الحركة الروائية في الكويت هي الأكثر تطورا ونشاطا مقارنة ببقية الأجناس الأدبية الأخرى، وهي مازالت تعمل منفردة لا تصاحبها حركة نقدية إلا بعض الاحتفالات البسيطة والعروض الصحافية التي تبدو خجولة أمامها لغياب النقد الأكاديمي الجاد. لم يصاحب الحركة الروائية الكويتية الشابة نوعا ما مدارس نقدية تهتم بالجوانب السوسيولوجية والتحليلية النفسية، وذلك بسبب الفجوة الكبيرة بين النقد الإبداعي والحركة الإبداعية. تأتي أغلب الكتابات النقدية للعمل الأدبي من أبناء الكتابة الإبداعية ذاتها. وهي قراءات يسيرة يتداولها كتاب الرواية غالبا بينهم في زوايا صحافية لا تسمح بمنح مساحات أرحب في التحليل والمراجعة لعمل من الأعمال المهمة التي تصدر كل عام لكتاب الرواية في الكويت.

Ad

هذه الحالة ألقت على الجيل الروائي الأقدم نسبيا مهمة التصدي للعمل النقدي والارشادي، لدفع الجيل الشاب للاستمرار في كتاباتهم الابداعية. كأننا نعيش حالة شيخوخة النقد وتراجعه إن لم يكن انعدامه تماما مقابل حالة فتية وشابة تصدر كتاباتها دون الالتفات لغياب لهذا النقد وانحسار مدارسه. وإن كانت المؤسسة الأكاديمية لا تستطيع بحال من الأحوال أن تخلق موهبة روائية فهي على العكس بإمكانها أن تخرج لنا جيلا من النقاد الأكاديميين ودارسي أدب بإمكانهم مواكبة تطور العمل الابداعي الذي يكثر فرسانه يوما بعد يوم.

قد يتصور البعض أن العمل الابداعي لا يحتاج الى حركة نقدية موازية تتفاعل معه وتدعم تطوره وتنقله من حالة الى أخرى، وان الرواية عمل مقروء يتناوله القارئ بينما الكتب النقدية هي كتب جامدة صعبة لا يقبل عليها القارئ إن لم يكن كاتبا أو متخصصا. ونحن هنا لا نطمح بكتب نقدية كاملة وانما بتفعيل الممكن في المطبوعات المتوافرة في الكويت والتي تصدرها المؤسسة الرسمية. وقبولنا بأقل ما يمكن في الوقت الراهن أملا في تهيئة الوقت المناسب لانشاء وزارة ثقافة تضم مؤسسات وروابط العمل الثقافي وتعمل على إنشاء مجلة ثقافية متخصصة، وهو طموح تستحقه الكويت بعد هذا التاريخ الطويل من المسرح والتشكيل والشعر والرواية.

هذه المطبوعات التي يمكن لها أن تسد الفراغ النقدي هي مجلة العربي ومجلة الكويت ومجلة البيان التي تصدرها الرابطة. تستطيع هذه المجلات تخصيص مساحة للنقد سواء كان الناقد دارسا أكاديميا متطوعا أو مكلفا يقدم له كل شهر كتابا روائيا أو شعريا لبحثه نقديا ونشره في المجلة. نحن على ثقة بأن هناك مجموعة من نقادنا الكويتيين أو زملائهم العرب على استعداد للقيام بذلك. وعلى القائمين على هذه المطبوعات المبادرة باتجاه هذه الأسماء وعدم الاحتجاج علينا بأن أحدا لم يتقدم لهم.

الخطوة الأخرى في سبيل الاهتمام ان ترصد جائزة أو مكافأة لأفضل عمل نقدي كما هو الحال في جوائز القصة والشعر اذا كنا نؤمن فعلا بانتشار حركة نقدية تواكب أعمال كتابنا الذين نمتدحهم دون أن نقدم لهم ما يليق بهم. ما يحدث الآن هو عمل مخجل تجاه نتاجنا الابداعي، ويستطيع أي قارئ أن يحصر عدد المقالات النقدية الأكاديمية لأي عمل ابداعي ليرى كم هي فقيرة تقترب من الصفر في كثير من الأحيان.

السؤال الذي كان بودي أن أسأله على استحياء: هل لدينا في كليات الآداب قسم دراسات أدبية له مخرجاته؟