محفوظ عبدالرحمن: الدراما المصرية تواجه حرباً للقضاء عليها

نشر في 19-06-2014 | 22:01
آخر تحديث 19-06-2014 | 22:01
فارق كبير بين كاتب بلا رؤية تقتصر نظرته إلى التأليف على أنه مصدر للربح فحسب، وبين كاتب بحجم محفوظ عبدالرحمن، أحد رواد الإبداع والثقافة. الذي تحدث إلى «الجريدة» عن المشاكل التي تواجه الكتاب والمؤلفين، مشيراً إلى أهمية تطبيق قانون حقوق الملكية الفكرية الذي يحقق الاستقرار النفسي للمؤلف ويدفعه إلى إتقان عمله والحفاظ على حقوقه المهضومة منذ سنوات.
لماذا ابتعدت عن الدراما التلفزيونية منذ أكثر من عام؟

ما يحدث الآن في الدراما المصرية محاولة للقضاء عليها، إذ تُنتج أعمال منحطة وبذيئة تعجب الناس، وهذه هي الخلطة السرية التي تدعمها الإعلانات الضخمة، الأشخاص والكيانات المسيطرة على الدراما حالياً وهي غير واعية ومنجرفة ومتجاوبة مع هذه الفكرة.

ما دور التلفزيون المصري في هذا المجال؟

أصبح لا حول له ولا قوة وتنازل عن دوره الذي بدأه في الستينيات، وظل محافظاً عليه حتى فترة رئاسة ممدوح الليثي لقطاع الإنتاج آنذاك، كان «ماسبيرو» ينتج أفضل الأعمال وأجملها، ووصل بمستوى الدراما العربية إلى العالمية، فقد قادت المسلسلات المصرية العالم العربي في الفن والثقافة سنوات طوال.

لماذا انحرف التلفزيون عن مساره؟

ابتعد عن الإنتاج بحجة ضعف موارده المالية وعدم توافر أموال كافية لذلك، ولو ركزنا قليلاً في هذا الأمر لوجدنا أن الأعمال الجادة والجيدة تدرّ ربحاً وفيراً. لكن السؤال الأهم هنا: أين تذهب أموال التلفزيون؟ تتخطى أجور موظفيه وحدها مليار جنيه سنوياً كما يعلم الجميع، فإذا كان العاملون بالمبنى يتقاضون هذا المبلغ ولا ينتجون، ثمة مشكلة يجب حلها فوراً لمعرفة المتسبب بهذه الكارثة، ولا بد من توفير موازنة بأي طريقة.

هل تطرقتم إلى هذه المشاكل أثناء لقاء الفنانين والمثقفين والأدباء مع الرئيس عبدالفتاح السيسي؟

أثرنا هذه المشاكل كافة خلال لقائنا معه قبل الانتخابات، وتفهّم مشاكلنا وأبدى تجاوباً، لا سيما في موضوع الدراما التلفزيونية وتأثيرها الإيجابي على المواطنين، ووعد بتذليل العقبات التي تعيق عمل المبدعين.

ثمة دول متقدمة درامياً أو سينمائياً تعتمد على القطاع الخاص وليس لديها تلفزيون حكومي من الأساس... لماذا لا نفعل الأمر نفسه؟

للأسف، أشعر بسوء نية القطاع الخاص، فهو ينتج أعمالا رديئة وسيئة المضمون ومن دون هدف، مقارنة بـ{ماسبيرو» الذي ينتج أعمالا رديئة لكنها غير منحطة. إلا أن النوايا الحسنة لا تكفي في العمل الفني، فقد أصبحت البيئة الفنية، في غالبيتها، متدنية، والمواد الهابطة تدرّ مزيداً من الإعلانات ومن ثم الأرباح.

هل توافق على منع عرض الأعمال التي تراها مسيئة لأخلاقيات المجتمع المصري؟

المنع إجراء غير لائق، خصوصاً عندما يأتي من جهة حكومية غير مختصة بذلك، كما حدث مع فيلم «حلاوة روح» على سبيل المثال. على الحكومة إنتاج أعمال جادة تجذب الجمهور من دون ابتذال، بعدما انساق المجتمع وراء أعمال يدعمها رجال الأعمال بإعلاناتهم، وأصبح فريسة لهم.

هل من الممكن أن تكتب عملاً حول أحداث الثورة المصرية خلال السنوات الثلاث الأخيرة؟

ثمة حالة غموض وأمور لم ندركها بعد ستُكشف مستقبلا، ولا يمكن معرفة الخريطة الحقيقية للأحداث الآن، وعندما تتاح لنا معلومات كافية لن أتأخر.

كيف يساعد الفن في نهضة المجتمع وعودته إلى الطريق الصحيح؟

شهدت فترة حكم الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، في ستينيات القرن العشرين العصر الذهبي للفن والثقافة ونهضة حقيقية. على المسؤول، سواء كان رئيس هيئة حكومية أو وزيراً أو رئيس جمهورية أن تكون لديه رؤية، ومن لا يتذوق الفن ولا يحمل أي رؤية هو عديم الثقافة، فدور الفن مهم في إنارة الطريق أمام المجتمع، وتسيّدت الدول الكبرى العالم من خلال الفن.

كيف ترى مستقبل مصر على المستويين الفني والأدبي؟

طبقاً للتسلسل الطبيعي والمنطقي للأمور، سيضمن لنا الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي مستقبلا فنياً لائقاً، وأعتقد أن البداية الصحيحة ستكون في مواجهة الإرهاب، بالإضافة إلى مشاريع اقتصادية. أنا متفائل بالمرحلة المقبلة رغم بعض القلاقل التي من الممكن أن تسببها جماعة «الإخوان» الإرهابية.

ما السمة الأساسية للفترة المقبلة؟

البناء بإذن الله، وستمضي البلاد في الإطار الذي نحلم به من إنجازات، ثم يأتي، بعد ذلك، الفن والإبداع والثقافة بعدما تكون الأمور قد استقرت، وأتوقع أن تكون وزارة الثقافة على مستوى الحدث ويتطور أداؤها.

ما أبرز مشكلة تواجه عملكم كمؤلفين وكُتاب؟

ضياع حقوق الملكية الفكرية، وهي أهم مشكلة على مدار تاريخ الفن المصري، فحق المؤلف مهضوم، منذ سنوات، رغم أن مصر وقعت اتفاقيات دولية تحتم عليها تنفيذ القوانين الداعمة، لا سيما أن الدستور الجديد يقر بضرورة الحفاظ على هذه الحقوق، فلو طبقت تلك الخطوة ستكون بداية لإصلاح كثير من المشكلات التي تعيق عمل المبدعين.

ما العائد المباشر على الأعمال الفنية من تنفيذ هذا القانون؟

سنرى أجيالاً من الكُتاب أكثر رقي منا، وسيشعرون بأن حقوقهم غير مهضومة بخلاف جيلنا. أعمل في هذه المهنة منذ 40 عاماً على الأقل، ولو سألني أحد الأشخاص عن وظيفتي ينتظر مني أن أقول له إنني موظف في إحدى الهيئات إلى جانب عملي كمؤلف، أو أعمل في وحدة محلية صباحاً ومؤلفاً مساءً، باعتبار أن التأليف والكتابة لا يعتبران مهنة من الأساس. لكن لو نفذ قانون حقوق الملكية الفكرية فسنجد أن الكاتب سيكون له أجر ثابت وسيتقاضى مبلغاً عندما يعاد عرض أعماله.

كيف يؤثر هذا الوضع عليه؟

سيدفعه إلى تقديم أعمال بأعصاب هادئة بهدف إمتاع المشاهدين، ولا يخشى من غدر الزمان أو يهتم بأن يؤمن حياته بعيداً عن الإبداع والكتابة، وسينصب اهتمامه بإجادة ما يكتبه ما دام مطمئناً على مستقبله ومستقبل عائلته.

back to top