السعيد: الأختام يقدمها الناس هدية لأمهاتهم

نشر في 16-03-2014 | 00:01
آخر تحديث 16-03-2014 | 00:01
«التركيز على البعد الديني يساهم في فك رموزها»

شدد الكاتب محمد السعيد عبر قراءته لمجموعة أختام على ضرورة التركيز على البعد الديني أثناء فك الرموز والنقوش.
أكد الكاتب محمد السعيد أن الأختام المكتشفة في باطن الأرض تعتبر هدايا يقدمها الأفراد إلى الأم أو إلى الأرض تعبيراً عن امتنانهم، فيدفنون هذه الأختام ضمن طقس ديني سائد في تلك العصور.  

 جاء ذلك ضمن محاضرة أثرية بعنوان «الأمومة في الأختام الفيلكاوية»، نظمها ملتقى فيلكا الثقافي في مطعم الساحة، وتحدث فيها الكاتب محمد السعيد مقدماً قراءة لمحتويات بعض الأختام المكتشفة في جزيرة فيلكا، والتي عرض منها مجموعة كبيرة عبر جهاز البروجكتر، حضرها عدد من المهتمين بالشأن الأثري والفني.

بداية، قدّم السعيد تلخيصاً للمحاضرتين السابقتين للملتقى، مشيراً إلى أن المحاضرة الأولى ركزت على الموروث الشعبي المحكي وتأثيره في الإرث الثقافي، أما المحاضرة الثانية فتناولت فيلكا جغرافياً، ثم انتقل السعيد إلى الحديث عن الرموز المشهورة في بعض الحضارات القديمة وتم رصدها من خلال الأختام المكتشفة في جزيزة فيلكا، وضمن هذا السياق ذكر السعيد أن ثمة رموزاً تكررت عبر الأختام، ومنها رمز الإله آن إله السماء وكان يرمز له بالجهات الثمانية ويعد أشهر رمز له علامة «دنكر» وتعني عند السومريين الفكرة، أما الإله الآخر فكان أنليل ورمزه عبارة عن مثلثين متقابلين أو فأس. وأضاف السعيد: «وكان إله آخر يدعى (أنو) وهو إله السماء أما (إنانا) فإلهة القمر، و(إنكي) إله الماء والحكمة والإنارة ويرمز له بالماء والسلحفاة، و(أوتو) إله الشمس ويرمز له بالصليب».

واستطرد السعيد في الحديث عن رموز الإله الشهير في الحضارة السومرية الذي ارتبط مع الإلهة إنانا وقصتهما الشهيرة في النزول إلى العالم السفلي ثم يتطور اللقاء بينهما إلى عادة سنوية يطلق عليها عيد «الأكيتو».

بعدئذ، عُرض عبر جهاز البروجكتر مجموعة أختام تظهر فيها مربعات متنوعة ومختلفة العدد، وقال السعيد إن هذه المربعات أو الشبكة يكثر عددها أو يقل وفقاً لأمور دقيقة كانت معتمدة في ذلك الوقت وليست مجرد شكل فني، إذ يعتمد على اتساع الشبكة أو صغر حجمها إلى الرمز العددي للإله، وهذا التأويل خاضع لدلائل وبراهين تاريخية ومعتقدات دينية لا يمكن تجاهلها.

وبشأن تفسير بعض الرموز الأخرى في الأختام، أوضح السعيد أن «العقرب كانت إلهة الأمومة عند السومريين فهي الحب المطلق، وأذكر أني في صباي شاهدت نساء فيلكا وهن يتباركن في العقرب ولا يخشنها».

سكان فيلكا

وفي ما يتعلق بسكان فيلكا القدماء، أكد السعيد أنها كانت تضم 3 شعوب ويتحدرون من الأموريين  والآراميين والكنعانيين أو الساميين، لافتاً إلى الأموريين كان عندهم الإلهة مارتورم التي يرمز لها بالغزالة أو السارية وفقاً لهذا المعتقد، لأنها هي إلهة الأرض والعالم السفلي والبادية والكتابة والبرية، وكانت هذه الإلهة تتجسد في نصب حجري لا في تمثال لأن الأموريين يعتبرون الحجر خالدا إلى الأبد.

ثم شرح السعيد أحد الأختام التي يظهر فيها ثور وهو رمز الإله مارتو ويرمز له أيضاً بالطائر أما الأشيبو فهو الكاهن المعني بتقديم القربان، معتبراً أن بعض الأختام المكتشفة في فيلكا تتكلم عن العائلة من خلال تقديم بعض الرموز، وفي أختام أخرى يظهر رمز الإله «إنزاك» إله الكتابة وموقع الخضر في فيلكا، ثم اكتُشفت أختام فيها رأس العزال وجسم أفعى وهو رمز الإله أدد أو متارتو، ومن اللغة الأخرى إيكو ويعني باللغة السومرية الخندق وربما جاءت تسمية إيكا أو إيكاروس منها.

وعن مدلولات الأختام الأخرى، أوضح أن بعضها يرصد حالات متنوعة للثور وهي الهدوء والثورة ثم الاستفرار، كما يوجد في الختم ذاته نقوش تدل على تقلبات الطقس والدورة الشمسية وتحولات القمر، وفي معبد «إنزاك» في فيلكا تكثر هذه النوعية من الأشكال.

عن المفردات البابلية التي تم تداولها ضمن اللهجة المحلية، مفردة «كلكشي» الشخص الذي لا يعتد بكلامه، لأنه ربما يضع الإنسان في مأزق لا تحمد عواقبه، وكلمة «كلك» في اللغة البابلية تعني القارب، لكن هذا القارب له صفات إذ يستخدم مرة واحدة ويسير مع تجاه الهواء فقط، وحينما يبلغ الركاب مرادهم يقومون بتفكيكه لأنهم لا يستطيعون استخدامه مرة أخرى، وبذلك تفسير المعنى ينطبق مع المفردة المتداولة محلياً.

وشدد السعيد على أن الأختام التي يعثر عليها مدفونة تحت الرمال كان القدماء يقدمونها كهدايا للأم أو للأرض تعبيراً عن امتنانهم وشكرهم.

ثم فتح باب النقاش، وطرح الحضور مجموعة استفسارات حول مضمون المحاضرة والقراءة الفنية للأختام الممزوجة بالبعد الديني والمعتقدات الاجتماعية، وبدوره، تساءل الشاعر محمد صرخوه عن فكرة دفن الأختام للتواصل مع الآخر أو الأم، بينما انتقد الباحث شهاب عبدالحميد الشهاب الفصل بين البعد الديني والموروث الثقافي في عملية فك رموز المكتشفات الأثرية.

الملتقى في ضيافة العجيري

اقترح الدكتور صالح العجيري استضافة المحاضرات التي ينظمها ملتقى فيلكا الثقافي في بيته بدءاً من المحاضرة المقبلة، مشيداً بما يتناوله الكاتب محمد السعيد عبر قراءاته وحديثه عن إرث فيلكا الحضاري والثقافي والاجتماعي، معتبراً أن هذه الجلسات تساهم في التعريف بالإرث الإنساني.

وكانت المحاضرات السابقة أقيمت في مطعم الساحة بمنطقة بنيد القار منذ تأسيس ملتقى فيلكا الثقافي مع بداية عام 2014، واقتصرت أنشطته على محاضرة شهرية تتناول تاريخ جزيرة فيلكا التي تضم الكثير من الكنوز.

back to top