منذ أن انقسم الرأي العام حول المشاركة والمقاطعة بعد صدور حكم المحكمة الدستورية المثبت للصوت الواحد في العام الماضي كان لنا رأي حينها بأن المشاركة في الانتخابات رغم سوء النظام الانتخابي أفضل نسبياً من المقاطعة، خصوصا في ظل غياب الرؤية أو البرنامج الذي ترمي له المقاطعة.

Ad

والأفضلية النسبية للمشاركة لم تكن تعني أبداً أن المجلس سيحول الكويت إلى جنة الله في الأرض أو أن تزدهر الكويت بين ليلة وضحاها أو في أربع سنوات، بل إنها أفضل من المقاطعة بلا هدف، وقد كررت في أوقات سابقة إلى متى ستستمر المقاطعة؟ وإلى الآن لا مجيب؛ لأنني أعتقد أنه أكثر الأسئلة صعوبة بالنسبة إلى المقاطعين الكرام.

على أي حال ها قد مر عام تقريبا على المجلس الجديد بمقاطعيه ومشاركيه، وما زال بعض المقاطعين بلا هوية حقيقية للإصلاح الفعلي، فبعض الكلمات أو الأوراق المقدمة دون آلية تنفيذ واضحة وممكنة لا يعد إصلاحا بلا شك، ومتابعة أعمال المجلس الحالي أملا في الوصول إلى هفوات نيابية أو حكومية تؤجج الرأي العام لا تعد إصلاحا، أيضا بل مجرد رد فعل وقتي، والمكوث في العالم الافتراضي "تويتر" وتوابعه ومتابعة من يتفق معهم في الرأي ليشعروا بأنهم كثر لن يتعدى كونه افتراضيا أيضا.

أما على صعيد المشاركين فقد شهد هذا المجلس، شأنه شأن مختلف المجالس السابقة، هفوات وأعمالاً منجزة أيضاً، وهنا يكمن الفرق، أما على صعيد الهفوات فتتمثل بإقرار بعض القوانين بعلاتها ومشاكلها الدستورية والقانونية، وكذلك عدم وجود آلية واضحة للتعاطي مع أداة الاستجواب الرقابية، وهو ما سبق أن تطرقنا له في مقال سابق، أما من ناحية الأعمال المنجزة والجيدة فهناك قوانين مثل قانون هيئة النقل، والتي تلخص مسؤولية الطرق في جهة واحدة بدلاً من تقاذف المسؤوليات الحاصل اليوم دون حلول، وقانون المعاملات الإلكترونية المتطور والمميز جداً والذي سيساهم فعلاً في تقليل سطوة البيروقراطية في الكويت، بالإضافة إلى التعديلات على قانون حماية المستهلك الذي يوفر ضمانة جيدة للمستهلك أمام محاولات الغش التجاري، بالإضافة إلى الاستثمار بالأندية الرياضية الذي يحقق عوائد جيدة للأندية تسهم بكل تأكيد في رفع مستوى الرياضة، وقريبا بإذن الله إقرار القانون الأهم وهو حق الفرد في اللجوء المباشر للمحكمة الدستورية، وهو الضمانة الفعلية لكل مواطن من ألا تنتهك حقوقه الدستورية إن جارت الأغلبية على تلك الحقوق.

كل النقاط السابقة تثبت أنه بعد عام من المقاطعة والمشاركة علو كعب من قرر المشاركة على المقاطعة، فعلى الرغم من المثالب فإن ما تم إنجازه في الداخل أكبر بكثير من التفرج بالخارج.

مجدداً لا يعني كلامي الرضا عن كل ما يحدث بالمجلس وتلك هي طبيعة الأشياء، ولكني على قناعة تامة بأن محاولة الإصلاح من الداخل أفضل وأجدى من "التطمش" من الخارج.

خارج نطاق التغطية:

دراسة مميزة قدمها الأستاذ حسين العبدالله حول المثالب القانونية والمخالفات الدستورية لقانون هيئة الاتصالات، أتفق مع كل ما ورد فيها، وأتمنى من أعضاء المجلس الالتفات إلى تلك المثالب والمخالفات وتقويمها.