كيف انبثقت فكرة فيلم {فيلا 69}؟

Ad

الإلهام الرئيس لفكرة الفيلم والشخصية المحورية التي جسدها الممثل خالد أبو النجا كانتا بوحي من المخرجة آيتن أمين؛ إذ أرادت تقديم فيلم يتمحور حول شخص مُصاب بمرض سيؤدي إلى وفاته في فترة قريبة.

وكيف تعاملت معها؟

بعدما فهمت تصور آيتن بدأت تخيّل شخصية حسين ووضع مقترحات، لا سيما أنها فكرت في جعل الأحداث تدور في مكان واحد ليسهل تنفيذ الفيلم إنتاجياً، وعندما انتهيت من كتابة الملامح عرضتها عليها، فأعجبت بالشخصية وتفاصيلها وطبيعة حياتها.

لماذا تغير اسم الفيلم من

{69 ميدان المساحة} إلى {فيلا 69}؟

 كان يفترض أن تدور الأحداث داخل فيلا في منطقة الدقي، لكننا لم نجد فيلا مناسبة للتصوير إلا تلك التي تطل على النيل، وبالتالي أصبح من غير المنطقي إبقاء الاسم كما هو، لأن ميدان المساحة يبعد عن النيل.

وكم استغرقت كتابة القصة والسيناريو؟

عامان، بداية من جلوسي مع آيتن للاطلاع على ملامح الشخصيات الرئيسة وحتى الانتهاء من الكتابة كلياً، لكننا توقفنا أكثر من مرة خلال هذه الفترة لأسباب منها: قيام ثورة 25 يناير، التظاهرات والاعتصامات التي قامت بعدها، إلى جانب ظروف سفري إلى الأردن، وانشغالي بكتابة قصص أخرى.

وهل واجهت صعوبة في مشاركة مؤلف آخر لك في الكتابة؟

لا، لأن المهام كانت محددة وموزعة بشكل دقيق بما لا يسمح بأي تداخل؛ فقد انضم المؤلف محمود عزت إلينا في مرحلة متأخرة في الكتابة، بين المسودة الخامسة والسابعة تقريباً، وتلخصت  مساندته الأساسية في تصميم القصة، وليس في الكتابة الفعلية.

كيف؟

 كانت لدينا مشاكل في القصة ذاتها، وكنّا بحاجة إلى شخص يعيد تصميم جوانب معينة فيها عبر رؤية خارجة عنّا؛ فيقرأها ويفككها، ويحدد ما يمكن حذفه أو إضافته إليها ليجعلها أفضل، وكانت هذه مهمة محمود التي أداها باستقلالية تامة. كنا نحدد له ما نريد تصميمه، ويبتعد لينفذه ثم يعود ليعرض علينا ما فعله.

كيف استطعت نقل الشخصية الرئيسة في الفيلم، أي حسين، من حياة سلبية إلى إيجابية؟

هو تحوّل درامي موجود ضمن  الفيلم؛ فمن المعروف أن أي شخصية درامية لديها انتقالات سلسة ما دامت لها مبررات كافية تسمح لها بالانتقال من النقطة {أ} إلى النقطة {ب} مثلاً. شخصياً، لم أبذل مجهوداً في هذه المرحلة، لأنني بذلته مسبقاً عندما كتبتها لتبدو حية وعادية يمكن أن تتحول من وضع إلى آخر.

رغم معرفة حسين باقتراب موعد موته فإن مشاعره نحو هذا الحدث متضاربة بين الخوف والتنكر له... ما الغرض من ذلك؟

بدا ذلك بوضوح عندما استيقظ على صراخ أحد الأشخاص في مستشفى مجاور لمسكنه بعد وفاة قريبه، مع ذلك يسخر من وفاته في ساعة مبكرة من الصباح. يتعايش المرء مع مرضه لفترة ولا يفكّر فيه لأجل صحته النفسية.

ولماذا قرر اعتزال الحاضر؟

لأن بعض هؤلاء الأشخاص كان لديه نوع من الاعتزاز والتقدير الذاتي، ويريد الحفاظ على صورته الأخيرة جيدة لدى الناس، ثمة أمثلة واقعية  لهذه الشخصيات من بينها: الفنان الراحل رشدي أباظة الذي بمجرد شعوره بأن صحته بدأت تتدهور ولم يعد بالشكل نفسه الذي اعتاده الجمهور قرر الاعتزال، وكذلك الحال مع الفنانة الراحلة سعاد حسني. ثمة فنانون تتحكم بهم الكبرياء والنفور من فكرة الظهور بغير ما عرفهم الناس به، لا سيما أنهم في الأساس بشر يخافون ويقلقون، وبالتأكيد يفكرون في الموت الذي لا أراه شعوراً مأساوياً لأننا جميعاً سنموت في النهاية، ولكن إذا فكرنا بأنه سيحدث في موعد بعينه سنُهمل حياتنا.

وهل هذا سبب تفضيل حسين العيش في ماضيه؟

هو لم يعش الماضي، ولا أريد الحديث عن هذا الخط الدرامي، وتقديم تحليل له لأترك لعقل المشاهد مهمة البحث عن تفسير، حسب وجهة نظره ورؤيته للمشاهد التي جمعت حسين بـ يسرا وصدقي وعماد، وأي رأي سيقوله المشاهد أؤيده لأنني شخصياً لا أمتلك تفسيراً متماسكاً لأفعالهم داخل القصة والفيلم، وإن كنت أرى وجوب حضورهم.

هل ثمة ربط بين أصدقاء حسين في صغره وأبناء شقيقته نادرة؟

لم أفكر بوجود رابط بينهم، ولكن إذا كان البعض شاهد ذلك فأعتبر {فيلا 69} نصاً مفتوحاً لأي متفرج يفهمه بالأسلوب والطريقة التي يراها ملائمة، الأمر الوحيد الذي لا أحب أن يحدث هو عدم استمتاع الجمهور بمشاهدته، لكن كيف يستقبله المشاهد، وما تفسيره لكل مشهد فهو حر تماماً في هذه النقاط.

وما تقييمك لهذه التجربة؟

أول أفلامي الروائية الطويلة؛ إذ كتبت قبله فيلمين قصيرين، وبالتأكيد سعيد بهما، إنما لا يمكنني تقييم عملي بأنه جيد أو على أفضل حال، والأمر أشبه بالأم التي لا يمكنها اعتبار أولادها سيئين.

هل خرجت الفكرة كما تخيلتها عند كتابتها؟

لا يجب تنفيذ السيناريو بحذافيره، لكنه نص يخضع لتفسير من الفنانين المشاركين في العمل؛ فأنا كتبت قصة {فيلا 69} التي بالتأكيد قام عليها الفيلم النهائي، لكنه ليس تماماً ما كتبته، وليس بعيداً عنه في آن؛ بينهما علاقة ملتبسة قليلا. عموماً، أنا راض عن الفريق الذي عملت معه.

وما سبب شعورك بالرضا نحوه؟

أثرى النص الذي كتبته، وجعله يظهر بشكل أفضل، وإن كانت ثمة إضافات في الحوار، ومشاهد كثيرة في الفيلم لم تكن موجودة في السيناريو، إنما خرجت من الفنانين في تمارين الارتجال، وأنا راضٍ عنها تماماً، وعن إسهامات المشاركين في الفيلم، من الصوت ومدير التصوير والممثلين والمونتاج والإنتاج والملابس والإخراج بالطبع... هذه العناصر خدمت النص وخدمها النص بدوره.

وما توقعاتك لعرض {فيلا 69} جماهيرياً؟

لا أعلم لأنني لا أفكر في أي أمر آخر سوى القصة التي أعمل عليها، وخروج الفيلم بأفضل شكل، عدا ذلك من نسب المشاهدة أو الإيرادات فهي أمور لا تعنيني، ولا تشغل تفكيري؛ فمثلا لم أتوقع جائزة لجنة التحكيم الخاصة بالعالم العربي التي نالها الفيلم في مهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي، وفي الوقت نفسه أود أن يحقق نجاحاً جماهيرياً، لكن إن لم يحدث ذلك لن أغضب لأنني راض عمّا قدمته.

وما جديدك؟

أعكف على كتابة قصة فيلم روائي طويل، إنما أتحفظ عن ذكر تفاصيله لأنني ما زلت في بداية كتابته.