تشققت دهانات حوائط المبنى الفخم لمقر المدينة الصناعية في منطقة «بئر العبد» بمحافظة شمال سيناء، رغم أن أحداً لم يدخله منذ اكتماله قبل أكثر من عقد من الزمان، وآلاف الأفدنة الصحراوية رغم إنفاق الملايين على استصلاحها.

Ad

المبنى والأرض مجرد أمثلة للعديد من المشروعات التي أهدرت فيها ملايين الجنيهات في سيناء، لكنها بقيت معطلة لأسباب عدة، منها الإجراءات الحكومية المعقدة، ومشكلة «وضع اليد» من جانب البدو، وضعف المتابعة والمحاسبة من جانب الجهات المسؤولة.

ويعاني مشروع المدينة الصناعية في «بئر العبد»، التي تبعد نحو 80 كيلومترا غربي مدينة العريش، عاصمة شمال سيناء، تعقيدات روتينية، فالمقر الإداري لجهاز تنمية المدينة، وهو مبنى فخم مكون من ثلاثة طوابق في قلب الصحراء، اكتمل عام 2002، لكنه مازال مغلقا، وتكلف المشروع أكثر من 171 ألف دولار، ليعمل كمبنى إداري للموظفين الذين من المفترض أن يعملوا في جهاز المدينة.

وبحسب مخطط المشروع، كان من المفترض توصيل مرافق الكهرباء والماء والصرف للمدينة الصناعية بالكامل عام 2002 بتكلفة إجمالية 2.5 مليون دولار، لكن حتى الآن لم يكتمل توصيل المرافق الا لربع المدينة فقط وتوقف العمل، وارتفعت تكلفة توصيل المرافق للمشروع بالكامل حسب الأسعار الحالية إلى 10 ملايين دولار، وفق تقدير مدير المدينة الصناعية حسام عبدالعزيز.

ورغم الانتهاء قبل نحو عام من توصيل المرافق إلى ربع المدينة الصناعية 250 ألف متر، وتقسيمه إلى قطع أراض لتضم صناعات خشبية وغذائية وتعدينية وكيماوية، فقد تأخر طرح تلك الأراضي من قبل محافظة شمال سيناء للمستثمرين رغم جاهزيتها لإنشاء المصانع، بسبب إجراءات تشكيل لجان لتحديد سعر حق الانتفاع، حيث يشير مدير المدينة إلى أن القانون يستلزم تسعير الأرض كل عامين.

ويضيف عبدالعزيز: «العاملون في المنطقة الآن 12 شخصاً فقط، ما بين خفراء ومدير المنطقة ومهندس وعمال وإداريون، بينما يتوقع أن يعمل بها نحو 10 آلاف شخص بعد تعميرها بالكامل».

هكذا يتضح حجم فرص العمل الضائعة بسبب تأخر تنمية سيناء، فبحسب دراسة أعدتها الخبيرة بمركز التنمية الإقليمية التابع لمعهد التخطيط القومي، أمل زكريا، كان هدف استراتيجية تنمية سيناء، أحد مشروعات خطة التنمية الشاملة (1994-2017)، توطين أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، وتوفير أكثر من 800 ألف فرصة عمل، وبعد 17 سنة من انطلاق الاستراتيجية تراوحت نسبة التنفيذ بين 20 و%30، ولم يزد عدد السكان على 500 ألف نسمة.

وتوالت الوعود الحكومية الوهمية بتنمية شبه الجزيرة المصرية، فرغم إنشاء الجهاز الوطني لتنمية سيناء مطلع عام 2012، بهدف زيادة معدل التنمية في المنطقة، لكنه أصبح هو الآخر مثقلا بالمشاكل التي تعرقل تنمية سيناء البالغة مساحتها 60865 كيلومتراً مربعاً، وتشكل نحو %6 من مساحة مصر، كما أن الجهاز لا يتمتع بسلطات محاسبة، بل يرصد فقط معدلات الإنجاز ويبلغ بها رئيس الوزراء.

وذكر مساعد رئيس الجهاز السابق لشؤون التخطيط أحمد صقر ان مشكلة الجهاز الرئيسية تكمن في تداخل الاختصاصات بين 13 وزارة تشكل عضوية مجلس إدارة الجهاز.