«نفط الخليج»... مشاريع متعثرة ومواجهة مع الشركات القوية

نشر في 08-07-2014 | 00:04
آخر تحديث 08-07-2014 | 00:04
No Image Caption
تحوم أسئلة واستفسارات عدة حول وضع شركة نفط الخليج، ومن أبرزها: لماذا لا يتم الكشف عن أسباب عدم تنفيذ المشاريع الرأسمالية فيها؟ وما أوضاع العاملين الكويتيين فيها؟ ومن لديه القدرة على وقف هدر الأموال؟ وهل سنرى تحركاًَ قريباً لتحسين أوضاعها ووقف الهدر فيها؟

لغز.. غموض.. غياب للشفافية، كل هذه الظواهر اجتمعت في شركة نفط الخليج، التي تأسست عام 2002 وتتولى إدارة حصة الكويت من الثروات الطبيعية في المنطقة المقسومة بين المملكة العربية السعودية والكويت برا وبحرا.

فبعد التصريح الاخير للرئيس التنفيذي للشركة علي الشمري، في الملتقى السنوي للقطاع النفطي، كانت هناك لغة الاستنجاد والاستعانة بمؤسسة البترول الكويتية والشركات التابعة لاعانته ودعمه لان لديها شركاء اقوياء «شيفرون» برا و»ارامكو الخليج» بحرا. فهل هذا الاستنجاد هو ابراء لذمة رئيس الشركة في حال تعثر المشاريع، ورمي الكرة في ملعب «مؤسسة البترول» ووزارة النفط الكويتية؟

علما انه حينما اراد التصريح طلب عدم التحدث حول حقول الخفجي، وهو ما يؤكد ان هناك مشاكل تعانيها الشركة مع الشريك السعودي، خاصة وان «الجريدة» نشرت قبلها عن خلافات بين الطرفين حول صيانة جميع حقول الخفجي والانتاج الحالي منه صفر.

ومن مشاهد غموض الشركة استمرار عدم بدء منطقة عمليات الخفجي في تنفيذ بعض المشروعات الرأسمالية المعتمدة منذ فترات طويلة بلغ عددها 40 مشروعا ويرجع بعضها الى عام 2006 ولم يتم الصرف عليها حتى نهاية السنة المالية 2011 وقد بلغ اجمالي قيمة تلك المشروعات 3.483.719.679 دولارا اميركيا وتتضمن ما تم اعتماد صرفه للسنة المالية الحالية والبالغ 402.719.679 دولار اميركي.

اضافة الى استمرار تدني نسب الانجاز لبعض المشروعات الرأسمالية التي يرجع بعضها الى السنة المالية 2007، مما ادى الى تحمل المنطقة لاعباء مالية كبيرة وتأخر الاستفادة من هذه المشروعات في العمليات الانتاجية.

غموض هجرة النفط

كما استمر مسلسل الغموض في الشركة المتمثل في عدم اتخاذ الاجراءات اللازمة للحد من هجرة النفط من حقول المنطقة الى حقل السفانية في الجانب الآخر، ويرجع ذلك إلى عدم البدء في تنفيذ المشروعات الرأسمالية المعتمدة منذ فترات طويلة وتدني نسب الانجاز في بعضها وتدني تنفيذ خطة حفر الآبار، حيث لم تتم موافاة ديوان المحاسبة بما طلبه في كتابه رقم «kjo/2012/09» المؤرخ 19/1/2012 بخصوص كميات النفط المهاجرة من حقول المنطقة الى حقل السفانية بالجانب الآخر والدراسات الخاصة بتقييم ظاهرة هجرة النفط ووضع الحلول المناسبة للسيطرة عليها في السنة المالية 2011.

يذكر ان الديوان سبق ان اشار إلى ذلك في تقاريره للسنوات السابقة وأفادت الشركة في حينه ان الجهود لاتزال مستمرة لفتح باب النقاش مع الطرف الآخر لعمل دراسة مشتركة يتم من خلالها تقييم ظاهرة الهجرة النفطية ووضع الحلول المناسبة للسيطرة عليها.

الاحتياطيات النفطية

كما تستمر الشركة بعدم الاستفادة من الاحتياطيات النفطية الموجودة بمكامن حقلي اللولو والدرة على الرغم من صرف مبلغ قدره 40.300.000 دولار اميركي على تنفيذ مشروع المسح الزلزالي خلال عامي 2007 و2008 والقيام بتنفيذ العديد من الدراسات منذ فترات بعيدة ترجع إلى عام 1963 والتي ثبت من خلالها وجود احتياطيات نفطية.

الا ان الشركة، وتحديدا في موضوع حقل الدرة لديها خطط لتطويره، حيث تم الانتهاء من دراسة تطوير حقل غاز الدرة واعداد التصاميم الهندسية لآبار الانتاج التطويرية في فبراير 2012 كما تم عرض ومناقشة الجدول الزمني لخطة الحفر والانتاج لحقل غاز الدرة للجهات المختصة لدى الطرفين في ابريل 2012، كما تم شراء المعدات والمواد المطلوبة لحفر آبار حقل الدرة، ومن المتوقع البدء بحفر اول بئر في سبتمبر 2012، على أن يكون انتاج الغاز الحر من حقل الدرة في نهاية السنة المالية 2015، الا ان هذا الامر لا احد يعرف عنه شيئا بسبب غياب الشفافية.

والغريب في امر الشركة انها مناصفة بين الطرفين في كل شيء حتى اعداد العمالة ومع ذلك هناك استمرار في تدني نسبة القوى العاملة الوطنية في منطقة الخفجي حيث بلغ عددهم 696 موظفا حتى نهاية السنة المالية 2011 وبنسبة 37.5 في المئة من اجمالي القوى العاملة في المنطقة والبالغ عددهم 1855 موظفا في حين ان عدد القوى العاملة للطرف الاخر بلغ 1069 موظفا وبنسبة 57.6 في المئة من جملة القوى العاملة. هذا الامر يؤكد ما ذهب اليه رئيس الشركة من ان لديه شريكا قويا وانه يحتاج الى من يسانده.

فوضى الأوامر التغييرية

وفي ما يتعلق بالملاحظات التي شابت الاوامر التغييرية اشار تقرير ديوان المحاسبة الى ان الشركة قامت باصدار العديد من الاوامر التغييرية بتكلفة تمثل نسبة كبيرة من قيمة بعض العقود بلغت في احداها 2424.9 في المئة.

وذكر التقرير ايضا ان الشركة قامت باصدار اوامر تغييرية لتمديد عقود سارية لفترات طويلة مقارنة بمدة العقد الاصلية وصلت في احداها الى 39 شهرا.

كما قامت الشركة بالغاء 11 مناقصة بعد دراستها وطرحها واعتمدت بالموازنات الرأسمالية السابقة وذلك قبل ترسيتها اما للرغبة في التمديد للمقاولين الحاليين او لعدم تحديد المواصفات الفنية بدقة ووضوح تلك المناقصات!

اما الملاحظات التي شابت كثرة التوقفات غير المخطط لها لاجهزة الحفر في المنطقة فكانت على النحو التالي:

- كثرة التوقفات غير المخطط لها لاجهزة الحفر في المنطقة خلال السنة المالية 2012 حيث بلغ اجمالي عدد ساعات التوقف 6.458.5 ساعة مما ادى الى ضياع فرصة زيادة ساعات الانتاج والذي يعكس بدوره اجمالي الانتاج للمنطقة في نهاية السنة المالية 2012، واورد الديوان بيانا يوضح امثلة على ذلك.

- استمرار كثرة توقفات الانتاج غير المخطط لها في حقلي الخفجي والحوت في المنطقة نتيجة اعطال فنية ادت الى انخفاض الانتاج بكميات بلغت 5.075.285 برميلا خلال السنة المالية 2012 حسب خطة الانتاج، واورد الديوان بيانا يوضح امثلة على ذلك.

الوفرة والمستشار التركي

نشرت «الجريدة» الشهر الماضي خبرا مفاده أن شركة نفط الخليج وتحديداً في عمليات الوفرة المشتركة، أوكلت الكثير من المهام الحيوية لمستشار «تركي» له صلاحيات في اتخاذ القرارات وتوقيعها، وأن سنه فوق الـ60، ويمثل الشركة في عدة لجان، أهمها لجنة العقود ولجنة العمليات المشتركة ويتخذ قرارات مع الجانب السعودي وله كل الصلاحيات في إيقاف المشاريع. وهذا الامر يثير العديد من الاسئلة: ما اسباب الاستعانة بشخصية غير كويتية وتجاوزت السن القانونية في مثل هذه المهام؟ وهل الشركة او الكويت تفتقر الى الكفاءات في هذه المهام؟

وعودة الى تصريح الرئيس التنفيذي الذي أكد أن الاتفاقيات الحالية في منطقة العمليات المقسومة بالوفرة، والتي تم توقيعها عامي 1956 و1960، لا ترقى إلى طموح وتحديات العمل في الوقت الراهن، مبيناً أن أساليب العمل تغيرت، والتكنولوجيا المستخدمة في الصناعة النفطية تطورت، وتحتاج إلى تطوير تلك الاتفاقيات، بالاستعانة بمؤسسة البترول الكويتية ووزارة النفط ووزارة الخارجية.

ومن مظاهر مشاكل عدم تحديث الاتفاقيات بين الطرفين مشروع الغمر بالبخار لمكمن الايوسين الثاني، والذي يعمل فيه الطرف الثاني «السعودي» على الرغم من عدم موافقة الشركة على المرحلة الثانية والخاصة بعمل خدمات الاعمال الهندسية الاولية للمشروع ومرافق ومنشآت المشروع الاختباري وذلك لعدة اسباب منها اسناد اعمال الدراسات الهندسية من الجانب الآخر الى احدى الشركات الاجنبية خلال الفترة من يوليو 2010 وحتى ديسمبر 2011 دون اخذ موافقات الشركة! وعدم قيام الجانب الاخر بتزويد نطاق اعمال الدراسات الهندسية الاولية للشركة، كما قام الجانب الآخر بتنفيذ الاعمال في عام 2010 على الرغم من عدم وجود ميزانية معتمدة لها حيث تم اعتماد الميزانية في عام 2011.

مكامن الوفرة

يذكر ان المكامن الموجودة في الوفرة تختلف عن مثيلاتها في الكويت، فمكمن الوفرة ناضب ووصل الى مراحل الشيخوخة وعملية تنشيطه صعبة جدا، ويتطلب التدخل بالغمر بالبخار، حيث تم استنفاد جميع البدائل والوسائل لانعاش المكمن، وما تبقى الا البخار ولا يمكن التوسع اكثر فيه لأن هناك مخاطر من ناحية الإنتاجية والربحية والمشاكل الفنية اليومية. وتكلفة المشروع قد تتعدى 100 مليون دولار.

بعد هذا العرض حول وضع شركة نفط الخليج، التي يضخ فيها الكثير من الاموال، لكن لا احد يعلم كيف تدار، ولماذا لا يتم الكشف عن اسباب عدم تنفيذ المشاريع الرأسمالية منذ عام 2006 وحتى عن وضع العاملين الكويتيين فيها؟ فمن لديه القدرة على وقف هدر الاموال عبر بوابة «نفط الخليج»؟ وهل سنرى تحركا قريبا من الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية الذي كان يوما ما قيادياً سابقا لهذه الشركة، اضافة الى رئيس سابق هو احد اعضاء مجلس الادارة الحاليين؟

back to top