الإعلانات ... بين الارتقاء بالفكر والهبوط بالذوق

نشر في 26-05-2014 | 00:01
آخر تحديث 26-05-2014 | 00:01
No Image Caption
كان الإعلان وسيظل مزيجاً بين العلم والفن، إبداع إنساني يصل إلى حد الإبهار أحياناً، فيتحكم بقراراتك ويشكل بنية تفكيرك، ومع دخول مصر استحقاقات انتخابية وشيكة، تمثل الإعلانات سلاحاً جباراً في تكوين قناعات الرأي العام، وتشكيل ملامح القرارات التي يريد المعلن من المتلقي أن يتخذها. ما هو واقع قطاع الإعلان والضوابط الواجب اعتمادها لتحسين وضعه؟
يرى الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز أن الحملات الإعلانية تؤدي دوراً في تغيير اتجاهات الجمهور حيال المرشحين، في المناسبات السياسية المختلفة، ولطالما استطاع الإعلام عموماً، والإعلانات خصوصاً أن يزيدا من حظوظ مرشح أو يحدا من حظوظ آخر، رغم كونهما ليسا اللاعبين الوحيدين في هذا الصدد.   

ويضيف: {ثمة نوع سيئ من الدعاية، يسمى {الدعاية الرمادية}، وهو تشويه أي من المرشحين للآخر، ما يشير بوضوح إلى تناغم بين السياسة الإعلانية والإعلانات السياسية.

وظيفة سياسية خطرة

 

يؤكد د. صفوت العالم، أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة، أن للإعلان توظيفاً سياسياً غاية في الخطورة، قد يمتد لتدشين أحد أصحاب وكالات الإعلان لفضائية تلفزيونية ضخمة، يبث من خلالها أفكاراً وتقارير بمعالجة إعلانية بحتة، لدعم وجهة نظر معينة، وهو ما تحقق على أرض الواقع في مصر بامتلاك أحد أباطرة الإعلان قناة تضخ إعلانات سياسية وأفلاماً قصيرة لدعم المشير السيسي .

يشدد العالم على ضرورة فتح نقاش عاجل لوضع آليات تلزم أصحاب القنوات الإعلانية بإعلان انتمائهم بشكل واضح، ويقول: {في دول العالم يفصحون عن ذلك ولا يتم خداع المتلقي الذي قد يفترض في فضائية ما الالتزام بالحياد في العرض والشفافية في التناول، أما في بلدنا فيفاجأ بانحياز واضح وتوجيه متعمد لرأي سياسي معين}.

يتابع: {يقع المصريون فريسة لانحدار مستوى الإعلانات التي تعرض عبر شاشاتهم، وفي مرحلة التحولات الضخمة التي يمر بها المجتمع المصري بأبعادها السياسية والاجتماعية والاقتصادية يعاني الناس من طغيان خطاب العواطف والغرائز على خطاب العقل}.

ضوابط واضحة

يطالب صفوت العالم بوضع «ضوابط واضحة» تلزم الإعلانات التي ستنشط في موسم رمضان المقبل، باحترام قيم وأخلاقيات المجتمع، مؤكداً لـ «الجريدة» أنه رغم ظهور أنماط جديدة في الإعلانات تعتمد على الابتكار والإبهار البصري، إلا أن المضون الإعلاني لا يراعي شرائح معينة كالأطفال أو المراهقين.

يضيف: «لا مبرر لاستخدام مصطلحات تخدش الحياء، ويتعمد البعض إدراج ذلك ضمن إعلانه ليصبح مثيراً للجدل، بالتالي يحقق انتشاراً وقتياً يحسبه نجاحاً، من دون أن يدرك السلبيات السيئة التي ترسخت في السلوكيات لدى المتلقين والمتابعين».

يتابع: «ظهرت أشكال من الإعلانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والبوابات الإلكترونية، لم تعرفها المطبوعات التقليدية من قبل، وهي جذابة ومؤثرة ولكن عليها ألا تقتحم المتصفح لتلك المواقع بأفكار أو معالجات فجة».

يلفت إلى أن «الإعلان يتأثر بشكل الدولة ومدى قوة النظام فيها، ولأن الأمور في مصر  تجري على مدى عقود بعشوائية، لا يلتزم المعلنون شروط حماية المستهلك ولا يحرصون على «منظومة القيم»، وهو ما لا نجده في دول الخليج، على سبيل المثال، التي تشهد أسواقها انضباطاً واضحاً وتعظيماً لسياسة حماية المستهلك».

وعي للمخاطر

يوضح الدكتور محمود خليل، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن ثمة قنوات تسعى إلى تحقيق أرباح صغيرة على حساب وعي الناس، وقد امتدّ ذلك للتأثير في صحتهم بشكل مباشر أيضا، مع ظهور قنوات متخصصة في العلاج من أمراض مزمنة، واصفاً إياها بـ{ساحة من الجدل» تظهرها شاشة ملونة.

يحذر خليل من استعمال الإعلانات لمفردات وألفاظ غير أخلاقية تؤدي إلى نمو قاموس لغوي لدى الأطفال والمراهقين، {خصوصاً أننا مقبلون على شهر رمضان، فتتدفق الإعلانات بين فواصل المسلسلات الدرامية بشكل مكثف، وهو ما أشارت دراسات علمية إلى خطورته وتأثير  مضمونها على شرائح كبيرة في المجتمع}.

أما د. حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام في جامعة القاهرة، فيشير إلى أن تقصير  التلفزيون المصري سمح للفضائيات الخاصة بإحداث حالة من الفوضى الإعلانية، وسط غياب لمنظومة قيم تراعي مجموعة محددات تمكن الإعلان من الدخول إلى البيوت بشكل آمن .

يضيف: {يتمتع التلفزيون المصري بخبرات فنية هائلة، ولديه بنية أساسية قوية، لكنه يفتقر إلى الجانب التسويقي وهو مهم جداً}، كاشفاً أن {القنوات الخاصة تقيم تحالفات لاحتكار السوق الإعلاني في غياب ضوابط لازمة لتنظيم الإعلام المصري عموماً}.

يتابع: {تؤدي البرامج والإعلانات التلفزيونية المنتشرة على الشاشات  إلى نمط سلوكي غير مرغوب فيه كالعناد، الانفعال والغضب، فقدان التفاعل الاجتماعي والتواصل الحواري، التقليد الأعمى في المأكل والملبس بشكل لا يتناسب مع مجتمعنا}.

يذكر أن مهنة مخرج الإعلانات  راجت في التسعينيات، وهو مسؤول عن اختيار فريق العمل والموديل الإعلاني ومهندس الديكور والمكان الذي سيصور فيه الإعلان بالتنسيق مع صاحب الفكرة أو «المبدع»، ويؤدي  المخرج الإعلاني دوراً بالتنسيق مع صاحب الفكرة، وتحت قيادته، لتنفيذ الفكرة الإعلانية بناء على رؤية المبدع.

يعتبر طارق العريان أقدم وأشهر مخرج إعلانات في مصر، ومن أبرز إعلاناته  {كنتاكي} و{بيتزا هت} (في التسعينيات). أما هادي الباجور  فهو أشهر مخرجي الإعلانات في الفترة الأخيرة، أخرج إعلانات: {ميرندا} و{بريل} و{حسين شوكت} المشهور بإعلانات فودافون، {اتصالات الإمارات} و{هيونداي}. أحمد المهدي الذي أخرج إعلانات {إيديال زانوسي} قبل أن تكون {زانوسي}. شريف عرفة المشهور بإعلانات {شيبسي}. محمد خشبة مخرج الإعلانات المصرية للاتصالات.

back to top