المواقع إخبارية كانت أو سياسية أو قانونية تحت ذريعة مخالفة القانون، وهو الأمر الذي يخالف قواعد العدالة والمحاكمة القانونية!

تفرغ أعضاء «الهيئة»

في المادة الرابعة من القانون لم يشترط القانون التفرغ لجميع أعضاء مجلس هيئة الاتصالات، حيث اشترط فقط أن يكون من بين السبعة أعضاء أربعة منهم على الاقل متفرغون، كما نص في المادة السابعة منه على أن يحدد مجلس الوزراء بقرار منه مكافآت أعضاء مجلس الادارة المتفرغين وغير المتفرغين، وهو أمر يخالف فكرة الاستقلالية والشفافية التي يجب على الهيئة أن تعمل بها بضرورة تفرغ جميع أعضاء مجلس الإدارة لما لهم من صلاحيات واسعة وجسيمة، وعدم تفرغ ثلاثة منهم قد يسمح بتضارب المصالح، ما قد يعوق عمل الهيئة على النحو الذي أراده المشرع من ذلك، بل إن حتى فكرة إشراك غير المتفرغين كان بمقدور القانون أن يسمح بالاستعانة بهم في اللجان الاستشارية وليس بمجلس الإدارة المكلف برسم السياسات واتخاذ القرارات والموافقة على تراخيص الشركات وإيقاع العقوبات وغيرها من الصلاحيات الواسعة لمجلس هيئة الاتصالات!

في المادة 49 نصب القانون هيئة الاتصالات بالجهة المعنية بتلقي الشكاوى التي تقام من المستخدمين ضد الشركات المزودة بالاتصالات أو خدمات الانترنت، على أن تقوم بالتحقيق فيها وكذلك حفظها، كما نصت المادة 53 من القانون بفقرتها الأولى بجواز قطع شركات الاتصالات على المشتركين خدمة الاتصال إذا تم استخدامها استخداما مخالفا للتشريعات النافذة أو الآداب العامة، او تخلف عن دفع الرسوم والاجور المستحقة عليه رغم إنذاره خطيا.

ومثل ذلك النص المثير يسمح بانتهاك أحقية الافراد في استخدام حق الاتصال المنصوص عليه بالدستور، والذي يجب على القانون العادي أن ينظمه لا أن يجور عليه بأن أجاز لشركات الاتصال لأسباب ودواع عامة وفضفاضة بقطع الاتصالات على المستخدمين وبذرائع باطلة كأن خالفوا التشريعات النافذة أيا ما كانت، بينما لم يحدد القانون أي تشريعات يقصد؟! أو خالفوا الآداب العامة، وما الاداب العامة بنظر شركات الاتصالات؟!!

كما أن النص السابق يلزم شركات الاتصالات قبل قطعها لخدمة الاتصال عن المشتركين الممتنعين عن سداد الرسوم أو الفواتير أن تنذرهم خطيا، وهو الأمر الذي سيفتح لكل شخص يقطع خطه ولم يرده إنذارا خطيا أي مكتوبا من شركات الاتصالات الرجوع عليها ومقاضاتها ومطالبتها بالتعويض، وهو الأمر الذي يمثل عبئا على شركات الاتصالات باتباعه من ضرورة إيصال إنذارات خطية مكتوبة لكل مشترك ممتنع عن سداد فواتيره قبل قطع الخدمة عليه.

الدواعي الأمنية

كما سمح نص المادة 53 بفقرته الثانية بإمكانية حرمان المواطن أو المقيم من خدمة استخدام الاتصال من شركات الاتصالات إذا ما طالبت إحدى الجهات المختصة بحسب النص وقد تكون الجهات الأمنية داخلية أو خارجية أو غيرها قطع الاتصال عنه تحت ذريعة الأمن الوطني وهو ما سيسمح لوزارة الداخلية بمطالبة هيئة الاتصالات ولدواع أمنية أن تطالب الشركات بقطع الاتصالات عمن تشاء، وهو أمر يناقض حرية الاتصالات التي كفلها الدستور وأناطها بالعديد بالضمانات، إلا أن هذه المادة ستجعل من حق المواطن والمقيم باستخدام حقه بالاتصال أمرا مشروطا بموافقة الجهات الأمنية وحدها ولها أن تأمر بتعطيل الاتصال عن أي شخص ومهما كان ومن دون حكم قضائي!

وفي المادة 55 من القانون فقد نص القانون على إيجاد هيئة لفض المنازعات يتولى رئاستها مستشار يتم ترشيحه من مجلس القضاء أو رئيس إدارة الفتوى ومهمتها الفصل في كل المنازعات التي تقع بين المرخص لهم أو المشغلين واشترطت اللجنة على الخاضعين لتطبيق القانون في حال وقوع نزاع بينهم اللجوء إلى لجنة فض المنازعات قبل اللجوء إلى القضاء وإلا حكم بعدم قبول أي دعوى منهم أمام القضاء ويجوز التظلم بعد ذلك من قرارات هذه اللجنة أمام القضاء.

الضبط القضائي

بينما قررت المادة 59 من القانون بمنح عدد من موظفي الهيئة سلطة الضبط القضائي وأناط لهم العديد من الصلاحيات الواسعد لدرجة أنه سمح لهم بالدخول بأي مكان دون أن يحدده خاصا كان أو عاما يوجد به أو يشتبه أن توجد به أجهزة أو شبكات أو مرافق اتصالات أو كل أو جزء من البنية التحتية المستعملة في خدمات الاتصالات، وذلك لتفتيشها ولضبط أي أجهزة أو معدات اتصال غير مرخص أو مصرح بها أو تستعمل في نشاط غير مرخص به أو أن يكون من شأن استخدامها التشويش أو الاضرار بأنظمة الاتصالات القائمة، وكل تلك الصلاحيات الواسعة من دون الحصول لا على إذن من محقق في الإدارة العامة للتحقيقات ولا حتى من وكيل النيابة، وكان الأولى بالمشرع أن يحدد الأماكن الخاضعة للتطبيق كالشركات الخاصة بالاتصال أو المحال التجارية لذلك في مجال الانترنت أو الاتصال، في حين يسمح النص بالدخول إلى المساكن الخاصة وهي الأماكن التي تمت مراعاتها بالعديد من الضمانات حفاظا على خصوصيتها، وقد توجد بها بعض المواد الواردة بتلك المادة!

وفي المادة 70 من القانون فقد حدد النص الافعال المعاقب عليها من قبل مستخدمي أجهزة الاتصالات الهاتفية، وهو بأن تتم معاقبة من يسيء عن طريق الهاتف بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على الفي دينار ومعاقبة كل من أقدم بأي وسيلة من وسائل الاتصالات على توجيه رسائل تهديد أو اهانة أو رسائل منافية للآداب أو نقل خبر مختلق بقصد اثارة الفزع يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف وكل من تعمد الاساءة والتشهير بالغير عن طريق استعمال جهاز او وسيلة من وسائل الاتصال أو غيرها في التقاط صورة أو أكثر أو مقطع فيديو له دون علمه أو رضاه أو استغل إمكانات هذه الأجهزة واستخرج صورا منها دون إذنه أو قام باصطناع صورة مخلة بالآداب العامة لأشخاص يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف وكل من أرسل صورا مخلة بالآداب العامة لأشخاص آخرين أو قام بنشرها أو تداولها بأي وسيلة كانت يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسة آلاف، وإذا اقترنت الافعال السابقة بالتهديد أو الابتزاز أو تضمنت استغلال الصور باي وسيلة في الاخلال بالحياء أو المساس بالاعراض أو التحريض على الفسق والفجور تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات والغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف ولا تقل عن ألف.

مساءلات

والملاحظ من المادة السابقة التي وردت نقلا من قانون إساءة استعمال الهاتف رقم 9 لسنة 2001 لبعض أحكامه وتوسعه لأحكام أخرى فإنها ووفقا للمفهوم العام فمن الممكن أن تتم مساءلة مستخدمي أجهزة الاتصال مهما كان استخدامهم لها طالما اقترنت بالأفعال الواردة بتلك المادة، وهو ما يعني مساءلة مرسلي رسائل النص الهاتفية (المسجات) والرسائل الخاصة بالواتساب وكذلك التغريد في شبكات التواصل الاجتماعي تويتر والفيسبوك والمواقع الالكترونية والمدونات، وكذلك عرض الصور في شبكة الانستغرام، بل إن النص ذهب إلى أبعد من ذلك بأن سمح بمعاقبة من يقوم بتداول أي صور أو مقاطع فيديو إن كانت مخلة بالآداب بأي صورة كان ذلك التداول وهو ما يفهم من هذا التوسع من مفهوم التداول الوارد بالمادة أن عمل إعادة النشر أو إعادة التغريد لرابط مخل للآداب العام أو مقاطع فيديو عن طريق «الرتويت» يسمح بمساءلة القائم فيه لأن النص عاقب كل من قام بالنشر للمقاطع أو الصور المخلة للآداب العامة أو تداولها ويدخل «الرتويت» بمفهوم التداول فيما لم يرد ذكر لعبارة حظر التداول في باقي الجرائم.

وفي المادة 83 من القانون يسمح النص بمساءلة الشخص الاعتباري عن أي من الجرائم الواقعة في القانون أي يجوز مساءلة أصحاب التراخيص جنائيا إذا ارتكبت أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون ولم يقتصر القانون بمساءلة الأشخاص الطبيعيين.