الزير سالم (4 - 5) المهلهل يهزم جساس ويرفض مصالحة بني بكر

نشر في 12-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 12-07-2014 | 00:02
تصل حلقة اليوم من سيرة {الزير سالم} إلى الحرب التي خاضها {الزير سالم}، زعيم القبائل العربية، مع قبيلة {بني بكر}، بعدما قتلوا أخاه، بسبب ضغينة زرعتها شقيقة {تبع اليماني} الشاعرة الساحرة {سعاد}، فأراد الزير أن ينتصر، فأجلسه الأمراء على العرش، وبدأ الاستعداد لخوض حرب يثأر فيها لأخيه القتيل، {كليب}، الذي كان ضحية غدر ابن عمه {جساس}.
في هذه الحلقة ينتصر {الزير} على أعدائه وأبناء عمه {بني بكر}، لكنه يرفض الصلح معهم، وينتظر اللحظة التي يثأر فيها لمقتل شقيقه، {كليب}.
قال الراوي: وبعدما دفنوا الأمير {كليب}، ذبح أخوه {الزير} على قبره النوق والأغنام، وفرّق المال والطعام، على الأرامل والأيتام، ثم جلس في الديوان وجمع الأكابر والأعيان وإخوته الشجعان، وقال: {اعلموا أن {جساساً} أهانكم وقتل ابن عمكم وملككم، فاستعدوا لأخذ الثأر من {بني بكر} الأشرار}.

فلما سمعوا الكلام، أجابوه إلى ذلك المرام، وقالوا بلسان واحد: {إننا بين يديك ولا نبخل بأرواحنا عليك}، ثم تحالفوا معه وعاهدوه على كرسي المملكة، وبايعوه وأجلسوه، فلما تملّك القبيلة، طرد امرأة أخيه {الجليلة}، فسارت إلى بيت أبيها، وكانت {حاملا} في ولد ذكر، سوف يأتي عنه الخبر، واستعد الزير للقتال.

 ثم أمر الرؤساء والقواد بجمع العساكر والأجناد، فامتثلوا أمره في الحال، وتجمّع الفرسان والأبطال، حتى امتلأت الروابي والتلال، فانضمت إليه عدة قبائل وأمدوه بالعساكر والجحافل، حتى سار في أربعمئة ألف مقاتل، وقيل إنه لما بلغ {بني بكر} هذا الخبر، اعتراهم الضجر وخافوا من العواقب وحلول النوائب، فجمعوا المراكب والكتائب، وسار بهم الأمير {مرة}، إلى {الذئاب}.

 و{الذئاب} هو مكان شهير يبعد ثلاثة أيام عن قبيلة {الزير}، وهناك انضم إليهم بعض القبائل من العربان، فكانوا نحو ثلاثمئة ألف، ولما سمع {الزير} برحيل {مرة} وأولاده عن الديار، قال: {لا بد من أن أقتفي الآثار}، ثم أمر القائد الكبير بسرعة المسير، فامتثلوا، وفي الحال دقَّ طبل الرجوع، فارتجت منه السهول والمروج، وهو الطبل الذي كان لـ {تبع حسان}، ولم تكن إلا ساعة من الزمان، حتى ركب الأبطال والفرسان، وركب {المهلهل} متسربلاً بالسلاح.

قال الراوي: وما زال عسكر {المهلهل} يقطع البر الأقفر، إلى أن أشرف إلى تلك الديار في اليوم الثالث، وعند نصف النهار، قرب وانكشف البيان ورآه الأمير {مرة} ومن معه، فانتخب ألفاً من الأبطال، وأرسلهم لملاقاة الأعداء في تلك البيداء، وكان المقدم عليهم ابنه الأمير {جساس}، وفرق مئة ألف أخرى في الصحراء، وقدم عليهم ابنه {همام}، وأقام هو مع باقي العسكر على الجانب الأيسر.

 حين شاهد {المهلهل} تلك الحال، وانقسام الرجال والأبطال، قسَّم عسكره إلى ثلاثة أقسام، ولما اقتربت العساكر من بعضها وانتشر جموعها في تلك الأرض، حملت الفرق على الفرق، وقَصَدَ {المهلهل} فرقة الأمير {مرة}، بعشرة آلاف من أهل الشجاعة والقدرة، وفي الحال اشتبك القتال وعظمت الأهوال وهجم {المهلهل} هجوم الأسود، وفرق المواكب والجنود، ونكَّس الرايات والبنود، وقتل كل جبار ونمرود، وكان كلما قتل فارساً منتخباً، يقول: {يالثارات {كليب} ملك العرب}، وما زال على تلك الحال، حتى قتل خمسمئة من الأبطال.

حرب الأشهر الثلاثة

قال الراوي: كانت نيران المعامع مشتبكة في ثلاثة مواضع، واستظهرت جيوش {المهلهل} على أعدائها وبلغت غاية مناها، وفعلت باقي الفرق كما فعل سيدها ومولاها، واستمر القتال على هذه الحال، من الظهر إلى غروب الشمس، وكان قد قتل من {بني بكر} أكثر من ثلاثين ألف نفس، ومن جماعة المهلهل نحو خمسة آلاف بطل، فعند ذلك دقت طبول الانفصال فارتدت عن بعضها الفرسان، ورجع {المهلهل} وهو قاهر وغالب كأنه أرجوان مما سال عليه من أدمية الفرسان.

 قال الراوي: كان لـ {المهلهل} صديق يركن إليه، فصيح اللسان يقال له {امرؤ القيس بن إيان}، وكان يقاربه بالفروسية ويساويه بالفصاحة والهمة العالية، فقاتل معه في ذلك اليوم، وفتك في صناديد القوم. وكان لا يفارق {الزير} في القتال ويحمي ظهره من غدر الرجال، فقال له {المهلهل} أمام الفرسان: {ما رأيك يا ابن إيان في الهجوم على الأعداء اللئام تحت جنح الظلام؟} قال {ابن إيان}: تمهل يا أمير {مهلهل} فإن النهار اقترب ولا بد لنا من بلوغ الإرب، لأن القتال في الظلام يحجبنا بعضنا عن البعض}، فاستصوب {الزير} كلامَه.

قال الراوي: وبات الجيشان يتحارسان وأوقدا النيران، فكانت {بنو بكر} وباقي قبائل العرب في شدة وتعب، وأيقن الأمير {مرة} أنه سيُغلب، ولما أصبح الصباح وأضاء بنوره ولاح، تبادرت العساكر إلى ميدان الحرب والكفاح واصطفت الفرق إلى صفوف وتأهب {المهلهل} للحرب، وكذلك ركب الأمير مرة وبقية الفرق واعتقلوا بالسلاح والدروق، وهجم كل فريق على فريق وتقاتلوا بالسيف والمزارق.

ولما دخل الليل وأقبل، رجع الأمير {المهلهل} وباقي الجنود يتحادثون في ما يجري ويكون، فاستقر الرأي على سرعة الإنجاز والجهاد في الحرب والبراز، قبل أن يطول الأمر وتفوتهم الغلبة والنصر. ثم إنهم أكلوا الطعام وباتوا في الخيام، ولما طلع النهار وأشرقت الشمس والأنوار، تأهبوا للحرب والكفاح، فتقلدوا بالسيوف والرماح، ودقوا الطبول وركبوا ظهور الخيل، وتقدم الفرسان والأبطال إلى ساحة القتال، كذلك فعل الأمير {مرة} والأمير {جساس}، والتقت العساكر بالعساكر، وكان الأمير {المهلهل} في أول الجحافل، فصاح وحمل، والتقى الفرسان بقلب أقوى من الجبل.

قال الراوي: وما زال القوم في حرب وصدام وقتل وخصام، مدة ثلاثة أشهر، حتى أشفى {الزير} غليله من {بني بكر}، وقتل منهم كل سيد جليل وفارس نبيل، وكان عدد من قتلهم في تلك الوقائع نحو مئة ألف مقاتل، ما بين فارس وراجل، وقتل من جماعة {الزير} نحو عشرة آلاف بطل، فلما رأى {جساس} ما حلّ بقومه من النوائب، خاف من العواقب وعلم أنهم إذا ثبتوا أمامهم يهلكون هلاك الأبد ولا يبقى منهم أحد، فولى وطلب لنفسه الهرب مع باقي طوائف العرب.

 وغنم {الزير} غنائم كثيرة وأموالاً غزيرة، ثم رجع بمن معه من الفرسان إلى {الأطلال}، وهو في أحسن حال وأنعم بال، ونزل في قصر أخيه وصارت ملوك العرب تكاتبه وتهادنه، وكان يترقب الأوقات للحرب والغزاة، فشكرته {اليمامة} على ما فعل، وقالت: {لا عدمتك أيها البطل فإنك أخذت الثار وطفيت لهيب النار، ورجعت بالعز والانتصار}، فشكرها على هذا الكلام، وقال: {وحق رب الأنام لا يشفي فؤادي ولا يطيب لذيذ رقادي حتى أقتل الأمير {جساس} وأجعله مثلاً بين الناس}.

المُهر {عَنْدم}

وبينما كان {الزير} يترقب الأخبار ويقتفي الآثار، دخل عليه العبد {نعمان} وكان من أصحاب {الزير} وأصدقائه المشاهير، فسلم عليه وتمثل بين يديه فنهض له على الأقدام وأكرمه غاية الإكرام، وبعدما جلس قال للزير: {إعلم يا أمير قد جئت الآن من أبعد مكان، أولاً لأهنيك بالانتصار وأعزيك على فقد ذلك البطل الكرار، وثانياً لأعلمك بأنه ظهرت لي في المنام من مدة عشرة أيام رؤيا عجيبة، تشير إلى أحوال غريبة، وهي أنه قامت عليك سبع سنين منحوسة، وأيامها عليك معكوسة، فإياك من هذا النهار، أن تحارب أحداً من ملوك الأقطار، بل تجنب وقوع الفتن وتبقى مرتاحاً في الوطن، فمتى تمت هذه الليالي رافقك السعد والإقبال فإن حاربت انتصرت وإن قاتلتَ ظفرتْ}.

قال الراوي: كانت {بني مرة} هامت في الأقطار، خوفاً من الهلاك والدمار، وندم {جساس} غاية الندم، على قتل {كليب}، وما زال هو وقومه في خوف وحذر، إلى أن بلغهم خبر توقيف القتال، فزالت عن قلوبهم الهموم والأهوال ورجعوا إلى الأطلال.

أما ما كان من أمر {الزير}، فإنه استمر على تلك الحال، إلى أن كانت نهاية السنة السادسة، فركب إلى الصيد وابتعد عن الديار ثلاثة أيام، واتفق أن الأمير {جساس}، رأى حلماً في بعض الليالي، فيه حوض من الماء قرب خيمته، يشرب منه قومه، فإذا بذئب كاسر جاء إلى الحوض وهو بصفة جمل كبير، فشرب من الماء ثم ضرب الحوض بنابه فأنشق من جنابه، وضاع الماء حتى كاد قومه يهلكون، ثم رأى النساء والأولاد بثياب السواد والدم جار مثل المجاري والجمال تنهش بعضها، فاستيقظ {جساس} خائفاً من هول المنام واستدعى إخوته وبني الأعمام، وقص عليهم ما رأى.

ولما حكى جساس حلمه لإخوته، استعظموا ذلك الأمر، وطلبوا استدعاء المنجّم {عمار الرياحي} فإنه {يفسره لك على يقين}، فأرسل إليه وحضر وقص عليه الخبر، فضرب ورسم الأشكال، فبانت له حقائق الأحوال، ثم التفت إلى {جساس}، ومن معه، وقال لهم: {هذا المنام من عجائب الأيام، يدل على شر عظيم وخطب جسيم سوف يحل عليكم من {سالم} بعد وقت قصير، وقد أظهر لي أيضاً بأن شقيق {المهلهل}، عنده مهر أدهم اسمه {عندم}، قوي العصب والحيل، عديم المثال في الخيل، فسعد الزير مقرون بهذا الحصان وبه ينتصر في الحرب والطعان، فإذا ملكتم هذا الجواد نلتم المراد وأسرتموه في القتال والطراد}.

فلما سمع {جساس} الكلام، استبشر ببلوغ المرام، وقال لهم: {قد بلغنا بأن {الزير} غائب عن القبيلة وما في الحي غير النساء، والحصان موجود في الديار، وهذه إزالة الغصة}. ثم أرسل رجلاً ليكشف الخبر ورجع وأخبره بصحة الكلام، فعند ذلك ركب {جساس} في ثلاثة آلاف بطل وطرق باب {المهلهل} على عجل، وأحاط بساحة الدار من اليمين واليسار، فاستعظمت بنات {كليب} الأمر، ولم يعلمن ذلك السبب، فطلّت {اليمامة} برأسها من الشباك، وقالت له وهو راكب على ظهر الفرس: {ما الداعي يا خالي لقدومك إلى الحي بالأبطال والحي خالٍ من الرجال}، فقال لها: {جئنا نطلب المهر الأدهم المدعو عندم}، فقالت له: {أهلا وسهلا بك مهما طلبت فلا نمسكه عنك، غير أنه لا خفاك بأن المهر خاصة بعمي {عدية}.

 

عودة المُهر

قال الراوي: ثم دخل {جساس} إلى الاصطبل، فوجد المهر فوضع عليه العدة وركبه، ثم سار وهو فرح حتى وصل إلى الأوطان، ففرح {جساس} ثم نزل عن ظهره وأمر العبيد بأن يربطوه قرب صيوانه ووكل به مئة عبد وقال: {لقد أقبل علينا السعد وسوف نقتل ذلك الوغد}.

قال الراوي: هذا ما كان من {جساس}، وأما {الزير} فإنه عند رجوعه من الصيد تفقّد ذلك الحصان فلم يجده مع الخيل، فصعد إلى القصر وسأل اليمامة وأشار يقول:

يقول الزير قهار الأعادي

أنا السبع الجسور في كل وادي

غدا لابد أجد في لقاهم

وأحصد جمعهم يوم الجهاد

وآخذ ثارنا من آل بكر

وأطفي النار من طي الفؤاد

وآخذ مهرنا المدعو بعندم

ويظهر ذكرنا بين العباد

فمن يذهب يقول لأولاد مرة

أتاكم اليوم دباح الأعادي

أتاكم مهلهل مع آل تغلب

أسود الحرب في يوم الطراد

ألا يا آل مرة سوف أشفي

بقتل سادتكم فؤادي

ولا يخفاكم يا آل مرة

بقتل كليب صرتم لي أعادي

فلما فرغ {الزير} من شعره، دخل وجلس في الديوان، وجمع إخوته والأمراء والأعيان، وقال: {ما رأيكم في استجلاب الحصان؟} فقالوا له: {الرأي رأيك ونحن طوع يديك}، فقال: {متى كان الصباح تركبوا في ثلاثة آلاف فارس، وتكمنوا في {وادي الهجين} وأنا أكمن في {وادي المطلا}}، وكان هذا المكان يبعد عن بني مرة مسافة ميل، ثم قال لأخيه {عدية}: {وأنت قم الآن وغيّر ثيابك بأخرى ممزقة، حتى لا أحد يعود يعرفك}.

وطلب {الزير} من أخيه {عدية}، أن يذهب إلى {بني مرة}، ويجلس قرب خيمة {جساس}، وقال له: {إذا سألوك عن بلادك ومهنتك فقل لهم إني من بلاد الصعيد، ومهنتي هي سياسة الخيل، وبلغني أن {جساس} من محبته في الحصان، كل يوم يسلمه إلى سايس، فإذا قال لك هل تريد أن تخدم عندي وتسوس هذا المهر فقل نعم، حتى إذا تمكنت منه تركب ظهره وتلحقنا إلى ذلك المكان}.

فلبس {عدية} ثياباً ممزقة، وتعمم بعمامة والتحف بحرام عتيق وغير زيه وتنكر وسار يقطع البر الأقفر، إلى أن دخل حي {بني مرة} فقصد خيمة {جساس}، وكان الليل أقبل، فرقد بين أطناب الخيام، ولما كان الصباح جلس الأمير {جساس} واجتمعت حوله أكابر الناس، ثم وضعوا موائد الطعام وأخذوا يتذاكرون بالكلام، فبينما هم كذلك إذ حانت من جساس التفاتة فرأى {عدية} وهو على تلك الصفات، فأشفق عليه وقال لأحد غلمانه: {أطعم هذا الفقير، وأسأله عن حاجته}، فأخذ له الغلام طبق الطعام وسأله عن بلاده.

 قال الراوي: ثم قال {عدية} المتخفي في ملابس السياس، إنه من بلاد الصعيد، ومهنته سياسة خيل الأماجيد، فقد جار عليه الزمان، فطيب الغلام خاطره وأعلم مولاه بحاله فقال {جساس}: {إذا كان من بلاد الصعيد فهو أدرى بسياسة الخيل من العبيد، فدعوه يسوس لنا {عَندم} المهر الجديد، وأنا أعطيه كل ما يريد}.

فلما قال له الغلام هذا الكلام، دعا لـ {جساس} بطول العمر، ثم تحزم وتقدم إلى المهر، ففك قيود رجليه وقبله بين عينيه، وقال: {هذا يومك يا جوادي فقد بلغت الآن مرادي}، وكان المهر لما رأى صاحبه عرفه، فمال إليه وألفه، فتعجب {جساس} وباقي الناس لأن الجواد لم يألف أحداً من العبيد الموكلين عليه، وكل من قاربه ضربه برجله.

وكان {عدية} لما تمكن من المهر وركب على ظهره ثم لكزه برجليه، سار مثل هبوب الرياح، وجدّ في قطع البطاح، كأنه طير بلا جناح، فلما رأى {جساس} تلك الحال، تغيرت منه الأحوال، وعلم أنها حيلة تمت عليه ولطم على خديه ووجهه وصاح على الأبطال والفرسان، وقال: {دونكم وهذا الشيطان فقد احتال علينا وخدعنا بالمكر والاحتيال، حتى نال طلبه وبلغ قصده}.

 فعند ذلك ركبت الفرسان ظهور الخيول، واعتقلوا بالسيوف والنصول، وتبعوه في تلك السهول، وهم يصيحون وراءه ويجدون في قطع الفلاة، إلى أن وصل إلى ذلك الوادي الغدير فوجد أخاه {الزير} وهو كامن هناك في جماعة من الأبطال، فأعلمه بواقع الحال، فقال: {خذ حذرك الآن فقد أتتك الفرسان من كل جانب}، فتبسم المهلهل وقال: {سوف ترى ما أفعل}.

ثم نزل {عدية} عن ظهر حصانه وأعطاه لأخيه وأخذ {المهلهل} الأدهم، ووضع عليه عدة جواده، ثم ركب وتلملم، وإذا بالخيل والمواكب قد أحاطت به من كل جانب، فصاح عليهم وحمل بقلب أقوى من الجبل، ومال عليهم بالحسام وفتك فيهم فتك الذئاب بالأغنام، وفي أقل من ساعة أدركته بقية الجماعة الذين كانوا يكمنون في {وادي الهجين} فانصبوا عليهم كالشواهين، من الشمال واليمين، وكان الخبر قد وصل إلى {جساس} فأخذه القلق والوسواس فركب بباقي الأبطال، وقصد ذلك المكان وقاتل قتال الشجعان.

 وهنا انهزم {جساس} أقبح هزيمة وغنم {المهلهل} غنيمة جسيمة، ورجع إلى الديار بالعز والانتصار، فالتقته النساء بالدفوف والمزامير، ثم طلع إلى القصر وهو منشرح الصدر فشكرته بنات أخيه على ما فعل وقلن: {لله درك من بطل، فقد أخذت الثأر وطفيت من القلوب لهيب النار}.

وبعدما خلع {الزير} ثيابه، جلس للطعام، ثم دخلت أمه فقبلته بين عينيه وهنأته بذلك الانتصار وطلبت منه أن يرفع عن {بني مرة} السيف البتار، فاستقبلها بالوقار والاعتبار، وقال لها: {والله إني لا أصالحهم يا أماه حتى يعود {كليب} إلى قيد الحياة}.

الزير سالم (1 - 5) تبع اليماني يخضع بني قيس ويستعد لالتهام الجليلة

الزير سالم (2 - 5) كليب يقتل تبع اليماني والجليلة تحرِّض على المهلهل

الزير سالم (3 - 5) الشاعرة الشريرة تشعل حرب البسوس

back to top