أعترف للمرة الألف أنه ليس عندي القنوات الفضائية العربية الشهيرة التي يتردد اسمها بكثافة، لكنني أملك بعضها التي أهمها قناة القرآن الكريم لمتابعة الصلوات في مكة المكرمة والمسجد النبوي... والخبراء منكم بالقنوات يعلمون أنها مجانية، عندي أسبابي الخاصة التي وصلت إلى حد أنني لا أثق بما تتناقله الفضائيات العربية أولا، ولأنني أتابع الخبر من مصدره الأجنبي وهو الذي تأخذ عنه تلك القنوات أخبارها وبالصور، هذا باختصار مقدمة للموضوع الذي أثارني للكتابة عنه اليوم. قبل حلول شهر رمضان المبارك وبحكم عملي (إصدار جريدة الصراحة العربية في كندا) فإنني قرأت بعض أخبار عن المسلسلات الرمضانية التي بدأ عرضها مع أول أيام الشهر الفضيل.

Ad

"صاحب السعادة" للفنان عادل إمام:

في علم السينمائيات إن صح التعبير أن الحلقة الأولى من أي مسلسل تكون مكثفة وتحمل أهم علامات المسلسل، بحيث يستطيع المشاهد أن "يخمن" الكثير من الأحداث مع الأخذ في الحسبان مفاجأت من المخرج.

هذا ما نعتقده من خلال خبرتنا المتواضعة في المتابعة للكثير من الأعمال العربية والأجنبية ومنذ الصغر، الأمر الذي جعلنا نكوّن رأياً هو مساهمة مع آراء الآخرين، وذلك بدعم من خبرتنا في عالم الفن التشكيلي والكتابة ومن خلال قراءتنا الخاصة لكل ما تقع العين عليه من أعمال فنية.

أخذني الفضول، ودون تكوين رأي مسبق حتى أستطيع الخروج برأي فيما أشاهد، وذلك بأن بدأت بمشاهدة الحلقة الأولى من "صاحب السعادة" للفنان الكبير عادل إمام "من خلال جهاز الكمبيوتر لأنني لا أملك القنوات التي تعرضه كما أسلفت لكم".

الذين شاهدوا الحلقة الأولى ربما لم يصابوا بخيبة كتلك التي أصابتني من المقدمة الطويلة للمسلسل والتي انفرجت عن المشهد الأول والبطل في فراشه بينما البطلة "لبلبة" عائدة بلباس الحمام "الروب الأبيض" بإيحاء جنسي مثير بعض الشيء تصاعد في الحوار إلى أن دخلت "الفياغرا" على الخط بما نطق به البطل وكل الذين شاهدوا الحلقة يعرفون ذلك!

الحوار ممل بين المجموعة الكبيرة من الممثلين الشباب والأطفال مما أفقد الحلقة الأولى "زخمها" التي قلنا إنها يجب أن تحمل التفاصيل الصغيرة التي تشير إلى بعض ما سيأتي من أحداث، ناهيك عن الألفاظ "السوقية" لعائلة يبدو عليها الثراء الفاحش دون أي تلميح لوظيفة "بهجت" الذي يقوم بدوره عادل إمام، والتي من المفترض أن تكون ألفاظها على مستوى عال ما دام بين الممثلين من يؤدي دور فنان موسيقي أو مذيعة... إلخ. تنتهي الحلقة الأولى دون أن تترك أي إثارة برغبة لمشاهدة الحلقة الثانية. ورغم أنني حرصت على مشاهدة الحلقة الثانية لعلني أجد جديداً فإن الموضوع كان أقل من تقليدي ومكرر وممجوج كثيراً، وهو يلمح إلى بعض الصور التي تحتاج إلى نقد أشبعته السينما والمسلسلات المصرية السابقة ومنذ سنوات نقداً ولكن بلا فائدة!  ومثال على ذلك الرسوم التي يدفعها المريض للمستشفى الاستثماري، وهذا مسمى حق الامتياز فيه للإخوة المصريين ومن بعدهم بدأ العرب باستخدامه حين عمت الحالة على الجميع!  فنان كبير وبخبرة عادل إمام ومعه بطلة قديرة هي الفنانة لبلبة، يسقط من الحلقة الأولى! ونعترف أن من حقه علينا أن ننتظر باقي الحلقات، لكننا كما أسلفت بأن الحلقة الأولى هي بمكانة "القانون" الذي ينظم باقي الحلقات وقد وصلتنا بالصورة التي قلنا فيها رأينا... ضعيفة البنيان!

 "العافور" للفنان حسين عبدالرضا

وكنا قبل شهر رمضان قد شاهدنا لقاء تلفزيونياً مع الفنان الكويتي حسين عبدالرضا، النجم الكبير صاحب الخبرة الطويلة، وقد تحدث عن مسلسله الرمضاني "العافور"، ويبدو أن هذا اللقاء كان إهداء له من تلفزيون دولة الكويت للإعلان عن المسلسل ولا غبار على ذلك، فهذا شيء عادي، لكننا تابعنا الحلقة الأولى وصدمنا أيضاً مثل ما صدمنا من "صاحب السعادة" من كلا الفنانين النجمين البارزين والعلامة المميزة في الحركة الفنية والمسرحية العربية.

التهريج التقليدي، والصراخ الذي عرف عن المسلسلات الخليجية وانتقل إلى المصرية، وقلة حركة الممثلين من مميزات الحلقة الأولى أيضا... هذا الأمر ونحن في الأيام الأولى يجعلنا نطرح تساؤلات: إلى أين يريد الأبطال الكبار أن يصلوا بجمهورهم الذي وثق بهم ورفعهم عاليا في مسيرتهم الفنية؟ هل انضم العمالقة إلى صفوف الصغار في اللهاث وراء القنوات (من يدفع أكثر)؟ وهل أصبحت العبارة الشهيرة "اللي مش عاجبه يقوم يروح!" هي المبدأ، وهي الجواب؟!

رفقا بالمشاهدين فقد أتعبتهم الأخبار وما تحمله من صور القتل والدمار والحروب، فلا تضاعفوا أيها الفنانون الضغط على أعصاب المشاهدين، وكل عام وأنتم بخير.

* كاتب فلسطيني- كندا