في تطور لافت على الساحة العراقية بل الإقليمية، سقطت مدينة الموصل في محافظة نينوى شمال البلاد بيد «داعش» بعد اشتباكات محدودة تبعها انسحاب الجيش والشرطة بطريقة مفاجئة من المدينة، ما دعا الحكومة العراقية إلى إعلان حالة إنذار قصوى مطالبة البرلمان بإعلان حال الطوارئ.

Ad

سقطت مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق والواقعة في شمال البلاد عن سلطة الدولة أمس، وباتت تحت سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، في حلقة جديدة من مسلسل الهجمات التي شنها التنظيم في الأيام الأخيرة، والتي بدأت بمهاجمته مدينة سامراء في محافظة صلاح الدين، ومن ثم الهجوم الأول على الموصل وتبعه هجوم على جامعة الأنبار في مدينة الرمادي، بالاضافة الى سيطرة التنظيم على مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار.

ويمثل سقوط الموصل في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة حدثا استثنائيا بالنسبة الى الوضع الأمني في العراق بشكل عام لما تحظى به هذه المدينة من أهمية استراتيجية، نظرا لحجمها ولموقعها القريب من إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية العراقية إن «مجموعات من المسلحين سيطرت على مبنى المحافظة وعلى القنوات الفضائية وبثوا عبر مكبرات الصوت أنهم جاءوا لتحرير الموصل، وأنهم سيقاتلون فقط من يقاتلهم»، مضيفا أن «أفراد الجيش والشرطة نزعوا ملابسهم العسكرية والأمنية وأصبحت مراكز الجيش والشرطة في المدينة فارغة». وأكد أن المسلحين أطلقوا سراح مئات السجناء من سجون المدينة، مشيرا إلى أن «مدينة الموصل أصبحت خارج سيطرة الدولة وتحت رحمة المسلحين».

وقال ضابط رفيع المستوى في الشرطة برتبة عميد، إن الهجوم «بدأ، واستمرت الاشتباكات والقصف، في حين بدأ سكان المدينة بالنزوح عنها صوب إقليم كردستان»، مضيفا أن «جميع القطعات العسكرية التابعة للفرقة الثانية خرجت الى خارج المدينة».

وأكد أن «الموصل كلها باتت تحت سيطرة إرهابيي داعش عبر انتشار وفراغ أمني كبير وانتشار لمئات المسلحين»، لافتا إلى أن «مقر قيادة عمليات نينوى ومبنى المحافظة ومكافحة الإرهاب وقناتي سما الموصل ونينوى الغد والدوائر والمؤسسات الحكومية والمصارف بيد داعش، وقد تم اقتحام سجون الدواسمة والفيصلية وبادوش وتم إطلاق سراح مئات المعتقلين».

المالكي

في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي أمس، حالة الإنذار القصوى في عموم العراق، وطالب البرلمان بإعلان حالة طوارئ لمواجهة تنظيم «داعش».

وقال المالكي في مؤتمر صحافي عقده في بغداد، إن «الحكومة قررت إعلان حالة الإنذار القصوى في العراق»، مطالبا البرلمان بـ»عقد جلسة عاجلة لإعلان حالة الطوارئ في البلاد من أجل مواجهة تنظيم داعش الإرهابي».

وشدد المالكي على ضرورة «أن تؤيد الأمم المتحدة العراق»، مؤكدا «أهمية أن تقوم دول الجوار بضبط حدودها ومنع تسلل الجماعات الإرهابية وقطع خطوط إمدادها بالسلاح». ودعا المالكي الوزارات كافة الى «رعاية الأسر المهجرة»، كاشفا عن أن «مجلس الوزراء اتخذ قرارات بإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتنظيمها وتسهيل عملها وإعادة رسم الخطط اللازمة لعودة تطهير نينوى من شر ورجس الإرهابيين، فلن تطول هذه المعاناة».  كما طالب رئيس الوزراء «بالتعبئة والاستنفار الشامل لكل القدرات السياسية والمالية

والشعبية لدحر الإرهاب، وإعادة الحياة إلى وضعها الطبيعي بالمناطق التي استولى عليها الإرهابيون في الموصل أو في أي مدينة أخرى يوجدون فيها»، مؤكدا أن «مجلس الوزراء يشيد بهمة المواطنين وأبناء العشائر للتطوع وحمل السلاح الذي أعلنوه من خلال استعدادهم من أجل الدفاع عن الوطن ودحر الإرهاب والإرهابيين، وعلى الجهات الرسمية دعم هذا الاستعداد واتخاذ الإجراءات الكفيلة بوضعه موضع التنفيذ».

وشدد على أن هناك عملا جديا وجادا من قبل الأجهزة الأمنية والقيادات العسكرية لتقييم المرحلة التي مضت، متوعدا بمحاسبة الذين قصروا أو تخاذلوا عن أداء مهامهم.

ورد «داعش» على بيان المالكي معلناً النفير العام.

النجيفي

إلى ذلك، قال رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي أمس ان «كل محافظة نينوى سقطت في أيدي المسلحين»، مضيفا أن «المسلحين يتوجهون الى محافظة صلاح الدين لاحتلالها».

ودعا النجيفي خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد الى أن «يكون هناك خط تصد قوي جدا ومساهمة شعبية جماهيرية مع القوات المسلحة للتعاون الكامل للقضاء على هذه المجاميع المجرمة التي اجتاحت العراق وبدأت تحتل المدن العراقية الكبرى».

وأضاف أن «التعاون مطلوب، ولا بد من تجاوز الخلافات هذه الأيام، لأن هناك غزوا خارجيا للعراق، وهذا يتطلب وحدة وطنية تصل الى مستوى التحديات»، مشيرا الى أنه «من المؤمل أن يكون هناك اجتماع عاجل للقيادات السياسية للخط الأول في البلد».

وأوضح: «تكلمت مع السفير الأميركي، وطلبت منه أن يكون للولايات المتحدة دور، ووعد ببحث الأمر بصورة مستعجلة» من دون أن يحدد طبيعة هذا الدور.

وأكد النجيفي أن سقوط الموصل بيد «داعش» يهدد السلم في الشرق الأوسط.

وذكر أنه أجرى كذلك سلسلة اتصالات مع عدد من قادة دول العالم «لحشد الدعم والتأييد الدولي للعراق في حربه ضد الإرهاب».

أما في ما يتعلق بطلب المساعدة من قوات البشمركة الكردية، قال رئيس البرلمان «إنه أمر ضروري لأن العمليات تجري على الحدود المشتركة وسيهاجم إقليم كردستان إذا لم تجر مساعدة بتنسيق عال».

إلى ذلك، أفاد مصدر أمني أمس، أن 34 شخصا قتلوا وأصيب 52 آخرين بجروح في تفجير استهدف مشيعي الأستاذ الجامعي الذي قتل أمس الأول، شرق بعقوبة مركز محافظة ديالى.

(بغداد - أ ف ب، د ب أ،

رويترز، كونا)