أكد رئيس مجلس إدارة شركة «استدامة القابضة» ورئيس اللجنة المنظمة لمؤتمر البيئة الكويتية، الذي سيقام في 22 ديسمبر القادم خالد المطوع، أن حجم الاستثمارات التي من الممكن تنفيذها في المجال البيئي في الكويت يفوق ملياري دينار، مشيراً إلى أن عملية جذب المستثمرين الأجانب لهذه الاستثمارات سهلة جداً، لكونها مجزية، لكن الأمر يحتاج إلى تنظيم وتجهيز بيئة رقابية تساعد على تنظيم هذه الاستثمارات.

Ad

وقال المطوع في لقائه مع «الجريدة» إن «هناك العديد من النفايات الموجودة في الكويت من الممكن أن تكون مصدراً جيداً للطاقة والمواد البتروكيماوية، وذلك بإعادة تدويرها»، مشيراً إلى أن أبرز مشاكل البيئة في الكويت غياب التنسيق وضعف اتخاذ القرار ووضعه على سكة التنفيذ، محذراً من أن الكويت باتت على مشارف مراحل الخطر لاستفحال الأزمات والمشاكل البيئية.

واقترح المطوع إنشاء صندوق ملياري حكومي يركز على تمويل مشاريع إعادة تدوير النفايات، وكذلك تخصيص 20% من ميزانيته للتوعية من خلال المناهج الدراسية لتثقيف الأجيال القادمة، منوهاً في الوقت ذاته إلى أن الحكومات والبرلمانات السابقة لم تقم بالدور المطلوب بالاهتمام بالبيئة، «لكننا لا يجب أن نلوم أحداً ونقف عند

هذه النقطة، بل نتدارك

أخطاء الماضي، ونجعل المشاكل البيئية ضمن الأولويات تزامناً مع الصحة والتعليم والإسكان».

وأكد المطوع أن مؤتمر البيئة الكويتية سيضع الاقتراحات والحلول والتوصيات بشأن المشاكل البيئية الحالية ومن ثم يرفعها إلى سمو الأمير لتبنيها... وكان الحوار كالتالي:

- نريد التعرف على مؤتمر البيئة الذي أعلنتم أن فعالياته في 22 ديسمبر المقبل؟ 

* المتابع للتطورات الأخيرة يمكن أن يشفق على الوضع البيئي في الكويت، وهي الدولة الغنية ذات الثروات الباهظة، إذ يصل حجم الفوائض المالية فيها آخر عشر سنوات إلى ما يزيد على 260 مليار دولار، فمنذ عقد من الزمان تقريباً ونحن نجلد الذات في إبراز المشاكل والعقبات، وعمل الدراسات وطلب الاستشارات بملايين الدنانير، فضلا عن تشكيل اللجان ثم اللجان دون تلمس أي حلول ناجعة، ومنذ وقت طويل تراودني فكرة إطلاق مبادرة خلاقة من خلال مؤتمر علمي يضع الحلول ويرسم خارطة طريق لأسوء أزمة تهدد الكويت اقتصادياً وهي الأزمة البيئية. نريد ألا نصل إلى مرحلة التعقيد ونتحول إلى بيئة طاردة حتى للاستثمارات المحلية، ولذلك ما سيميز مؤتمر البيئة عن غيره أنه سيقدم الحلول والمقترحات وسنضعها أمام صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وطموحنا كبير وثقتنا أكبر بتحقيق تقدم من خلال رسم مسار واضح للقضاء على سلبيات بيئية تستفحل يوماً بعد آخر. 

 

- ما الخطوة التالية للمؤتمر لتنفيذ التوصيات والحلول الصادرة منه؟

* توصياتنا في المؤتمر ستشمل شرحاً للمشاكل بكل تفاصيلها وآليات حلها المقترحة، والتي نراها مناسبة وقابلة للتطبيق، كما أننا سنحاول أن نجعل جميع الجهات ذات الشأن، سواء الهيئة العامة للبيئة أو الهيئة العامة للصناعة أو البلدية أو الوزارات ذات الشأن، تشارك في توصيات هذا المؤتمر.

 

- ما الحلول التي تراها لمشاكل البيئة؟

* لدينا قطاع خاص فاعل ومبدع وخلاق في طرح المبادرات وعشرات المشاريع الناجحة تدلل على ذلك، ومن هذه القاعدة نحن على سبيل المثال في شركة استدامة القابضة نملك خبرات عملية وعلمية للمساهمة بشكل رئيسي في حل الكثير من المشاكل البيئية وتحويلها إلى فرص استثمارية رابحة، وهذا هو الفارق بين القطاع الخاص والإدارة الحكومية لبعض الملفات. 

 

فرص استثمارية

 

- ما الفرص التي يمكن أن تظهر من مجال كهذا؟ 

* هل تعلم الجهات الحكومية أنه بالإمكان انتاج النفط من بعض المخلفات التي تضر البيئة وتشكل ضراراً بالغاً على صحة الإنسان، وهي مخلفات بلاستيكية يمكن إعادتها إلى موادها الأولية، فهي أساسا مشتقة من مواد بتروكيماوية نفطية، ولن نذهب بعيداً، فدول عربية تملك تلك المصانع والتقنيات، وبإمكاننا كدولة نفطية أن نجلب تلك الصناعة من باب «سننظف البيئة من مخلفات سامة وضارة»، ومن طريق آخر نخلق فرصا استثمارية رابحة ذات قيمة مضافة وتخلق فرص عمل، ويمكن أن تجذب وتحفز الشباب إذا تمت رعايتهم وقدمت التسهيلات اللازمة إليهم. 

أيضاً مشاريع ضخمة كالطاقة الشمسية، هل يعقل أن تساعد الكويت بعض الدول بعطايا مليونية كبيرة ونحن في مؤخرة الركب، ماذا ينقصنا حتى نبدأ ونختصر الطريق، فهل يعقل أن نوقع عقودا بمئات الملايين لدراسات، وبإمكان خبراتنا العملية والعلمية وما نملكه من قطاع خاص على أعلى مستوى من الفنية والمهنية البدء الفعلي في هكذا مشروع!

أليس قطاع التدوير للنفايات والإطارات من المشاريع الاستثمارية التي يمكن التوسع فيها، لماذا نكدس الإطارات القديمة التي بالملايين وتشكل هاجسا لدينا والجميع شاهد الحرائق، أليست هذه قنبلة موقوتة وخطرا يمكن التخلص منه بأساليب اقتصادية مربحة!

 

- هل ترى التحول في ملف البيئة من مرحلة الأزمات والمشاكل أمراً سهلاً؟

* البيئة مسؤولية مجتمعية ووطنية، علينا أن نبدأ من الآن في الانطلاق نحو معالجة الخلل وفقاً للأولويات. لا يوجد مستحيل إذا ما نظرنا إلى حجم الإمكانات المتوافرة على أرض الواقع، ونحن في الدورة الأولى للمؤتمر نكرس شعار «بيئتنا ثروتنا ومسؤوليتنا». في خط موازٍ سنطلق استراتيجية التحول من الأزمات والمشاكل إلى التنمية الاقتصادية المستدامة والانتقال إلى مرحلة تنفيذية وفق خطة زمنية واضحة، مدعومة بالقرارات الجادة، وكذلك التشريعات القانونية لسد بعض الثغرات، والسير في اتجاه تغليظ العقوبات بالحبس والسجن بشأن بعض التعديات على البيئة.

 

أبرز المشاكل

 

- برأيك ما أبرز المشاكل التي تولد الأزمات البيئية؟ 

* أحد أبرز مشاكل البيئة في الكويت غياب التنسيق وضعف اتخاذ القرار ووضعه على سكة التنفيذ. نصل إلى نقطة التفاعل والتطبيق ثم نعود الى الوراء، وما أحذر منه أن الكويت باتت على مشارف مراحل الخطر لاستفحال الأزمات والمشاكل البيئية ما لم يتم الإسراع في وضع الحلول المناسبة، فآخر وأخطر تلك الأزمات مخلفات الاسبست المسرطن، فهل يعقل أن تكون الكويت واحدة من أسوأ دول العالم في التلوث البيئي وفق آخر تقرير أميركي صادر عن جامعتي يال وكولومبيا في الولايات المتحدة الأميركية!

 إن المذهل واللافت أن التقرير صنف الكويت أنها -إجرائيا- من أسوأ الدول في العالم أداء أيضاً في حماية البيئة أو تحسين جودة الطبيعة، وهذه كارثة في حد ذاتها، ونحن نعلم مسبقا أننا أمام تحد، لكن نتطلع إلى أن يكون مؤتمر البيئة نقطة التحول والارتكاز نحو خارطة طريق، تعيد تصحيح الأوضاع البيئية المقلوبة في بلد غني حباه الله بثروة طائلة، لا يستحق أن يكون الأسوأ بيئياً على مستوى العالم ويملك العقول والخبرات والطاقات اللازمة للنجاح، خصوصا أن استفحال الأزمات البيئية له آثار سلبية خطيرة على اقتصاد الدولة كلها.

 

حجم الاستثمار

 

- ما حجم الاستثمار في المجال البيئي؟

* أتوقع أن يتعدى حجم الاستثمار في المجال البيئي أكثر من ملياري دينار، لكونه سيسمح بالاستثمار في مجال الطاقة أيضاً، والعوائد التي من الممكن تحقيقها جيدة جداً، ومن شأنها أن توفر على الدولة الكثير، لكن في المقابل لا يجب أن يتم طرح هذه الاستثمارات والمشاريع دون أن يكون هناك نظم وقوانين ولوائح منظمة لها، ومن السهل على الكويت أن تقوم بتبني نماذج العمل والاستثمارات الموجودة في الدول الأوروبية وأميركا وغيرها من الدول المتقدمة في هذا المجال.

 

صندوق «بيئي»

 

- كيف سيتم تنفيذ الأفكار الموجودة؟ ومن المموّل لها؟

- أقترح إنشاء صندوق تساهم فيه الهيئة العامة للاستثمار، وكذلك «الأوفست» برأسمال مليار دينار، ويذهب 20% منه لتوعية الناس من خلال وضع مناهج دراسية في المدارس والجامعات وتدريس الطلبة وتدريبهم عليها، ويُصرف جزء من رأس المال على مشاريع تجريبية صغيرة تختص بإعادة التدوير وتحويل النفايات إلى موارد طاقة.

الآن مشاريع تدوير النفايات تساهم في إنتاج طاقة وغاز وطاقة كهربائية، وحجم النفايات البالغ 5 ملايين طن تقريباً يومياً، نستطيع من خلال إعادة تدويرها إنتاج طاقة كهربائية تكفي لمنطقة مثل منطقة مكة المكرمة بالكامل. ويجب أن نستفيد من تجارب الماضي، فإنشاء الصندوق ووضع لائحته الداخلية وتنظيماته ونظمه الأهم، حتى نبدأ العمل بشكل سليم دون أن نترك مجالاً للأخطاء التنطيمية كي تقع، وضمان عدم استفادة أطراف ما منه.

 

جذب المستثمرين

 

- ما مدى إمكانية جذب المستثمر الأجنبي للاستثمار في المجال البيئي؟

* حجم المشاكل البيئية الكبير يضمن توافد المستثمرين الأجانب على اقتناص الفرص هنا، لكن المطلوب هو رسم خارطة طريق الاستثمارات وتسهيل الإجراءات لقيامها، وتسهيل دخول المستثمرين الأجانب من خلال آليات تضمن سلاسة الإجراءات المطلوبة، وسن قوانين وتشريعات تدعم هؤلاء المستثمرين وحماية حقوقهم.

 

دور الحكومة والبرلمان

 

- كيف ترى دور الحكومة والبرلمان في الاهتمام بالملف البيئي ومشاكله؟

* لا نريد أن نلوم أحداً على ما حدث من مشاكل بيئية سابقة، فهي تتعلق بمجالس وحكومات سابقة، لكن يجب أن ننظر للمستقبل والاستفادة من أخطاء الماضي، حتى لا نكرر الوقوع في نفس المشاكل، ونريد تعويض ما تم إهداره في السابق، وهذا لا يأتي بمجرد الحديث عن الماضي وإلقاء اللوم على المتسببين فقط دون تخطيط للمستقبل.

 الاهتمام بالبيئة والطاقة الموجودة فيها قديم جداً، بدءاً من الدولة الرومانية إلى يومنا هذا، والاستفادة من الموارد الموجودة وقيام الصناعات التحويلية بأشكالها البدائية قائم حتى الآن.

وعندما أتت الثورة الصناعية أصبحت الحاجة ملحة لمعالجة التلوثات البيئية الناتجة عن الصناعة، وبدأت الدول المتقدمة في أوروبا وأميركا تعقد العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في هذا الشأن، وتم تحديد يوم عالمي ليكون خاصاً للبيئة، لإخبار الناس بأهمية المحافظة على البيئة ومعالجة المشاكل الناتجة عن التلوثات، وبدأت فعلياً عمليات إعادة التدوير للمخلفات والنفايات مع بداية الألفية الجديدة، وهذا ما يجعل عملية التنفيذ الآن أسهل من السابق، لكونها «قص ولزق» للمشاريع الموجودة حالياً.

 

- حدثنا عن «استدامة» وأعمالها الحالية؟

* «استدامة» ليست شركة كبيرة، ولا الظروف والإجراءات الحكومية تسمح بالنمو، نظراً لوجود العديد من العوائق، وبالتالي تقوم الشركة بدور المستشار أو «الموجّه» بالنسبة للمجال البيئي في الكويت، لكن ما نستند عليه هو استثماراتنا في الأردن، وهي عبارة عن مصنع يقوم بتحويل زيوت السيارات المستعملة والهالكة إلى مواد أولية، ونحن في طور تنفيذ خطة تهدف إلى تحويل هذه المواد الأولية إلى منتجات نهائية، والنتائج الآن ممتازة بالنسبة لنوعية الزيوت المنتجة والتي تنافس في جودتها الزيوت المنتجة دون إعادة تدوير، وهذا ما جعلنا نساهم في الحد من الأدخنة المسرطنة الناتجة عن استخدام العديد من المخابز والمطاعم هناك إلى زيوت مستعملة، نظراً لرخص ثمنها وبالتالي دخولها في الأطعمة نفسها، وساهمت الشركة بالحد من هذه الأدخنة عن طريق شراء هذه الزيوت المستعملة من المطاعم والمخابز.

كما أن مصانع الاسمنت تقوم بحرق الزيوت العادمة، من أجل تسخين كسارات الاسمنت وغيرها، وعن طريق إعادة تدوير هذه الزيوت ومن خلال تركيبة معينة، نستطيع تحويلها إلى وقود، وبالتالي نساهم في تقليل التلوث وتوفير منتج الوقود، فالشركة قدمت حتى الآن 5 كتب رسمية إلى الهيئة العامة للصناعة من أجل إقامة مثل هذه المصانع هنا، ويأتي الرد عادةً أن هناك تشبعا والعديد من المصانع -وهي غير موجودة أصلاً- بالإضافة إلى عدم وجود أراض لإقامة مثل هذه المصانع.

شراكات استراتيجية

قال المطوع إنه يدعو الشركات الكبيرة مثل «الصناعات الوطنية» وشركات الطيران، التي تحتوي على زيوت هالكة، وشركات الاسمنت وشركات الاستثمار وغيرها، التي تمتلك أراضي لإقامة مصانع عليها، إلى الدخول كشريك مع «استدامة»، لإقامة مصانع إعادة التدوير وتحقيق العوائد الإيجابية، سواء من ناحية الدولة والمجال البيئي، وكذلك خلق دخل إضافي لها.

دور الصالح والصبيح

قال المطوع إنه يقدر اهتمام وزير التجارة والصناعة أنس الصالح بمؤتمر البيئة ورعايته الرسمية له، الذي يعد حافزاً لاستكمال الطموحات، وكذلك مدير عام الهيئة العامة للصناعة المهندس براك الصبيح، حيث يسجل لهما الاهتمام والتفاعل مع قضايا البيئة بشكل خاص، والتشدد في الاشتراطات والمواصفات المطلوبة بيئياً من المصانع.

وأثنى المطوع على توجه الوزير الصالح وكذلك الصبيح برفض توطين أي صناعة على أي بقعة من أرض الكويت دون أن تكون مطابقة للمعايير الدولية البيئية، وبموافقة جهات الاختصاص ذات الصلة.

الديزل المهرّب

أشار المطوع إلى أن من ينافس «استدامة» في الأردن هو منتج كويتي، ونظراً لاتفاقية «بازل» التي تحرم تصدير الزيوت الهالكة إلى دول أخرى، فإننا قمنا بفحص هذا المنتج وتبيّن لنا أنه «ديزل مهرّب» ويتم تصديره على شكل زيت، دون وجود رقابة من مؤسسات الدولة هنا، وعلى رأسها الهيئة العامة للبيئة.

الكويت تحتاج من جميع المواطنين إلى نسيان ما فات، وفتح صفحة جديدة اسمها «التفاؤل»، من خلال مجلس الأمة والحكومة الجديدين، والأخطاء تنتج خبرة للخطوات المستقبلية، وأطالب بأن تكون البيئة ومشاكلها من أولويات الحكومة والمجلس مع الأولويات الأساسية للمواطن الكويتي من صحة وتعليم وسكن، نظراً لما لها من فائدة كبيرة على المدى الطويل.