لا جدال إطلاقاً في أن المقصود من تسمية الإرهابيين بـ"الجهاديين" وبـ"الإسلاميين" هو تشويه للأكثرية الإسلامية، والمقصود هنا تحديداً أهل "السُّنة" الذين يتعرضون لانتقام طائفي تقوده الآن إيران، وينفذه هذا النظام السوري ومعه الشراذم المذهبية المستوردة من العراق إضافة إلى "حزب الله"... وإلا فما معنى أن يشرف مرشد الثورة الإيرانية تحديداً على حشد المتطوعين من الطائفة الشيعية، التي سنبقى نُكِنُّ لها الاحترام رغم كل هذا الذي يجري لأنها غير مسؤولة عنه كطائفة، من أفغانستان وباكستان وإرسالهم للقتال في سورية وذبح فئة معينة من أهلها هي "الطائفة" السنية.

Ad

والمشكلة هنا أن الإعلام، الذي يعرف حقيقة أن هناك تشويهاً قديماً وجديداً للإسلام كله من الغرب الذي تتحكم فيه عقدة حروب الفرنجة التي أعطاها هو اسم "الحروب الصليبية"، مستمرٌ في إطلاق صفة "الجهاديين" و"الإسلاميين" على "القاعدة" وتوابعه، وعلى "داعش" وأخواته، وحتى على "بوكوحرام"، وعلى ما يسمى "أنصار بيت المقدس"، وعلى العصابات الإجرامية التي اتخذت من سيناء المصرية في غفلة من الزمن قاعدةً لها، وهذا يعطي مصداقية لكل الذين يتعمدون، لأسباب كثيرة، إلصاق تهمة الإرهاب بالدين الإسلامي وبالأكثرية "السنية" التي تعتبر واجهة هذا الدين الحنيف وعماده.

والمؤكد أنَّ هذا "الإعلام" يعرف تمام المعرفة أنَّ أكبر ضربة وُجِّهت إلى الإسلام وتشويه صورته في العالم غير المسلم بصورة عامة وفي الغرب المسيحي بصورة خاصة هي الجريمة النكراء التي نفذها "القاعدة"، في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001، تحت غطاء عمامة أسامة بن لادن وعمامة أيمن الظواهري، وعلى أصداء هتافات بعض التنظيمات التي تدَّعي تمثيلها للدين الإسلامي الحنيف الذي لا يمثله إلا تعاليمه الإنسانية السمحة، التي تحض على أن "من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً".

والمؤكد أيضاً أن كل الذين يطلقون على "الإرهابيين"، على اختلاف تنظيماتهم ومنطلقاتهم، وإن بحسن نوايا، صفة "الجهاديين" و"الإسلاميين" يعرفون أنَّ هؤلاء الـ"بوكوحرام" في نيجيريا هُمْ أكثر مجموعة خزيٍّ وعار وعيب عرفها التاريخ، وأن ما يقوم به "داعش" بنسختيه السورية والعراقية، وكلتاهما نسخة إيرانية واحدة منقحة، لا هو "جهاد" ولا هو "إسلام"، بل جرائم مثلها مثل التي يقوم به الذين يسمّون أنفسهم "أنصار بيت المقدس"، وبيت المقدس بريء منهم، ومن الذين يقفون وراءهم والذين أعطوهم هذا الاسم لتسويغ هذه الجرائم التي تستهدف مصر وأبناء الشعب المصري، الذي كان ولا يزال في طليعة شعوب الأمة العربية والإسلامية في الدفاع عن بيت المقدس... وفلسطين.

إنه ظلمٌ لـ"الجهاد" ولـ"الإسلام" أن يسمى هؤلاء، الذين يدمرون ويذبحون الآن، إن في اليمن، وإن في مصر، وإن في العراق والجزائر والمغرب وليبيا، والذين ذبحوا ودمروا في الأردن والمملكة العربية السعودية وحتى في بريطانيا والولايات المتحدة وفي دول الغرب كلها، بـ"الجهاديين" و"الإسلاميين"، لذا يجب تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية فهذه المجموعات كلها من ملَّة واحدة، وهي ملَّة الإرهاب وسفك دماء الأبرياء بدون أي حق وبدون أي مبرر.

ولذلك في النهاية، فإنه لابد من مبادرة لإصدار وثيقة شرف تلتزم بها وسائل الإعلام العربية النظيفة والشريفة بعدم إعطاء صفة "الجهاديين" و"الإسلاميين" لكل هذه المجموعات المشبوهة التي ستثبت الأيام أنَّ منْ يقف وراءها إمَّا الجهل بالإسلام وبتعاليمه ومنطلقاته الإنسانية السمحة، أو جهات حاقدة تستهدف الأكثرية الإسلامية، وتعمل على تشويهها وإلصاق كل هذه الجرائم التي تُرتكب في هذه المنطقة وفي الكرة الأرضية كلها بها، لأسباب من المفترض أنها باتت معروفة ومفهومة.