أين أخطأ أردوغان؟!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
كان هذا البزوغ بمنزلة استجابة إلهية لدعاء رجب طيب أردوغان ليلة القدر، إذ أصبح بطلاً قومياً وبطلاً إسلامياً بسرعة البرق، وتعززت مكانته عندما تبنى القضية الفلسطينية، وعندما غادر وبنزقٍ وانفعالٍ شديدين منصة الخطابة في دافوس عام 2009 احتجاجاً على الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، وعندما اتخذ أيضاً ذلك الموقف الذي اتخذه عندما هاجم الإسرائيليون إحدى سفن المساعدات إلى الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة. لقد تصرفنا جميعاً، حتى بما في ذلك باقي ما تبقى من الماركسيين والعلمانيين، بعد بزوغ هذا النجم التركي، الذي ارتفع بسرعة، على أساس أنَّ هذا هو الذي نريده ونسعى إليه بعد تجارب أشد مرارة من مرارة الدكتور منيف الرزاز مع حزب البعث، وبعد أن خسرنا الرهان على التيارات العروبية القومية، وعلى التيارات الشيوعية، وعلى "الإسلامويين"، الذين أثبتوا أكثر من ألف مرة، لا مرة واحدة، أنهم لا يختلفون عن غيرهم، وأنهم دعاة حكم وليسوا أصحاب رسالة... لقد شعرنا أنَّ هذا الشاب الذي يشبه سهماً منطلقاً من قوسٍ مشدودة الوتر هو الذي سيصحح مسيرة الإسلام السياسي، وهو الذي سيعيد تركيا إلى مجالها الحيوي الحقيقي والفعلي.لكن وبكل أسف فإن كل هذه الآمال وكل هذه المراهنات قد انهارت دفعة واحدة عندما فاجأنا رجب طيب أردوغان وفاجأ نفسه وزملاءه في حزب العدالة والتنمية وفاجأ أيضاً كل من راهن على أنه سيأتي بما لم تستطعه الأوائلُ، وأثبت أنه مجرد "إخواني" مغلفٍ بأوراق ناعمة، وأنَّ مرجعيته هي الشيخ يوسف القرضاوي، وأن مثله الأعلى هو محمد مرسي، وأنه عندما أغلق سماعة الهاتف في وجه الرئيس المصري (المؤقت) عدلي منصور لم يدرك أن هناك فرقاً كبيراً بين مصر العظيمة وبين حزب الإخوان المسلمين... وأن القضية الفلسطينية ليست لا إسماعيل هنية ولا خالد مشعل... وأيضاً ولا المرشد العام محمد بديع.ما كان على رجب طيب أردوغان أن يرتكب هذا الخطأ القاتل، بل كان عليه أن يقف في منتصف الدائرة لا في طرفها، وألا ينحاز إلى الإخوان المسلمين بهذه الطريقة التقليدية التي إن كانت تلائم بعض الإسلامويين المتحزِّبين فإنها لا تلائم إطلاقاً رئيس وزراء دولة محورية ورئيسية... لقد كان المفروض أن يلعب رئيس الوزراء التركي دور الوسيط بين "الإخوان" وبين الحكم المصري الجديد، وليس دور الحزبي الضيق الأفق... لقد كان عليه أن يكسب مصر كلها لا أن يضع كل بيضه في السلة "الإخوانية"، وأنْ يواصل حربه الإعلامية والسياسية على المشير عبدالفتاح السيسي ويعتبر حركته، التي هي حركة جيش مصر والتي جاءت استجابة لرغبة أغلبية شعب أرض الكنانة، انقلاباً عسكرياً يجب أن يبقى يقف له بالمرصاد!.