سخرة وعبودية... لبناء الهند الحديثة!
على حدود مدينة حيدر أباد جنوبي الهند، على الطريق السريع وسط مساحات خضراء تمتد عبر الأفق، تعلو الأدخنة متصاعدة من الأفران العملاقة التي تستخدم في تجفيف الطفل الطيني وتحويله إلى قوالب من الطوب لبناء "الهند الحديثة".حموضة الهواء المتشبع بسخام الفحم، تزكم الأنوف كلما اقتربت من المكان. المشهد يبدو خارج الزمن، رجال وسيدات يمشون في صف صعوداً وهبوطاً كمن يتسلق الهرم، يئنون من جراء حملهم الثقيل ويحتفظون باتزانهم تحت ثقل صناديق الطوب النيئ التي يحملونها إلى الأفران.
في الأسفل رجال بملابسهم الرثة يغوصون حتى ركبهم في المياه، حيث يمزجون الطمي بالطفل.يقول أحد العمال "من الصعب حمل قوالب الطوب بينما تغوص قدماك في الماء"، بينما يقوم بصب الطمي وتسويته داخل القوالب. ويضيف، "نقوم بعمل 1500 قالب طوب في اليوم الواحد، ولا يتم إطلاق سراحنا قبل ستة أشهر". ويقبع عدد من النساء والأطفال فوق تل قريب من هذا المكان أغلبهم حافي القدمين، وتمسك امرأة بيديها العاريتين معولاً لتكسير الفحم، بينما يقوم طفلان لا يتجاوز عمرهما السنوات الأربع بنفس العمل ضاربين قطعة فحم بأخرى حتى يلطخ وجههما السواد.يقول الناشط العمالي إيشالا كريشنا "كل ما يجري هنا يخالف القانون، عمالة الأطفال، التحرش الجنسي، الانتهاكات الجسدية... كل هذا يحدث هنا يومياً".وتستعمل قوالب الطوب في بناء المكاتب والمصانع ومراكز الاتصال، وكل المشاهد المعمارية التي تعكس معجزة اقتصادية ناشئة، كما بدأت الشركات العالمية متعددة الجنسيات تستخدم هذه المباني.وثمة تقارير كثيرة تفيد بحدوث انتهاكات من بينها تقرير يتهم مقاولي عمال بقطع يدي اثنين من العمال الأسبوع الماضي بعد أن حاولا الهرب.ويقول كريشنا إنهم "يعملون بين 12 و18 ساعة يومياً، ومن بين العمال يوجد أطفال، ومراهقات وسيدات حوامل. طعامهم قليل.