مواقف الرقابة نحو الأفلام... دعاية إيجابية؟
بين الرفض والتعطيل والحذف
مرّت مجموعة من الأفلام المطروحة في دور العرض راهناً بمشاكل عدة مع الرقابة استمرت سنوات كالرفض، والتعطيل، والمطالبة بحذف بعض المشاهد، من بينها {لا مؤاخذة} الذي رُفضت فكرته في عام 2009 بحجة أنه يزيد الفتنة الطائفية، ويبرز تصرفات غير موجودة في المجتمع المصري، ما أجبر مؤلفه ومخرجه عمرو سلامة على إجراء تعديلات في السيناريو. ولكن رُفض رغم حصوله على منحة دعم من وزارة الثقافة في مصر، وظل سلامة في هذه المعركة حتى حصل على تصريح العرض أخيراً.
مرّت مجموعة من الأفلام المطروحة في دور العرض راهناً بمشاكل عدة مع الرقابة استمرت سنوات كالرفض، والتعطيل، والمطالبة بحذف بعض المشاهد، من بينها {لا مؤاخذة} الذي رُفضت فكرته في عام 2009 بحجة أنه يزيد الفتنة الطائفية، ويبرز تصرفات غير موجودة في المجتمع المصري، ما أجبر مؤلفه ومخرجه عمرو سلامة على إجراء تعديلات في السيناريو. ولكن رُفض رغم حصوله على منحة دعم من وزارة الثقافة في مصر، وظل سلامة في هذه المعركة حتى حصل على تصريح العرض أخيراً.
يقول عمرو سلامة إنه لا يهتم بمدى تأثير موقف الرقابة السابق على الدعاية لفيلمه {لا مؤاخذة} بقدر اهتمامه بأن قراراتها كانت مجحفة لأنها عطّلت مبدعاً عن تنفيذ مشروعه، ورغم ذلك نفذ ما يريده في النهاية، وتمنى ألا يتكرر ذلك في المستقبل، وأن تختفي الرقابة في حد ذاتها، ويتناول المبدع أي موضوع يريد مناقشته بحرية.إلى جانب {لا مؤاخذة} يحضر فيلم {الخروج من القاهرة} الذي انتهى منه القيمون عليه قبل عامين وشارك في مهرجانات عدة، ومع ذلك لم توافق الرقابة عليه إلا منذ أيام قليلة. يرى منتجه شريف مندور أن الضجة التي أثارتها الرقابة على العمل لا يمكن اعتبارها دعاية إيجابية أو سلبية، مضيفاً أن البعض قديماً كان يستخدم هذه الوسيلة في الترويج للفيلم وإثارة الجمهور ودفعه إلى مشاهدته، لكن في هذه الأيام يتخوّف الصانعون من خوض معركة مع الرقابة، أو وضع لافتة {للكبار فقط} على العمل.
وتابع أن الجمهور أذكى من أن يجذبه رفض الرقابة أو تعليقها ليقرر دخول العمل المثارة حوله ضجة إعلامية أو رقابية، إضافة إلى أن ردود أفعال المشاهدين حول الفيلم يتناقلها الجمهور بعد أول يوم عرض، وبالتالي إذا كان الفيلم غير جيد، أو يتضمن مشاكل نصية، أو أن الدعاية ليست لها علاقة بجودته، سيعزف عنه المتفرج تماماً بغض النظر عن أي أمور أخرى.وأكد أن القيمين على جهاز الرقابة أكثر تفهماً مما كانوا عليه منذ سنوات، ولديهم نظرة منفتحة إلى المشاكل التي تطرحها الأفلام، لذا يؤيد الرقابة في منعها المشاهد الجنسية الصارخة، والألفاظ غير المستحب استخدامها بشكل طبيعي في السينما المصرية وفقاً لعادات وتقاليد المجتمع، وفي الوقت نفسه يعترض على وقوفها ضد الفكر عموماً.وذكر مندور أن رئيس الرقابة في مصر أحمد عواض اقترح تغيير شكلها لتصبح {بعدية} لا {قبلية} على السيناريو أو الفكرة، وإنما على نتيجة العمل النهائية، ومحتواه أيضاً، إضافة إلى ضرورة تصنيف الفيلم العمري.إصرار المخرج كذلك وضعت الرقابة مجموعة من الملاحظات حول فيلم {أسرار عائلية}، وطالبت المخرج هاني فوزي بالالتزام بها، ولكنه رفض ذلك وتمسك بموقفه، مؤكداً أنه إذا تم حذف هذه المشاهد سيحدث خلل في العمل.وصرّح منتج الفيلم د. إيهاب خليل أن الدعاية التي تقدمها الرقابة برفضها أو تعطيلها لأحد الأعمال السينمائية لا يشترط بالضرورة أن تكون إيجابية، موضحاً: {حقق {أسرار عائلية} إيرادات تقل كثيراً عن توقعاتي في شباك التذاكر بسبب الدعاية السلبية القوية التي وجهتها الرقابة نحوه؛ إذ تخوف مشاهدون كثر من الذهاب لمتابعته نظراً لما أشيع بأنه يتضمن مثليين، ولا أملك أي وسيلة يمكنني استخدامها لمناهضة هذه الدعاية سوى دعوة المنتقدين إلى مشاهدته ليتضح إليهم العمل وفكرته، وأنه يشمل قصة درامية، ويمكن لأي فرد متابعته حتى إذا كان لا يعاني هذا المرض، ولا يعرف صديقاً يعانيه}.ولفت خليل إلى أن بعض دور العرض رفض ضم الفيلم إلى مجموعة الأفلام المعروضة لديه تخوفاً من أن يقال بأن هذه الصالات تروج لقيم مرفوضة مجتمعياً، وتتم بالتالي مقاطعتها، لذا تكبد خسارة فادحة جراء رفضها، واضطر إلى وضع النسخ الغالية التي طبعها خصيصاً لهذه الدور في صالات لم تحقق له المبالغ التي توقعها.كذلك عبَّر عن استيائه من السماح بعرض أفلام تجارية من دون وقوف الرقابة حائلاً أمامها، ومنع أخرى تناقش مواضيع وظواهر اجتماعية مهمة، لذا لم يستجب لملاحظات الرقابة، واكتفى بحذف جزء من الشتيمة التي يوجهها اللص إلى الشاب المثلي لبيان نوعية السُباب الذي يُوجه إلى هذه الفئة.وكشف خليل عن غضبه أيضاً من امتناع كثيرين عن مشاهدته رغم أنه يحتوي على دراما إنسانية رائعة، وهذا هو رأي غالبية المتفرجين الذين ذهبوا لمتابعته متوقعين بعض الألفاظ أو المشاهد الخارجة، وهو ما لم يجدوه، مشيراً إلى أنه حتى الإعلاميين الذين أجروا لقاءات مع صانعي الفيلم كان لديهم هذا التصور، ومن بينهم وائل الإبراشي الذي اشترط قبل استضافتهم في برنامجه {العاشرة مساءً} أن يشاهد العمل قبل لقائهم كي لا يُقال بأن برنامجه يقدم دعاية للشواذ، ولكنه تأثر به وأكد على عدم وجود مشاهد تستحق هذه الضجة، كما هي الحال مع {لا مؤاخذة} الذي قيل بأنه يثير الفتنة الطائفية، ومع ذلك دخله كثير من المسيحيين لأنه يعبر عن قضيتهم، وهو وأصدقاؤه منهم.كذلك قالت الناقدة حنان شومان إن موقف الرقابة نحو مختلف الأعمال السينمائية قد يمثل دعاية سلبية أو إيجابية، وهذا لا يعني إلغاء دور الرقابة ووظيفتها كي لا تؤثر سلباً على العمل، إضافة إلى أن فكرة الدعاية في حد ذاتها غير واردة لدى القيمين على هذا الجهاز أثناء تقييمهم لأي فيلم.وأشارت إلى أن كثيراً من الأفلام التي واجهت مشاكل مع الرقابة لم تحمها الكتابات عن الخلافات في الإعلام والصحافة من الفشل لأنها كانت غير جيدة، موضحة أنها كانت عضواً في لجان خاصة داخل الرقابة لإبداء رأي استشاري حول الأعمال المتقدمة، وكانت ترى أن الضجة المثارة حول كثير من هذه الأفلام سببها أنها سيئة ودون المستوى فعلاً. وأكدت أن هذه المناقشات لم تعد مؤثرة على المشاهدين سلباً أو إيجاباً، ولا على عُمر الفيلم، وحتى إن حدث ذلك فيكون خلال أول بضعة أيام، وحينما يكتشف المشاهد أن العمل غير جاذب لا يشاهده، ويخبر معارفه بذلك.وذكرت شومان أننا تخطينا مرحلة أن يؤثر رفض الرقابة أو تعنتها نحو بعض الأعمال على إيرادات الأخيرة وجماهيريتها، وأننا تجاوزنا فكرة أن الممنوع مرغوب التي كانت منتشرة بكثرة في فترتي الثمانينيات والتسعينيات، كذلك الحال بالنسبة إلى أفلام المهرجانات وطوابير المشاهدين عليها لأنها تعرض من دون قطع أي أجزاء منها.