جدد وزيرا الخارجية الكويتي والبريطاني أمس التزام البلدين بعلاقات التعاون بينهما، مؤكدين تسهيل حصول الكويتيين على تأشيرة الدخول للمملكة المتحدة عن طريق النظام الإلكتروني، وتوافق مواقف البلدين حيال عدد من القضايا الإقليمية والدولية.

Ad

ثمن رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد تعاون الحكومة البريطانية في تسهيل حصول المواطنين الكويتيين على تأشيرة الدخول للمملكة المتحدة عن طريق النظام الإلكتروني، «وهي الخطوة التي ستمهد لإعفائهم من التأشيرات مستقبلا».

وقال الخالد، في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع نظيره البريطاني وليام هيغ أمس، إن «زيارة الدولة التي قام بها سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد للمملكة المتحدة في نوفمبر من العام الماضي، جسّدت التواصل على أعلى المستويات، لتعزيز العلاقات التاريخية والمميزة بين الكويت والمملكة المتحدة، والتي تعود إلى منتصف القرن الـ18».

وأشار إلى أن هذا التعاون يعكس مدى عمق العلاقات الثنائية ومتانتها في هذا المجال، مستذكراً مواقف الحكومة البريطانية المشرفة من قضايا الكويت وأمنها واستقرارها، خصوصاً الموقف التاريخي البارز أثناء الغزو العراقي، وما تلا تلك الفترة من التزام بريطاني بدعم قضايا الكويت في مجلس الأمن.

وأضاف: «اننا نتطلع اليوم إلى مزيد من التعاون وتعزيز العلاقات بيننا في مجال الاستثمارات، والتي يعود تاريخها الى عدة عقود، حيث اننا احتفلنا في شهر يونيو الماضي بمرور ٦٠ عاما على إنشاء مكتب الاستثمار الكويتي في بريطانيا، والذي يدير أهم استثمارات الكويت في الخارج».

وكشف عن تطلع الكويت إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية ورفع مستوى التبادل التجاري ليبلغ 4 مليارات دينار، وهو الهدف الذي تم تحديده أثناء زيارة سمو الأمير للمملكة المتحدة العام الماضي.

تسهيلات التأشيرة

كما أعرب الخالد عن شكره الحكومة البريطانية على تعاونها في مجال تسهيل حصول المواطنين الكويتيين على تأشيرة الدخول إلى المملكة المتحدة ووزارة الخارجية البريطانية، وعلى رأسها الوزير وليام هيغ، من أجل سعيهم لضم الكويت إلى قائمة الدول التي يحق لمواطنيها الدخول لبريطانيا بالتأشيرة الإلكترونية والتي أعلنها مؤخراً رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وهي الخطوة التي ستمهد لإعفاء المواطنين الكويتيين من التأشيرة مستقبلا.

محادثات الجربا

وعن أهم الموضوعات التي ستناقش خلال الزيارة التي سيقوم بها رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في سورية أحمد الجربا الى الكويت اليوم، ذكر الخالد أن هذه الزيارة مهمة وتوقيتها مناسب جداً، «وسنناقش المسارين السياسي المتمثل في مؤتمر جنيف 2 لوضع حل سياسي للأزمة السورية، والمسار الإنساني في مؤتمر كويت 2 للدول المانحة لدعم الوضع الإنساني في سورية».

وأضاف أن «العالم كله يتابع الأوضاع في سورية، ويتألم لما آلت إليه الأمور هناك»، مشيراً إلى أن «اللقاء مع الجربا سيكون فرصة للتباحث في كل ما يتعلق بالقضية السورية، ولمعرفة توجهات الائتلاف على الصعيدين السياسي والإنساني، لاسيما أن توقيت هذه الزيارة يأتي قبل 48 ساعة من انعقاد القمة الخليجية في الكويت التي تتضمن بنودها القضية السورية كإحدى أهم القضايا الإقليمية».

«النووي الإيراني»

وبالنسبة إلى ما أثير عن وجود تباين في مواقف الدول الخليجية حيال اتفاق دول (5+1) مع إيران بشأن ملفها النووي، أشار الخالد إلى أن الدول الخليجية جار مباشر لإيران، وتولي هذا الموضوع أهمية كبيرة، مؤكداً أن «الدول الخليجية جميعها رحبت بهذا الاتفاق المبدئي، وتأمل أن يتم التوصل إلى اتفاق شامل ونهائي في هذه القضية».

وجدد الترحيب بالوزير هيغ والوفد المرافق له في زيارته الكويت «التي تأتي استكمالا للقاءات والمشاورات المستمرة بين القيادتين والمسؤولين على كل المستويات في البلدين، وبحث آخر التطورات الإقليمية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وتنسيق المواقف اتجاه القضايا الدولية».

ورداً على تساؤل عن مدى صحة ما قيل عن مشاركة وزارة الخارجية الكويتية في لقاء بإمارة دبي بين وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ووزراء خارجية عرب مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز عبر الشاشات قال الخالد، «إن هذا الاجتماع تزامن مع استضافة الكويت القمة العربية الإفريقية الثالثة، ولم يكن باستطاعة أي مسؤول كويتي في وزارة الخارجية حضور ذلك الاجتماع»، مشدداً في السياق ذاته على أن موقف الكويت واضح ولا يحتاج إلى توضيح، ولا أعتقد أنني بحاجة إلى تأكيد المؤكد في هذا الصدد».

التزامات «التعاون»

بدوره، أكد وزير الخارجية البريطاني عمق العلاقات الثنائية التاريخية بين الكويت وبريطانيا القائمة على الاحترام المتبادل، واصفاً هذه العلاقة بـ»الموسعة والمعمقة» في مختلف المجالات الحياتية من خلال الطلاب الكويتيين الذين يدرسون في المملكة المتحدة، أو رجال الأعمال الكويتيين أو الذين يزورون لندن ويعتبرونها بلدهم الثاني. كما ناقشا عدة ملفات متعلقة بالاستثمارات والتأشيرات والأمن والملفين الإيراني والسوري.

وحول العلاقات البريطانية الخليجية، قال هيغ «إن التزامنا مع شركائنا في الخليج قوي جداً ولا شيء سيغير هذا الالتزام، بل سنعمل على توثيق التعاون في المجال الأمني والسياسة الخارجية مع شركائنا في الخليج، وسنتابع مناقشة هذه المواضيع وغيرها».

وعند سؤاله عن بلورة منظومة أمنية مشتركة بين بريطانيا والكويت، قال الوزير البريطاني: «لا يوجد إعلان جديد، وقد قدمت ملاحظتي بما يتعلق تعزيز التعاون الأمني على مختلف المستويات، ونحن ملتزمون القيام بذلك مع دول الخليج والكويت، ولكن الأمر يتطلب المزيد من النقاشات بين الحكومتين»، مؤكداً أن الأمن الوطني لكل البلدين هو في مصلحة البلد الأخرى، وسنتابع متابعة المناقشات.

تأشيرات

وفي ما يتعلق بموضوع التأشيرات، قال هيغ: «لقد كنت مسروراً أن أشهد إعلان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بأن الكويت ستكون جزءا من خطة التأشيرات الجديدة التي ستسمح للكويتيين بتقديم طلبات الفيزا إلكترونياً للحصول على تأشيرة دخول مرة واحدة  قبل 48 ساعة من دخول البلد».

وأشار إلى أن هذا الطلب سيكون مجانياً، وسيبدأ العمل به في 2014، وأن هذا التوجه سيتم تعميمه على بلدان أخرى، حيث إن عدد الزوار أدنى من الزوار الكويتيين، لكن الأهم هو فعالية هذا التوجه الإلكتروني.

دعم اللاجئين السوريين

وأوضح وزير الخارجية البريطاني أن بريطانيا عقدت مناقشة مع الحكومة الكويتية على مدى الأشهر الماضية، ركزت خلالها على بعض المسائل الأساسية التي تواجهها المنطقة، مشيدا «بحرص وكرم» الكويت في تأمين الدعم اللازم من أجل التعاطي مع الكارثة الإنسانية المتفاقمة في سورية.

وحول استضافة الكويت لمؤتمر المانحين الثاني يناير المقبل، قال هيغ: «نأمل أن يحقق هذا المؤتمر نجاحا أكبر من المؤتمر الأول»، مؤكدا ان «بريطانيا ملتزمة بتعهدها المتمثل بتقديم 5 ملايين باوند كمساعدات إنسانية للشعب السوري داخل سورية وفي الدول المجاورة».

وأضاف: «لقد ناقشنا الدعم المشترك لمؤتمر جنيف 2، والتقدم السياسي في سورية، ونأمل الوصول من خلاله إلى حل سياسي لوقف سفك الدماء هناك».

 وعن المطالبة بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد، ذكر: «لطالما كنا واضحين بشأن الحل السلمي في سورية الذي يجب أن يتطلب مغادرة الأسد، حيث إنه من المستحيل أن نتخيل، بعد هذا الكم الهائل من الدمار والضحايا والقمع الممارس، بقاء الرئيس الاسد في المشهد السياسي في سورية مستقبلا».

وتابع ان «بيان جنيف1 يدعو إلى حكومة انتقالية يتم التوصل إليها من خلال الاتفاق المتبادل بين أطراف النزاع». ورأى أنه «من الصعب على عناصر المعارضة الموافقة على مشاركة الأسد في هذه المرحلة الانتقالية».

واعتبر أن «بقاء الأسد في السلطة أو كرئيس لسورية سيشكل عائقا أمام السلام، وبريطانيا والبلدان الغربية التي يعرف موقفها لا يعتقد أنها تدعم بقاء الاسد في موقعه»، مبينا أن «المملكة المتحدة تدعم وتقر بأن الائتلاف الوطني الممثل الشرعي للشعب السوري، وتتعاطى مع هذه الهيئة، وعلى المجموعات الأخرى في سورية أن تدعمها».

وردا على لقاء مسؤولين بريطانيين مجموعات متشددة تقاتل في سورية، أجاب: «نحن لا ندعم مجموعات أخرى، وبالطبع نحن لا ندعم المجموعات المتطرفة في سورية، والدعم المقدم لسورية يمر من خلال الائتلاف الوطني ومن خلال المجلس العسكري».

إيران

وفي الشأن الإيراني، شدد هيغ على أنه تحدث مع الجانب الكويتي بشأن الاتفاق الأخير في الملف الإيراني النووي، واصفا هذه الاتفاقية بالخطوة الإيجابية التي شاركت فيها المملكة المتحدة.

واعتبر ان هذه الاتفاقية ستعزز العلاقات بين إيران وجيرانها والغرب، موضحا أن هذه الخطوة ستحول دون انتشار الأسلحة النووية في العالم، آملا أن تتمكن إيران من المتابعة في هذا الطريق، وضمان التوصل إلى ترتيب وحل نهائي في هذا الملف.

وبشأن المفاوضات مع الجانب الإيراني، وما إذا كانت تضمنت ملفات أخرى أوضح أن «هذه المفاوضات لم تغط سوى الملف النووي، وقد تم التوصل إلى اتفاق بهذا الخصوص»، معربا عن أمله حدوث تغيير في سياسة إيران الخارجية، مضيفا: «سنحاول تحسين علاقتنا مع ايران فالمبعوث السياسي قام بالزيارة منذ يومين، ونرغب بقوة في أن تحصل تغييرات أخرى في سياسة إيران الخارجية، لكن لم نناقش هذه التغييرات في جنيف».

وعن تطور العلاقات الدبلوماسية مع إيران قال: «لقد بدأنا بإعادة تحسين العلاقات الدبلوماسية مع إيران بمستوى متدن حاليا، فمنذ سنتين تعرضت سفارتنا في طهران لاعتداء، ولم تكن بعدها الظروف ملائمة لافتتاح سفارتها في لندن مجددا، ولذلك تم إقفال السفارتين في كلا البلدين منذ ذاك الحين».

تحسين العلاقات

وأكد هيغ أنه «تم الاتفاق على وجود مسؤول عن الشؤون السياسية، لكنه غير مقيم في إيران، وسنستمر في محاولة تحسين العلاقات بشكل تدريجي وخطوة تلو الأخرى وبشكل حذر، حتى نتمكن من مناقشة كل الأمور الأخرى التي نحتاج الى مناقشتها مع إيران، وهذا يشمل الكثير من المسائل المرتبطة بالعلاقات الخارجية، والتي نختلف على الكثير منها والتي يجب مناقشتها».

وفي ما يتعلق بخطط العمل المشتركة بين الدول الستة مع إيران أوضح أنها «عبارة عن اتفاق مدة ستة أشهر، وهذه الفترة لم تبدأ بعد، وستبدأ حين تصبح جميع الترتيبات جاهزة، وهذه الفترة قابلة للتجديد بعد انتهاء الستة أشهر، لكن خلال تلك الفترة وعلى مدى العام المقبل سنحاول التفاوض على اتفاق نهائي شامل، ومما لاشك فيه أن هذا الأمر سيكون صعبا».

وأشار إلى أن «مجموعة الستة ستحاول تطبيق المبادئ المعتمدة، وتختبر مدى جاهزية إيران للوفاء بتعهداتها في هذا الاتفاق، والدخول في اتفاقيات أخرى، وإعطاء ضمانات للعالم بشأن برنامجها النووي، وبث الثقة بأنها لن تتابع برنامجا لامتلاك أسلحة نووية في المستقبل».