قال رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر إنه يطرح فكراً بيئياً اقتصادياً أعمق من مجرد مراقبة مصنع ومخالفته، أو تنظيف شاطئ أو تجميع محارم، مبيناً أنه حان الوقت لاجتماع الجهات الحكومية مع القطاع الخاص، لوضع استراتيجيات خطة تنفيذية من أجل إطلاق مشاريع بيئية كبرى برؤية اقتصادية.

Ad

قال وزير التجارة والصناعة أنس الصالح إن أهم ما نحتاج إليه في هذه المرحلة هو سن تشريعات متطورة تواكب التطورات الحالية وتجرم أي تعديات على البيئة، مؤكداً أنه من الضروري وضع خطة طموحة وتحديد استراتيجية شاملة لمعالجة أوجه الخلل، والانطلاق نحو آفاق من التعاون البناء بين جميع الجهات الرسمية في الدولة والقطاع الخاص، إلى جانب إعلاء شعار يلتزم به الجميع نابع من حس وطني، وهو أن «بيئتنا ثروتنا ومسؤوليتنا جميعا».

وأكد الصالح، في كلمته خلال افتتاحه أمس مؤتمر البيئة، على ضرورة وجود مركز معلومات متطور ومجلس أعلى لرصد المخالفات بصلاحيات واسعة وجهاز مؤهل ومدرب على قياس وقراءة مستويات التلوث ومخالفة المتعدين، وعدم التهاون في هذا الأمر، لترسيخ ثقافة المحافظة على البيئة كنهج، وتشجيع القطاع الخاص على الولوج في هذه المشاريع.

وبين أن «ملف البيئة قضية هامة ومصيرية تمس مستقبلنا جميعا، لارتباطها بصحة وحياة الإنسان بوجه عام، ما يجعلها مسؤولية مجتمعية عظيمة بالدرجة الأولى»، مشدداً على أن الجميع شركاء في المحافظة على البيئة الكويتية».

وشدد على أن المسؤولية يجب أن تكون عبر شراكة بين الجهات الرسمية المسؤولة والقطاع الخاص، موضحاً أن الحفاظ على البيئة مسؤولية وطنية مَعْنِيٌ بها كل من يعيش على أرض الوطن.

أهمية المؤتمر

وأضاف الصالح أن أهمية هذا المؤتمر نابعة من أنه ينبه إلى ما هو أبعد من حالة تلوث هنا أو مصنع مخالف هناك، فالملتقى فرصة لنقاش علمي بناء يمكن أن يشكل نواة ولبنة لمشروع بيئي عظيم وضخم بشراكة جماعية ورؤية موحدة هدفها مصلحة الكويت وإعلاء ذلك فوق كل اعتبار تجاري، أو مكاسب اقتصادية ضيقة.

وأعرب عن تطلعه إلى أن يضع هذا المؤتمر توصيات بناءة وحلولاً جذرية عملية قابلة للتطبيق، وأن يكون نواة عمل دؤب وفرصة لترجمة شراكة حقيقية حكومية مع القطاع الخاص.

ورأى أن «التعاون والالتزام من جانب الصناعات المخالفة هو أساس نجاح مشروع البيئة النظيفة، قبل أن نتحدث عن قوانين أو تشريعات»، مؤكداً ضرورة أن يكون «الالتزام بالحفاظ على البيئة نابعا من ارتباطنا الوطني».

اختصاصات «التجارة»

وأوضح الصالح أن وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للصناعة لا تسمحان «بأي تعد على البيئة مهما كان الأمر، وهو مبدأ محسوم تماما ولا نقاش أو جدال فيه»، مشدداً على أنه لن يتم توطين أي صناعة علي أي بقعة من أرض الوطن دون أن تكون مطابقة للمعايير الدولية البيئية ومشمولة بالموافقات النهائية من الهيئة العامة للبيئة صاحبة الاختصاص الفني الأصيل».

وأشار إلى «الدور الحيوي والهام الذي يمكن أن تلعبه المدارس والجامعات في توعية النشء والأجيال المقبلة بأهمية البيئة والحفاظ عليها، وأن لها انعكاسات على الصحة العامة لأفراد المجتمع، موضحاً أن تطور الدول بات يقاس بمدى سلامة البيئة، كما أصبحت تمثل عامل جذب اقتصاديا، وتؤثر بشكل سلبي على سمعة البلاد تجاريا، لذا أكرر أننا أمام مسؤولية ضخمة وعظيمة».

وبين أن الفرص المتاحة تحتاج إلى جهد، كما أن معالجة المشاكل المتراكمة تحتاج إلى مثابرة وتعاون ووضوح في اختصاصات الجهات المعنية والمسؤولة عن الشأن البيئي، مبيناً أن «هناك ملاحظات وتقارير تشير إلى أننا لسنا في وضع مثالي، لكن بإصرار المخلصين لهذا الوطن سيتم مواجهة أي تحديات بالسياسات والإجراءات المناسبة للحد من أي آثار سلبية وحشد الجهود والموارد اللازمة لتنفيذ برامج ومشروعات مشتركة وبشراكات عالمية في قطاعات بيئية مختلفة».

فكر بيئي اقتصادي

من جانبه، قال رئيس اللجنة التنظيمية لمؤتمر البيئة خالد المطوع إن «المؤتمر يتحدث عن فكر بيئي اقتصادي أعمق بكثير من مجرد مراقبة مصنع ومخالفته، أعمق من مجرد تنظيف شاطئ أو تجميع محارم، لقد آن الأوان أن تجتمع الجهات الحكومية وأن تضع يدها بيد القطاع الخاص، من أجل وضع استراتيجيات التوعية، ووضع رؤية شاملة مشمولة بخطة تنفيذية لإطلاق مشاريع بيئية كبرى برؤية اقتصادية، إذ من شأن ذلك المحافظة على ثروة وصحة الأجيال القادمة وخلق فرص عمل، ومعالجة خلل كبير في الجسم الاقتصادي، تلك هي الاستدامة الحقيقية والمعالجة الناجعة لمشاكل البيئة».

وبين المطوع أن مشاكل البيئة في دول متطورة تحولت إلى مشاريع، «ويكفينا فقط أن نعلم ان دولة مثل السويد تستورد النفايات»، موضحاً أن أساس الاهتمام بالبيئة تاريخيا بدأ نتيجة خلل اقتصادي وفقر، فبدأت بعض البلدان تجميع المعادن ومخلفات الحروب وإعادة تدويرها، فالفكر البيئي اساسا اقتصادي المنشأ، لذا ما لم تتحول معالجاته من نظرة اجتماعية الى معالجة اقتصادية فسنبقى ندور في نفس الحلقة».

وأشار إلى أن الكويت أمام استحقاقات داخلية واتفاقات عالمية خارجية ممثلة في بازل 2 التي تفرض أطر ومعايير للتعامل مع النفايات الإليكترونية والصحية علينا مواكبتها.

النفايات الإلكترونية

ومن جانبها، قدمت العضوة السابقة بالمجلس البلدي ورئيسة لجنة البيئة جنان بوشهري ورقة عمل عن النفايات الإلكترونية، وهي عبارة عن النفايات التي يكمن مصدرها في الأجهزة الكهربائية بشكل عام والأجهزة الالكترونية بشكل خاص التي انتهى عمرها الافتراضي أو التي باتت غير مستعملة لأي سبب كان، حيث تحتوي تلك الأجهزة الالكترونية على عناصر عدة خطيرة، منها المعادن الثقيلة كالرصاص والزنك والعناصر الأخرى كالزئبق، والباريوم، والكادميوم.

وأضافت بوشهري أنه «يجب ألا نتجاهل البطاريات والتي أصبحت جزءا أساسيا من معظم الأجهزة المحمولة كالهواتف النقالة والحاسبات الشخصية النقالة والساعات وغيرها، وتلك البطاريات تشكل رافدا أساسيا من روافد النفايات الالكترونية».

واستعرضت بوشهري آثار تلك النفايات السلبية، والتي تظهر جليا عند التعامل معها بطريقة غير صحيحة كردمها في مرادم غير مهيأة لاستقبالها (وهذا ما هو معمول به حاليا في معظم الدول العربية) أو حرقها أو فتحها من قبل أشخاص غير متخصصين وغير واعين للمخاطر المتزامنة معها، بغرض أخذ أجزاء أو معادن معينة منها.

توصيات

وطرحت بوشهري عدة توصيات للتعامل مع النفايات الالكترونية، بما يضمن تقليص آثارها السلبية، ومن أهمها:

• إيجاد منظومة إدارية خاصة مشكلة من البلدية، ووزارة التجارة، والهيئة العامة للبيئة وغيرها من الجهات ذات العلاقة، تكون مسؤولة عن النفايات الالكترونية والتي من شأنها نشر الوعي في البلاد بطبيعة النفايات الالكترونية وخطورتها على المديين القصير والطويل، ومتابعة البلاد المصدرة للأجهزة الالكترونية ومدى توافقها مع الأنظمة الصناعية المعتمدة وضرورة خلو طرق التصنيع من المخاطر المباشرة.

• متابعة الأجهزة الداخلة إلى البلاد ونوعيتها ومتابعة المشتريات لها من قبل المواطنين والمقيمين، وبالتالي إنشاء قواعد بيانات خاصة لهذا الغرض والتي تسهل بدورها عملية المتابعة وإعداد الدراسات المطلوبة للتعامل مع الكميات الموجودة من تلك النفايات.

• إيجاد طرق لتدوير هذه النفايات وذلك إما محليا أو إقليميا بالطرق المتعارف عليها سواء عن طريق تحديثها وبيعها مرة أخرى أو التبرع بها لجهات خيرية داخل أو خارج البلاد أو تفكيكها بالطرق العلمية والتقنية المناسبة واستخراج العناصر الممكن الاستفادة منها والتخلص من المواد التي لا يمكن الاستفادة منها، أي يجب تحديد ما هو Refurbish able وما هو Recyclable وما هو Obsolete.

• إذا لم تتوافر طرق التدوير محليا، فإنه يجب النظر جديا نحو التعاون مع دول أخرى (كدول الخليج العربي) للاشتراك سويا في تدوير تلك النفايات، خاصة ان دولة الكويت داخلة في معاهدة «بازل» للتخلص من النفايات الخطيرة.

تحديات بيئية

استعرض رئيس اللجنة التنظيمية لمؤتمر البيئة خالد المطوع عدة نماذج من المشاكل والعقبات التي تتراكم، الأمر الذي يزيد التعقيد في ظل قوانين متحجرة وإجراءات معقدة وعقيمة ضد الإبداع والإنتاجية، والتي من أهمها:

• تهميش القطاع الخاص وإثقاله بالروتين وضحالة الرؤية وتشابك الإختصاصات وغياب المنطق والمرونة في تصنيفات الأنشطة البيئية.

• ضياع فرص استثمارية هائلة على القطاع الخاص، تكلف خزانة الدولة مليارات الدنانير سنويا، وغياب الوعي تجاه فتح ابواب المشاريع البيئية الصغيرة أمام الشباب ودعمهم.

• محاربة أنشطة التدوير وعدم الاعتراف بأنها نشاط صناعي، فيتم حرمانها من الأرض والقرض... والبيئة تدفع الثمن.

• إهمال جسيم في وضع تصور وخطة زمنية للطاقة النظيفة رغم مساعدة الكويت دولا عديدة بدأت هذه المشاريع.

• عدم وجود جهة معنية تخطط للشأن البيئي على صعيد المشاريع التي تحتاجها الدولة للسنوات العشر المقبلة، فضلاً عن عدم الاعتراف بهذه المشاريع ضمن الخطة التنموية.

• لا تشريعات تذكر ولا اهتمام من جانب السلطة التشريعية بالبيئة بدليل الفراغ الذي نعيشه ونطالب بتشريعات بيئية عصرية تواكب الطموح.

• استخدام طرق بدائية للتخلص من النفايات تتمثل في الردم، وهو أسلوب شديد الخطورة، كونه يولد غازات سامة.

• بلوغ مساحات المرادم لدينا 18 كيلومتر، وهي براكين وقنابل موقوتة، مقابل ذلك يُبخَل على الشباب بعدم منحهم قسيمة لإنشاء مصنع أو مشروع إعادة تدوير وفق أسس علمية واجراءات صحية ومعايير آمنة.

• بحيرات نفطية تحت الرمال تهدد بكارثة لم تجد من يعالجها منذ 20 عاما وتراخ في تحصيل 4 مليارات دولار مخصصة من الأمم المتحدة لمعالجة جرائم النفط ضد البيئة الكويتية.