العمل الخيري وانعكاسه على المجتمع الكويتي

نشر في 10-01-2014
آخر تحديث 10-01-2014 | 00:01
 أ. د. فيصل الشريفي في تصريح لرئيس "الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية" مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية الدكتور عبدالله المعتوق "إن أكثر من 30 جمعية خيرية ونفع عام كويتية أجمعت على ضرورة تشكيل لجنة تنسيقية بإشراف الهيئة الخيرية لتوحيد الجهود من أجل تطبيق مقترح المشروع الخيري المتكامل باسم الكويت لإغاثة اللاجئين السوريين".

لا شك أن عمل الخير منهج إسلامي عظيم تربى عليه أهل الكويت منذ القدم، واستمر وتوسع بعد أن منَّ الله علينا بالخير، فصار الناس يتسابقون عليه حتى وصلت التبرعات إلى دول لم نكن نسمع عنها لولا نشاط المحبين والمتطوعين من أبنائها، لكن في الآونة الأخيرة أخذ منحى آخر من حيث نمط الصرف، فبعد أن كانت تذهب إلى المستحقين والمعوزين وبناء المساجد والمدارس والمستشفيات وتحسين فرص الحياة والعمل بدأ جزءٌ منها يذهب إلى جهات وأهداف مشبوهة.

قد تكون ارتدادات تلك التبرعات علينا كارثية إن لم تبادر الحكومة بتنظيم أوجه الصرف وتقويمها بفرض رقابة سابقة ولاحقة عليها تستطيع من خلالها توجيه تلك الأموال إلى مكانها الصحيح؛ كي لا تحيد عن المسار والأهداف السامية التي نص عليها ديننا الإسلامي.

لقد شاهدنا بعض المواطنين والوافدين يجمعون الأموال دون سند قانوني أو شرعي، ولا أعرف كيف سمح لهم بذلك تحت عناوين لم نعهدها من قبل كتجهيز الغازي، وفي النهاية تصل الأموال إلى تنظيمات إرهابية جل همها المهمات الانتحارية التي يروح ضحيتها الأبرياء من المدنيين، وإن من يجمع الأموال نراه يتمتع بالرفاهية وطيب المقام.  

الخوف الأكبر يأتي من هؤلاء الدعاة ليس من منطلق قدرتهم على تجميع الأموال، ولكن من منطلق قدرتهم على تجنيد الشباب لمعارك ومهام انتحارية ليس لنا فيها ناقة ولا جمل. مع قناعتي بأن دعم الشعوب المظلومة واجب شرعي لكن دعم جماعات التطرف كـ"القاعدة" و"تنظيم دولة العراق والشام" و"جبهة النصرة" شيء آخر، فهؤلاء خوارج الأمة، وهم لم ولن يتوانوا عن ارتكاب الجرائم باسم الإسلام، والإسلام منهم براء، فالخوف أن تسيطر مثل هذه الأفكار التي تطلقها هذه الفصائل المنحرفة على عقول شبابنا فيكونون في المستقبل سيفاً على رقابنا.

لقد رأينا ما يكفي من مقاطع مسجلة في العراق وسورية وأفغانستان والجزائر وغيرها من الدول التي وطئت أقدام تنظيم "القاعدة" ومن لفّ لفهم كيف يتلذذ المنتمون إليها بتنفيذ العمليات الانتحارية والقتل بدم بارد على الهوية دون مراعاة لأبسط القواعد الإنسانية، فهم يتلقون الأوامر من أمرائهم الميدانيين وينفذون دون نقاش، وقد شاهدنا ما يكفي من أعمال لا يمكن لصقها حتى بالشيطان نفسه.

الأخ العزيز الدكتور عبدالله المعتوق لقد عرفتك عن قرب وعرفت فيك القوة في المواجهة، وأنك قادر على تنظيم العمل الخيري وتوجيهه إلى مساره الصحيح، وأنك قادر أيضاً على منع التبرعات إلا من خلال الجمعيات التي تخضع لرقابة الدولة كي يصل العمل الخيري إلى مستحقيه لا إلى عصابات لا نعرف أهدافها ولا إلى من تنتمي. ودمتم سالمين.

back to top