قيل إن الاتفاقية الأمنية الخليجية هي لحماية الأنظمة الحاكمة، ثم قيل إنها تهدف إلى تنسيق أمني عالي المستوى، وبالطبع أي خليجي مخلص سيرحب بهذين البندين، فكلنا نحب تلك الأنظمة الراقية ولا يحتاج هذا الحب والولاء إلى اتفاقيات أمنية أو غيرها، فولاؤنا لحكامنا لم تشبه شائبة والتاريخ خير شاهد، وأنظمتنا الحاكمة تعتبر الأرقى والأفضل في المنطقة. فالحب والرحمة والوفاء هو ما يربط حكام الخليج بشعوبهم  وهو دستورهم الحقيقي.

Ad

أما مسألة التنسيق الأمني فلا اختلاف حوله  فمصيرنا واحد، والأزمات تدمر دول المنطقة القريبة منّا والانتباه والفطنة في مثل هذه الظروف الملتهبة الدقيقة مطلوب ومهم جداً. أعلم أنه توجد بعض المشاكل الأمنية المعروفة في بعض دول مجلس التعاون إنما بالإمكان التعامل معها بطرق أخرى أوضح وأكثر فائدة.

قرأت الاتفاقية واقتنعت بأن من صاغها وكتبها كأنه كمثل "من أراد أن يكحلها فأعماها"! صياغة سيئة واضح أن من كتبها ضابط حقوقي وليس قانونياً مدنياً"! وأنا أقرأ الاتفاقية طرأ على بالي المثل الشعبي "جاك الذيب جاك ولده"!

اتفاقية ذات بنود عجيبة ومبهمة من كتبها وكأنه خائف من ظله، أتخيل كاتبها وهو يلتفت يميناً ويساراً اثناء كتابتها، ثم أضحك حينما سقط القلم من يده أثناء إحساسه وارتعاده وهو يلف رأسه وعيناه نابهتان!

المادة الثانية والثالثة والسادسة عشرة من الاتفاقية يجب أن يعاد صياغتها لأنها ببساطة إن أقرت فعلى الدستور الكويتي السلام، فتلك المواد تفرغه من محتواه وتجعله مجرد كلمات مرسلة لا تأثير فعلياً لها!

عندي قناعة كاملة باستحالة أن تقوم أجهزتنا الأمنية الكويتية بتسليم أي كويتي لمجرد اتهامه في دولة ثانية، فكرامة الإنسان الكويتي لا نقاش حولها وحتى أدق أكثر لا أظن أن السلطات الكويتية ستقبل ذلك.

لا أعلم بكواليس ما جرى في مجلس التعاون إنما إن كانت الحكومة محرجة أو تم إحراجها بهذه الاتفاقية، فأمامها حلان لا ثالث لهما؛ إما أن تسلم الاتفاقية إلى "مجلس الأمة" ويتم رفعها بعد ذلك إلى "المحكمة الدستورية" للنظر في دستوريتها، وإما إجراء استفتاء رسمي يصوت عليه الشعب بالموافقة أو الرفض عبر الصناديق. وأتذكر أن بريطانيا قامت بمثل هذا الفعل الحضاري لإقرار تبني اليورو كعملة موحدة بدلاً من عملتها الجنيه الإسترليني، وجاءت النتيجة بالرفض.

على الحكومة ألا تعرض شعبها  لمثل تلك الاتفاقيات السيئة الصياغة، ولعل القارئ يفهم ما أقصد، وهو الخصوصية الكويتية التي ستنتهكها هذه الاتفاقية، وأستغرب من وافق على هذه الاتفاقية من أعضاء مجلس الأمة! هل قرأوا الاتفاقية؟

على حكومتنا الرشيدة أن تتعامل مع الاتفاقية حسب قوله تعالى "وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان" سورة الرحمن- الآية (9).

أسأل الله أن يعين حكامنا على ما يحبه ويرضاه ويجعل بلادنا وبلاد المسلمين سخاء رخاء.