أكدت المحكمة الدستورية بحكمها برئاسة المستشار يوسف المطاوعة وعضوية المستشارين محمد بن ناجي وخالد سالم وخالد الوقيان وعادل بورسلي، أن إبطال عملية الانتخابات التي تمت لمجلس ديسمبر 2012 المبطل الثاني جاءت إعمالا للأثر المترتب على قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية المرسوم بقانون، الخاص بإنشاء اللجنة العليا للانتخابات الذي أجريت الانتخابات بالفعل على أساسه، ما يقتضي إعادة الانتخابات مجددا، مبينة أن هذا الإبطال لا يرجع إلى بطلان مرسوم حل مجلس 2009 الذي صدر صحيحا، او بطلان مرسوم دعوة الناخبين للانتخابات الذي صدر بناء على هذا الحل.

Ad

وقالت «الدستورية»، في حيثيات حكمها الذي صدر مؤخرا برفض الطعن الذي قدمه مرشح الدائرة الخامسة سعود السبيعي، ان المقصود بالعبارة التي وردت في حكمها ببطلان مجلس ديسمبر 2012 من ان احكامها ملزمة للكافة ولجميع سلطات الدولة طبقا للمادة الاولى من قانون انشائها رقم 14 لسنة 1973، وتكون نافذة من تاريخ صدورها مع مراعاة الفقرة الثانية من المادة 107 من الدستور، المقصود منها ان الالتزام بأحكامها انما تفرضه القوة الملزمة لهذه الأحكام واكتسابها الحجية من يوم صدورها، فلا يعدو نشر احكامها في الجريدة الرسمية الا ان يكون اعلانا لها وتبصيراً بها، ولا يتوقف اعمال مقتضاها على هذا النشر، وانها لا تحتاج في ذلك الى اتخاذ اي اجراء تنفيذي يمنحها قوة الإلزام او يكسبها هذه الحجية.

اتصال الحياة النيابية

وأضافت المحكمة أن عبارة «مع مراعاة الفقرة الثانية من المادة (107) من الدستور» الواردة في الحكم، إنما يقصد منها ان يكون تنفيذ الحكم بإصدار مرسوم بدعوة الناخبين لانتخاب اعضاء مجلس الامة مجددا تاكيدا للاثر القانوني الذي تحقق سلفا بمقتضى الحكم بإبطال عملية الانتخاب، وبالتالي لا يصح ارجاء اعادة الانتخابات مجددا الى امد بعيد لتحقيق ذات الغاية من الحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة (107) سالفة الذكر، وهو تأكيد على ضرورة اتصال الحياة النيابية، مبينة انه وإن كان الاصل في ذلك منوطاً بالسلطة التنفيذية فلها ان تتخير توقيته بغير معقب، الا انه يتعين الا يتجاوز ميعاد اصدار ذلك المرسوم وإجراء الانتخابات ميعاد الشهرين من تاريخ صدور ذلك الحكم.

ولفتت «الدستورية» في حكمها الى ان الثابت من المرسوم رقم (158) لسنة 2013 بدعوة الناخبين لانتخاب اعضاء مجلس الامة انه صدر بتاريخ 26/6/2013، وقد وردت الاشارة بديباجته الى صدوره استنادا الى حكم المحكمة الدستورية الصادر بتاريخ 16/6/2013 في الطعن رقم (15) لسنة 2012، كما جاءت الاشارة الى انه صدر بناء على عرض النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، وبعد موافقة مجلس الوزراء مذيلا هذا المرسوم بتوقيع امير البلاد، ورئيس مجلس الوزراء والنائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية.

وذكرت أن الواضح مما تضمنه هذا المرسوم انه جاء انفاذا لقضاء هذه المحكمة في الحكم الصادر عنها التزاما بابعاده بإعمال اثره بإعادة الانتخاب مجددا لاسيما ان قضاء الحكم خلص في اسبابه الى ان عملية الانتخاب التي تمت في الاول من ديسمبر عام 2012 وأجريت طبقا للاجراءات المقررة بموجب هذا المرسوم بدءا من اجراءات الترشح وانتهاء باعلان النتائج فيها شابها البطلان لعدم دستورية المرسوم بقانون الذي اجريت على اساسه وإن ارادة الناخبين في هذه الحالة تكون قد وردت على غير محل.

تكوين باطل

وخلصت إلى أن هذا مؤاده ان ذلك المجلس هو مجلس باطل التكوين منذ انتخابه ومن شأن هذا البطلان ان يفقده مبرر وجوده، منتهية إلى أنه لا وجه من بعد ذلك للتحدث بأنه لم يجر تنفيذ مقتضى الحكم على وجهه الصحيح ووجوب اصدار مرسوم بحل ذلك المجلس او القول ببطلان مرسوم الدعوة التي اجريت الانتخابات على اساسه، كما لا وجه للتحدث ايضا ببطلان المرسوم رقم (151) لسنة 2013 في شأن تنفيذ حكم المحكمة الدستورية في الطعن رقم (15) لسنة 2012، وهو المرسوم الذي جاء متضمنا النص في مادته (الاولى) على اعلان بطلان عملية الانتخاب التي اجريت بتاريخ 1/12/2012 في الدوائر الخمس، وبعدم صحة عضوية من اعلن فوزهم فيها، وما يترتب على ذلك من اثار، والنص في المادة (الثانية) منه على سحب المرسوم رقم (264) لسنة 2012 بتشكيل اللجنة الوطنية للانتخابات.

وبينت أن ما تضمنه المرسوم رقم (151) لسنة 2013 في هاتين المادتين لا يعدو ان يكون الا ترديدا لما جاء في منطوق الحكم من بطلان عملية الانتخاب التي اجريت بتاريخ 1/12/2012 في الدوائر الخمس وبعدم صحة عضوية من اعلن فوزهم فيها مع ما يترتب على ذلك من اثار.

وأوضحت ان سحب المرسوم رقم (264) لسنة 2012 بتشكيل اللجنة الوطنية العليا للانتخابات ليس الا تأكيدا لما قضى به الحكم من عدم دستورية المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 2012 الصادر بانشائها، وبالتالي فإن ما تضمنه المرسوم رقم (151) لسنة 2013 على نحو ما جاء به هو من قبيل الاعمال المادية التي لا تنتج بذاتها اثرا قانونيا، مشيرة إلى أن حكم المحكمة يكفي بذاته ازالة (المرسوم بقانون الملغى) بغض النظر عن قيام الحكومة باصدار مثل هذا المرسوم او عدم قيامها بذلك، اذ لا يضيف ذلك المرسوم جديدا الى قضاء الحكم في هذا الصدد.

لا تثريب

وتابعت المحكمة بأنه اذا كان للسلطة التنفيذية التزاما بتنفيذ مقتضى ذلك الحكم باعادة الانتخاب مجددا ان تتخير توقيت اصدار المرسوم بدعوة الناخبين للانتخاب بغير معقب فلا تثريب على الحكومة ان تخيرت توقيتا معينا ثم عدلت عنه مادامت قد التزمت بتحديد ميعاد الدعوة وإجراء الانتخاب بالقيد الزمني، وهو ميعاد الشهرين من تاريخ صدور ذلك الحكم، ومن ثم فان النعي برمته بهذا الوجه يكون على غير اساس سليم.

وختمت حكمها بأنه لا إلزام للمحكمة بالأمر بالتحقيق في المخالفات التي ادعى الطاعن حدوثها، اذ جرى قضاؤها على وجوب ان تكون الوقائع التي يطعن بها قائمة على قرائن وظواهر تجعل تحقيقها متحتما وأن يكون التحقيق في ذاته منتجا، وان يكون شاب عملية الانتخاب عيوب جوهرية مؤثرة في نتيجة الانتخابات، وأن تبلغ تلك العيوب حد الجسامة بما يفضي الى جعل هذه النتيجة غير معبرة عن ارادة الناخبين، وهو الأمر غير الحاصل في الطعن الماثل، ومن ثم يتعين القضاء برفضه.

سلامة مرسوم الصوت الواحد وتوافر أركان المادة ٧١ من الدستور

حسمت المحكمة الدستورية في الحكم الصادر منها جملة من القضايا وهي على النحو التالي:

أولا: أكدت المحكمة الدستورية سلامة مرسوم الصوت الواحد مجددا وتوافر الأركان التي استلزمتها المادة ٧١ من الدستور فيه كمرسوم.

ثانيا: بينت المحكمة أن بطلان مجلس ديسمبر ٢٠١٢ لم يكن لبطلان مجلس ٢٠٠٩ لأن بطلان مجلس ديسمبر ٢٠١٢ كان سببه بطلان مرسوم اللجنة العليا للانتخابات الذي اجريت على اثره الانتخابات، كما ان مجلس ٢٠٠٩ تم حله حلا صحيحا ولا يمكن عودته.

ثالثا: ان الاجراءات التي قامت بها الحكومة لتنفيذ حكم الدستورية ببطلان مجلس ديسمبر ٢٠١٢ والدعوة للانتخابات هي اجراءات صحيحة ولا تشوبها شائبة.

رابعا: ان حكم الدستورية ببطلان مجلس ديسمبر ٢٠١٢ وما تم الاشارة اليه بالدعوة للانتخاب لا يشترط معه إصدار إجراءات تنفيذية من المحكمة او اصدار مرسوم لحل المجلس المبطل، ويكفي اصدار الحكومة لمرسوم الدعوة للانتخاب خلال شهرين من صدور الحكم.

خامسا: أكدت المحكمة أن بطلان الانتخابات يجب أن يكون بسبب عيوب جوهرية مؤثرة شابت العملية الانتخابية.