صور الألمانيّة جيزيل فروند... اللون أقرب إلى الحياة

نشر في 08-06-2014 | 00:01
آخر تحديث 08-06-2014 | 00:01
يُقام في أكاديمية الفنون في برلين في ألمانيا معرض لأعمال المصورة الفوتوغرافية الألمانية جيزيل فروند (1908 ـ 2000) بعنوان {مشاهد فوتوغرافية وبورتريهات} في أكاديمية الفنون في برلين ويستمر حتى 10 أغسطس. وفيه يحضر التصوير كونه أحد الوسائل المؤثرة بشدة في عقولنا.
جيزيل فروند واحدة من رواد التصوير الفوتوغرافي الملون وهي تعتبره  {أقرب إلى الحياة}. ومن بين مواضيعها بورتريهات لجيمس جويس وسيمون دي بوفوار وجان بول سارتر وجان كوكتو وفريدا كاهلو وفالتر بينامين وبورخيس مارغريت يوسنار، واندريه مالرو الذي اشتهر بصورة يظهر فيها بنظراته الثاقبة وشعره المتطاير والسيجارة في فمه. التقطت هذه الصورة عام 1933 بعد نشره إحدى أشهر رواياته {مصير الرجال} التي فاز بها بجائزة {غونكور}، على أن إزالة السيجارة من الصورة القديمة تكاد تكون هواية في فرنسا. في أواخر 1990، عندما حاولت السلطات الفرنسية تكريم مالرو، استخدمت صورة فروند لكنها حذفت السيجارة كجزء من حملة وطنية لمكافحة التدخين.

عندما صوّرته الفنانة جان كوكتو كان يعتقد أن يديه تجعلانه هرماً، فالتقطت له صورة من الأعلى تظهر يديه إلى جانب وجهه، كذلك صورت فرجينيا وولف التي التقطت لها سلسلة من الصور الفوتوغرافية عام 1939 في شقة وولف في لندن. وقالت فروند عن وولف التي كانت في الثامنة والخمسين إنها {امرأة متحفظة بشدة ومحطمة} بسبب نُذر الحرب التي كانت تلوح في الأفق آنذاك. وكتبت وولف في يومياتها أنها وجدت أن الجلوس أمام الكاميرا لالتقاط بورتريهات {عملية مقيتة ومزعجة} وأنها طيلة الوقت لم تتوقف عن التدخين. وكانت فروند تقول: {حين أعرض على الناس صورهم، يقول لي كثيرون منهم: كل صورك يا جيزيل رائعة! إلا صورتي!. لماذا يقولون ذلك؟ لأني لا أغش أبداً، فحالما ينغلق مصراع الكاميرا لا أتدخل في أمر، أنت ترى في صوري كل شيء، حتى التجاعيد ولطخ البشرة}.

يضم معرض فروند 280 صورة وأغلفة مجلات استخدمت أعمالها الفوتوغرافية ورسائل كتبتها، من بينها صورة فرجينيا وولف وكلبها بينكا في شقتها قبل عامين على انتحارها.

ولدت فروند قرب برلين لعائلة يهودية ثرية. أهداها والدها كاميرا عند تخرجها في المرحلة الثانوية. في الجامعة، أصبحت عضواً فاعلاً في مجموعة طلاب اشتراكيين، واستخدمت التصوير كجزء من نضالها. درست علم الاجتماع في وقت لاحق مع نوربرت إلياس وتيودور أدورنو والبحث في تأثير التصوير على البورتريه. عام 1933، ناضلت فروند ضد صعود النازية واضطرت إلى مغادرة ألمانيا تجنباً للاعتقال. في باريس، واصلت دراستها ودعمت نفسها مع ريبورتاجات في عدد من المجلات وجذبت صورها وأطروحتها حول التصوير الفوتوغرافي والمجتمع، اهتماماً من المثقفين الباريسيين فالتقت الفنانة بكثير منهم وأصبحت لها نظرتها الخاصة في الصورة. وعام 1980 تخلت عن التصوير لمصلحة القراءة.

أصدرت جيزيل فروند الكثير من الكتاب حول الصورة واعتبرت أن أهمية التصوير في كونه ذا قدرة إبداعية فقط، ولكن في كونه إحدى الوسائل الأكثر تأثيراُ في تشكيل أفكارنا والتأثير على سلوكنا. تقول: {في الزمن الحاضر، الواقع تحت سيطرة البنية الإدارية، التكنوقراط، التي تهدف دائماً إلى خلق احتياجات جديدة، نجد أن صناعة التصوير اليوم هي أكثر الصناعات تطوراً، فالصورة الفوتوغرافية تجيب أكثر من أي شيء آخر على الاحتياج الملح للإنسان للتعبير عن فرديته، واليوم ورغم الإتقان الدائم التطور للحياة المادية، نجد أن الإنسان، الذي أصبح يشعر أقل فأقل بالاهتمام بلعبة الأحداث، قد تم إبعاده أكثر فأكثر إلى دور أكثر سلبية، لذا صار التقاطه صوراً فوتوغرافية يبدو له عملية إخراج لمشاعره، أي أنها تمثل له شكلاً من أشكال الإبداع. ولهذا فإن عدد المصورين الهواة يصل اليوم إلى مئات الملايين، ويميل عددهم إلى الارتفاع أكثر فأكثر}. وتضيف: {في عصر النهضة عندما كانوا يريدون وصف رجل بالذكاء، كانوا يقولون إن {له أنفاً}، وفي عصرنا ننعت الشخص الذي يعرف بالذكاء بأنه {صاحب عين}، إذ إن الرؤية هي الحاسة الأكثر إثارة، فالصورة سهلة الفهم ويستطيع الجميع إدراكها، وتكمن خصوصيتها في تأثيرها على قابلية الانفعال، وهي لا تسمح بأي فرصة لرد فعل ولا للتحليل مثلما يحدث فى النقاش أو قراءة الكتب. تكمن قوتها في فوريتها وفي خطورتها أيضاً، لقد ضاعفت للفوتوغرافيا الصورة آلاف المليارات من المرات، وبالتالي لم يعد العالم لغالبية البشر متخيلاً منذ الآن فصاعداً وإنما هو موجود ومرئي}.

back to top